إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

من هو الله بالنسبة لك

0 1٬404

يتكلم الجميع عن الله، وهناك من يؤكدون عليه وعلى أقواله وأفعاله.. ماذا تقول أنت؟ من هو الله بالنسبة لك؟ وما هو دليلك على وجود الله؟ فلنتعرف على أشكال الخبرات السائدة عن الله:

١. في مؤتمر سابق أقتضى البرنامج الاستيقاظ صباحاً والتوجه إلى شاطئ البحر للصلاة هناك. سبقنا أحد الشباب، استيقظ والجميع نيام وتوجه إلى مكان التجمع على رمال الشاطئ قبل الجميع. إنبهر بمنظر شروق الشمس على صفحة المياه الراكدة ذات الألوان المختلفة. استيقظت الطبيعة وعلا صوت العصافير على الأشجار القريبة في أبهي صورة ممكنة. تأمل الشاب هذه اللوحة الرائعة للطبيعة فشعر أكثر من أي يوم سابق أن الله موجود هو خالق السماء والأرض والكون وما فيه. تأكد إن هناك عقل وروح يديران العالم.. هناك خالق لكل هذا الجمال ويشرف عليه.

هناك من ينظر إلى الطبيعة ويدلل من خلالها على وجود الله. فلا يمكن أن الطبيعة بهذا الجمال والدقة وخُلقت بمحض الصدفة وحدها. هناك روح عاقل مسئول عن كل هذا.

أحد زملاء الشاب سأله يوما: “هل ترى الله من خلال الطبيعة؟”. أجاب الشاب: “طبعا، فالله ظاهر من خلال خليقته، هناك روح مسئول عن خلق وتنظيم هذا الكون البديع”. صديقه: “أنت ترى الله في الظواهر الطبيعة.. جميل هل رأيت الله في زلزال هايتي في عام ٢٠١٠ الذي أودي بحياة مائتين وثلاثين ألف نسمة، أم رأيته بصورة أوضح في فيضانات تسونامي في شرق آسيا عام ٢٠٠٤ الذي فُقد فيه أكثر من مائتين وستين ألف نسمة”.

الطبيعة جميلة ورائعة، لكن عندما تثور الطبيعة تُصبح مخيفة.. أن تنظر إلى صورة خروف صغير فأنت تجد الوداعة متجسدة به بصورة مذهلة.. لكن إذا تواجدت أمام حيوان متوحش مثلا كالأفعي أو الفهد فستغير فكرتك تماما.

٢. هناك من يؤكد على وجود الله من الناحية العلمية.. فالتعقيد الذي يظهر على كوكبنا على أن المصمم لهذا الكوكب قد صممه بعناية فائقة، حيث لم يخلق عالمنا فحسب، بل حافظ عليه أيضاً حتى اليوم. فمثلا تقع الأرض على مسافة ملائمة من الشمس، فإذا كانت أبعد قليلاً كنا سنتجمد جميعاً، ولو كانت الأرض أقرب قليلاً من الشمس كنا سنحترق. العلم أيضا يقول أن العقل البشري لديه مقدرة هائلة على معالجة المعلومات ويتسوعب جميع الألوان والأشياء التي تراها، درجة الحرارة من حولك، و وضغط قدميك على الأرض، والأصوات من حولك، وجفاف فمك، وحتى ملمس سطح لوحة المفاتيح. كما يستوعب العقلُ جميعَ عواطفك وأفكارك وذكرياتك ويعالجها. وفي الوقت نفسه، يحتفظ عقلك بسجلّ لوظائف جسمك المستمرة مثل التنفس وحركة الجفن والجوع وحركة العضلات في يديك. هناك إذن روح عاقل يدبر كل شيء وفقا لخطة محكمة.

لكن نطرح هنا السؤال: هل لابد أن نصبح جميعا متخصصون في علوم الفضاء أو باحثين لأجل أن نختبر قدرة الله ونعترف بوجوده. عندما تقع بين يديك صورة لتحاليل شخص ما، فأنت قادر على أن تعرف نسبة الأملاح والكلوسترول في دمه، لكن هل أنت قادر على أن تقول إنك تعرفه؟ ما إذا كان أسمر البشرة، نحيل طويل، شكل أبتسامته ولون عيونه؟ يمكن أن تتأكد من شيء من التحاليل الطبية، لكن هل يمكن أن تعرف الشخص ذاته.

يمكن للعلم أن يشرح بعض الأشياء، أستطيع الآن أن أشرح لكم أسباب الحادث الذي أدي لوفاة أطفال اتوبيس دهشور مثلا.. عيب بالفرامل، إنفجار إطار السيارة. لكن الشيء الذي لا يستطيع العلم أن يشرحه هو الحدث نفسه وتأثيره في المحيطين به. هل للعلم أن يقيس حجم الألم والحزن لأهالي الضحايا. لا ليس للعلم أن يحدد أن الله موجود أو غير موجود. هناك مشكلة أخري أن العلم يتغيير مع الزمن.. فالنظريات تتغير وتتبدل وما كان العالم يعتقده تغير الآن، كموضوع مركزية الأرض أم الشمس.

٣. يتواجد الله في عقلية البعض الذي يشعر أنه “ضعيف في هذا العالم القاسي”. يعيش الإنسان سنوات قليلة وبعدها الموت. لابد أن يكون هناك قوة أزلية منظمة لكل شيء. هذه الفرضية هي الأضعف لأنها لن تصمد أمام آراء الملحدين اليوم الذي يجاهرون بأنهم لايؤمنون بإله يستغل ضعف البشر. والحقيقة ليس هناك إله بهذه الصورة، هناك خوفك وعجزك فقط. والخوف هو الذي يدفعك للتفكير في البحث عن مصدر للحماية من المخاطر التي تحدق بك تجعلك تؤمن بقوة حامية ضابطة قوية.

قال أحدهم إن “الدين هو أفيون الشعوب” وهذا حقيقي متى كان الدين هو لتهدئة مخاوفك وللتغلب على عجزك. إذا كان كل ما تعرفه على الله وليد أحساسك بالخوف والضعف، أو أحساس بالذنب نتيجة أخطائك. متى كانت علاقتك بالله هي فقط لحمايتك ومعاجلة أخطائك، لتهدئة احساسك بالذنب، فتذهب إلى القداس والاعتراف لتأمن بنفسك من غضب الله، فهذا إله آخر غير إله المسيحية.

٤. هناك البعض الذي يؤكد على وجود الله لأنه يشعر به في قرارة نفسه. بعد سيادة تيار العقلانية العالم في السنوات الأخيرة ظهر تيار “الوجدانيون” الذي يركز على المشاعر التي وحدها تدرك الله وليس العقل والنظريات العلمية. كتب مالكولم موجريدج “Malcolm Muggeridge” وهو مؤلف اشتراكي وفلسفي ما يلي: “كانت لديَّ فكرة أن الله يلاحقني بطريقة ما لا تحتاج إلى استفسار”. وقال سي. إس. لويس الذي يتذكر أنه “ليلة بعد الأخرى، كنت أشعر عندما يسرح ذهني ولو لثوانٍ بعيدًا عن عملي، بقرب الله الثابت والشديد، الذي لم أكن أرغب بجدٍّ وهمَّة أن أتقابل معه، حتى استسلمت واعترفت بأن الله هو الله وركعت وصليت، ربما في هذه الليلة، تغيَّر أكثر شخص في كل أنحاء إنجلترا كان يعاني من الاكتئاب، وكان يمتنع عن معرفة الله”.

في كنائسنا اليوم يُلاحظ طغيان الفاعليات التي تركز على المشاعر، فالعظات والتأملات، التي كانت منذ ثلاثين عاماً تركز على الأمور الأخلاقية، أضحت تخاطب المشاعر. لاحظوا تشابك الأيدي عند صلاة الأبانا، ويتردد على أفواه المصلين: “أشعر بأن هناك أحساس قوي ينتابني.. الله يخاطبني”. تسمع واعاظ أخر يصرخ في سامعيه من الشباب: “أنت نسر، خُلقت بأجنحة لتحلق في السماء، أنت ليس فرخة”. لكن الأحاسيس متقلبة، إذا تعرض هؤلاء لأزمات كبيرة، كموت عزيز لديهم، فإن إيمانهم يهتز بشدة. يعتمد هؤلاء على تفسيرات خاصة بهم للأحداث، فمثلا إذا انفجر إطار السيارة أثناء القيادة وانحرفت السيارة إلى يمين الطريق وانقلبت عدة مرات وخرج منها سالماً، فإنه يقول أن يؤمن بالله الذي أنقذه وحفظ حياته. عندما تسأله ما هو موقف اللذين يموتوا كل يوم في حوادث مختلفة، هل أقترفوا ذنب أدي بهم للهلاك، لا يستطيعوا الإجابة.

الإيمان المبنى على الأحاسيس أو المعجزات أو العقل لن يصمد أبداً أمام تجارب الإيمان الصعبة. أنت تقول أنك تؤمن بالله، جيد، لكن هل تسطيع أن تقول هذا لزوجين رزقا بأبنين معاقين عقليا، أو لشخص يعيش مع والده المصاب بمرض الزهايمر والغير مسئول عن أفعاله وأقواله. هل يمكنك التعبير عن إيمانك أمام طفل مصاب بالسرطان أن هناك إله يحبه ويحافظ عليه. هل تستطيع أن تشرح إيمانك هذا، إذا لم تستطيع فأنت لم تعرف الله.

ماذا يقول الكتاب عن الله:

خر ٢٠: ٢-٥ “أَنا الرَّبُّ إِلهُكَ… لا يَكُنْ لَكَ آِلهَةٌ أُخْرى تُجاهي. لا تَصنَعْ لَكَ مَنْحوتاً ولا صورةَ شَيءٍ مِمَّا في السَّماءِ مِن فَوقُ، ولا مِمَّا في الأَرضِ من أَسفَلُ، ولا مِمَّا في المِياهِ مِن تَحتِ الأَرض. لا تَسجُدْ لَها ولا تَعبُدْها”

الإله في اللغة هو “المعبود”، أي الشخص أو الكائن الذي منه تستمد الحياة وسبب الوجود، القادر على خلاصك ومساعدتك، هو المتعالى عنك الذي لا تستطيع أن تصل إليه، فقط أن تطلب منه الحياة.

يقول الرب: “لا تصنع لك منحوتاً ولا صورة”.. المنحوت هي مادة، كالخشب أو البرونز أو النحاس، تم نحتها وتشكيلها لتصبح على الهيئة المطلوبة. هي تمثال لشيء ما. يقول الرب لا تصنع لك منحوتاً.

لكن ما هي الصورة؟ الصورة هي لوحة فنية كالموناليزا مثلا، لكن هنا المقصود بالصورة التي تنطبع في ذهنك، شيئاً ما في عقلك. لا تصنع لك منحوتاً أو صورة لشيء ما في السموات والأرض، أي لا شيء إطلاقاً.. لماذا؟ لأن مكان الله في حياة الإنسان لا يمكن استبداله بشيء أخر على الاطلاق.. لا منحوتاً من مادة من المواد، ولا صورة من الصورة لأي شيء كان.

يقول الرب: “لا تصنع منحوتاً أو صورة”، ويُكمل: “لا تسجد لها… لا تعبدها”. والكلمة الأخيرة يجب أن تفهم بمعانا الحرفي تماما.. لا تكون عبداً لشيء..

في جميع الديانات القديمة كانت عبادة الإلهة تمر بثلاث مراحل: ١- يُصنع المنحوت (التمثال).. ٢- يُسجد له (تقدم له الذبائح والصلوات).. ٣- يصبح البشر عبيداً له (تقدم له فروض العبادة والطاعة)

• ولد في المرحلة الإعدادية يذهب للمذاكرة مع أحد أصدقائه بالمدرسة.. فيريه صديقه كمبيوتره الجديد ويشرح له مميزات الجهاز والفوائد العديدة من أقتناءه، فيمكن حل الواجبات وحفظها، البحث عن المناهج المختلفة والاجابات النموذجية.. ماذا يفعل الولد عندما يعود إلى منزله، فهو لا يملك كمبيوتر.. ليس للحياة معنى دون الكمبيوتر.. والمنزل لا يطاق الآن؟ كيف سيعيش دون الكمبيوتر؟

تسيطر فكرة على الولد: “إذا امتلكت الكمبيوتر ستتغير حياتي تماما”، أنا احتاجه بشدة ويبدأ في السجود للفكرة وفي ممارسة طقوس السجود.. في البداية يقدم التضحيات “التقدمات” للإله الجديد “الكمبيوتر” أول المضحي بهم الوالدين، فيمارس ضغط نفسي كبير على الأم والأب. صنع الصورة التي بدونها لا يستطيع ان يكون سعيداً، إذا حصل عليه ستنتهي كل مشاكله الأساسية في الحياة.

بعد الضعوط يستسلم والده لشراء الكمبويتر.. يذهب إلى المدرسة ويحكي بفخر لزملائه عن معبوده الجديد الذي يقدمه له فروض العبادة اليومية.. لكن بعد فترة يكتشف إن زملائه لديهم ما هو أفضل من كمبيوتره الخاص.. هناك إمكانيات أكثر .. هناك لاب توب عند أحدهم.. فتدور الدائرة من جديد. ليبدأ في صنع صورة جديدة لإله جديد.

• مثل أخر.. العمل.. في البداية كان عاطلاً عن العمل.. وكّون صورة داخله: “ستتغير حياته تماما عند حصوله على الوظيفة”، “سأكون سعيدا للغاية”، أخيرا لدي عمل خاص،، هوية،، مال خاص. قيمتك في الحياة يحددها العمل الذي تقوم به، فهو الذي يعطي معنى لحياتك..

للأسف لن يحدث كل ما تعتقده.. نعم العمل مهم لكل البشر.. لكن ليس في العمل هو من يعطي قيمة للحياة، فبعد فترة ستكتشف أن هناك أمور لا تسير على ما يرام. هناك وظيفة لكن بعد فترة تبدأ في التفكير في الترقية.. في أن تصعد السُلم الوظيفي. تبدأ في التفكير في الوظيفة التي يشغلها رئيسك في القسم، ثم مديرك، ترك نفسك أكثر كفاءة وستحقق نجاحات مميزة إذا شغلت الوظيفة بديلا عنهم. تطمح في مدير الشركة وعضو مجلس الإدارة.. وهكذا. تكتشف كما هو رائع إدارة “التحكم” في الآخرين. لأجل الوصول إلى هذا الهدف عليك التضحية بأشياء، عليك بتقديم القرابين الممثلة في عائلتك، أبناءك، وقتك، صحتك لاجل تحقيق حلمك. سترى عملك هو أهم شيء في حياتك.. هو كل حياتك.. هو من يعطيك الحياة والتقدير والهوية في المجتمع. وبالرغم من كل هذا ستشعر بأن هناك شيء ما ينقصك.

تظن أن الحياة لها معنى فقط متى حصلت على الوظيفة المرموقة، أصبحت شخصاً مهماً لك مكانتك في المجتمع، لديك سلطة على الآخرين!! اذهب واستمر في التضحية بعائلتك على مذبح العمل. انظر لأسرتك فهي تشكو من الآب غير موجود دائماً في العمل، لا يتكلم مع أحد أطفاله، ليس لديه شيئاً يقوله. لا يعرف فائدة الوقت القيم للبقاء مع أسرته، هو يفكر في تحقيق ذاته فقط على حساب أسرته. لأجل هذا الإله “العمل” يقدم ذبائح كثيرة، لأجله يعيش فهو من يعطيه الحياة. لكن لن يعطي هذا الإله الحياة.. سيتوقف في وقت ما، بعد أن يكون فقد العلاقة مع أسرته وأطفاله، ليكتشف أن الأمور لا تسير على ما يرام كما كان يعتقد.

• يمكن أن يكون إلهك في: “ماذا يقول الناس عني”. تتشكل صورة في ذهنك عن نفسك في عيون الآخرين.. فإذا كانت فكرة الآخرين جيدة عنك، ستشعر بأن الحياة تبتسم لك وأنك تعيش حياتك بصورة رائعة فالجميع يقدرونك، ويشيدون بذكائك وقدراتك. تحاول أن تحافظ على هذه الصورة فتضطر للتضحية بذاتك وبوقتك لأجل أن تحصل على رضا الآخرين، لأن تصير مقبولا لديهم.. ستصبح عبداً في انتظار الحصول على ابتسامة رضا من الآخرين.

• في حياة كل منا آلهة كثيرة.. ننتقل من آله إلى آخر.. قال شاب يوما أنه يطمع في الحصول على “موتوسيكل – فيزبا” لكي يسهل عليه قطع المسافة إلى العمل. بعد الحصول على الموتوسيكل لاحظ إن هناك مكاناً لشخص آخر.. ففكر في الارتباط بفتاه جميله يستطيع أن يحملها إلى بلاد بعيدة. عندما أحصل على الموتوسيكل ستتغير حياتي تماما.. عندما أرتبط ستتغير حياتي تماما.. لاحظ أنه فكر في الخطيبة ليس كإنسانة يشاركها الحياة، بل في شيء يحقق أحلامه. الخطيبة بدورها تمنى نفسها برجل يكون خاصتها.. ملكها.. خطيبي.

سرعان ما يكتشف كل منهما أن الأمر ليس كما أعتقدا.. هي ليس آنية “فازة” جميلة من الخزف سيضعها على الكرسي الخلفي لموتوسكيله..هي إنسانة ذكية، لها شخصية مستقلة. لكن حياته ستتغير فعلا بعد هذه الخطوة.. في البداية كانت هناك مشاكله الخاصة، والآن لديه مشاكل خطيبته ومشاكله. فتواجد شخص في حياتك يفترض أن تقدم شيئاً له، أن تحبه كما هو، لا أن تطلب منه أن يحقق أحلام شخصية لك بأن تكون شيئاً. تواجد شخص لن يحل مشكلاتك، فالطرف الآخر يريد أن يشعر إنه محبوب، وإذا أحببته بصدق، سوف تهتم أنت به وتعطي حياتك له، وليس العكس.

ليس هناك شخص يعطيك الحياة.. لأنه في ذات الوقت يبحث عن نفس طلبك، عن شخص يعطيه الحياة، مثلك تماما.

عندما تدخل حياة شخص ستكتشف أنه يطلب الكثير منك، وهذا طبيعي، وستكتشف أن ما تطلبه أنت كثير أيضاً. وهذه هي صعوبة الآخر. لن تحل مشكلات حياتك، لن تجد معنى لحياتك عندما تجد الطرف الآخر، ستجد أن الأمر أصبح أكثر تعقيداً، لكنه أكثر روعة متى فهمت ذلك.

ما هي الأشياء التي توقعك في الإحباط: العمل،، الأصدقاء،، الارتباط،،

المشكلة أنك أعطيت لهذه الأشياء أهمية أكثر مما تستحق. تلك الأشياء غير قادرة على حل مشكلاتك..

تاريخك الشخصي هو حصيلة قناعاتك: عند زرع فكرة في رأسك فأنت تصنع لك منحوتاً أو صورة.. أنت تعبد هذه الصورة إلى الدرجة التي تسلبك كل شيء، تصبح غير متحكم في ذاتك، تفرض الفكرة إرادتها عليك. لا تري في حياتك سوى تحقيق هذه الفكرة، تبذل الوقت والمجهود وتضحي بالكثير، حتى ذاتك لأجل الوصول إليها.

ما هو إلهك الذي يسيطر عليك؟

ما هي الفكرة التي ترى إنك لا تستطيع العيش بدونها؟

ما هي خطورة الآلهة؟

القلق وعدم الرضا، والصراع لأجل الوصول إلى هذا الهدف، دون أن تعي أن حياتك تُسلب منك.. يسرق العمل حياتك.. أفكار الآخرين عنك.. البحث عن خطوط الموضة..

ياترى ماذا لو ابني أهتم بدراسته؟ لن يحدث شيئاً على الاطلاق.. لأنك إذا لم تحبه وهو فاشل، لن تحبه عندما يتفوق.. إذا أحببته شرط أن يتفوق فقط، أؤكد لك أنك لم تحبه أبدا، بل تُحب نفسك فقط لكي تفتخر بأن أبنك متفوق.. أي أنا المتوفق الذي أنجب هذا الطفل المتفوق.

إذا لم تحب زوجتك وهي مزعجة في بعض الأمور، لن تحبها لو كانت كاملة دون نقائص. إذا لم تحب منزلك الآن.. لن ترى منزلا تشعر فيه بالراحة أبداً.

إذا كنت وحيداً الآن، أقبل وضعك وحالتك لأنك لن تشعر بالرضا أبدا مع الآخرين. لأنك إذا بحثت عن الآخرين لأجل أنك تخاف أن تكون وحيداً، تبحث عنهم لأجل أن تحصل منهم على الأمان والطمأنينة، فأن الجماعة لن تقبل شخصا وسطها يأخذ فقط، لابد أن يكون لديه الاستعداد أن يعطي. الآخذ فقط دون العطاء سيجعل الجماعة تلفظك بعد حين.

ماذا يقول الكتاب توقف عن الأشياء التي تتبعها كإلهة.. يجب أن تفحص هذه الأشياء هل تعطيك الحياة أن تسلبها منك.. توقف على أن تعيش حياة ليس حياتك، بل حياة الآخرين. توقف عن امتلاك شيء لا تمتلكه.. عن صورة لم ترسمها يوما.. توقف عن الشعور بالغيرة مما يمتكله الآخرين. توقف عن صناعة الآلهة. كن نفسك

الخلاصة: الآلهة لا تعطي الحياة.. بل تسلبها منك. لا تصنع لك آلهة مكان الله في حياتك، ولا تسجد لها ولا تبعدها. العجل الذهبي

تأخر موسي على الجبل، فصنع الشعب عجلاً من الذهب. يجمع العجل الذهبي بين رمزين، الأول يرمز العجل إلى الفحولة، إلى الخصوبة، إلى القوة.. لشكل من أشكال العاطفة. التي تعد الخلاص والحل لعدم الثقة وعدم الأمان الذي كان يشعر الشعب الإسرائيلي.

هناك العديد من الفتيات التي يقبلن الارتباط بشخص غير واثقات منه، يعاملهن بطريقة سيئة، يشعرن أنهم يُستخدمن، يتعرضن للإهانة. لإرضاء شخص مثل هذا فإنهم مضطرات إلى تغير حياتهم للتتناسب مع طباع هذا الشخص لإرضائه. تبقي مع الشخص بالرغم من عدم التوافق، خوفا من البقاء وحيدات.

أما الذهب فهو عنوان الغنى والسلطة. فالوظيفة التي تحلم بها، لا تحقق لك وفرة مادية، بل سلطة على الآخرين. عبادة المظهر الاجتماعي، المجد بين الناس، تعيش لأجل أن تمتلك سيارة أو منزل جميل تتباه به أمام الناس. ماذا يفيد كل هذا؟ يفيد فقط في تهدئة مخاوفك، أشباع جوعك واحتياجك وخوفك من الغد.

لن يفيدك صناعة منحوتا ولا صورة لتهدئة مخاوفك. العجل الذهبي، العاطفة والمال، الشهرة والمجد جميعها أشياء مفيدة لكنها لن تهدئ مخاوفك الكبيرة.

هل تعلم أن الخوف وعدم الأمان الذي تشعر به هي عطية من الله ستقودك إليه. عندما تدرك إن المعنى الحقيقي للحياة لا يمكن أن تعطيه الأشياء، فقط الله هو الواهب. البعض يختار الهة صغيرة، صغيرة لمعاجلة مخاوفه. فهل من المعقول أن تتعب طوال الحياة لأجل أن تدفع إيجار المنزل والأقساط المختلفة وتموت في صحة جيدة في منزلك. هل يكون كل مجهودك في الحياة لإرضاء الآخرين، أن لا يغضب منك أحد، أن يمدحوك ويتكلمون بصورة جيدة عنك، أن لا يزعجك أحد؟ عند موتك لن يزعجك أحد ولكن ماذا تكون قد قدمت، كيف أثرت في الحياة والآخرين.

ماذا سيقول الناس عنك بعد رحيلك.. أخيرا.. ترك لنا مكانه في العمل في الحياة لنستفيد به نحن.

عدم الأمان والخوف هي دعوة لحياة أفضل، الرب يدعوك لحياة حرة، دعوة عظيمة كدعوة الأم تريزا والقديس فرنسيس.. دعوة كأم ماريا غورتي وغفرانها لقاتل ابنتها، لأم الطفلة مريم شهيدة الأرهاب بالوراق.

“ماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه”

قد يعجبك ايضا
اترك رد