إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

لماذا لا نري الله ؟

0 1٬187

• هل الله مختبئ ؟ لماذا لا يتراءى بصورة منظورة فيؤمن الشكاكين مّرة واحدة والي الأبد ؟
• هل الله صامت ؟ إذا كان يريد أن نعمل مشيئته فلماذا لا يعلن تلك المشيئة بصورة واضحة ؟

أسئله كثيرة تدور في أذهاننا ولا نجد لها إجابات شافية. سنحاول في هذا المقال أن نعرف ماذا يقول الكتاب المقدس عن صمت الله واختباءه.

يزعم الكثيرين بأنهم يسمعون كلمه الله اليوم ويبررون أفعالهم وأفكارهم بأن الله أعطي أوامره لهم بضرورة التصرف بهذه الطريقة. يعتقدون أنهم مثل الأنبياء والرسل والرب يتحدث معهم ويَّعِهد لهم توصيل كلمته إلى شعبه. كيف نعرف إذن إن ما سمعناه هو صوت الله؟!

لو تأملنا مسيرة شعب الله في سيناء، نجد أن الشعب إذا فكر في التحرك في مسيرته عبر الصحراء أو التوقف لإلتقاط الأنفاس، فان الإجابة على تساؤله هذا بسيطة للغاية، عليه فقط أن يلقى نظرة علي عامود السحاب الذي يظلل خيمة الاجتماع. فإذا تحركت السحابة كان هذا يعني أن الله يُريد من الشعب أن يتحركوا وإذا توقفت فأن عليهم البقاء . كان العبراني يعرف مشيئة الله علي مدار الساعة، فالله يتكلم ويوجه الشعب كله.

ولكن هل كانت لكلمه الله الصريحة مفعول لدي الشعب؟ هل كان الشعب يطيع الله وينفذ كلمته؟ الإجابه لا بالطبع … فقد قال الله للشعب ” لا تصعدوا ولا تحاربوا الأموريين لأني لستُ في وسطكم لئلا تنكسروا أمام أعدائكم ( تث ٩/٧ ) ولكن بني إسرائيل صعدوا وحاربوا الأموريين وانهزموا أمام أعدائهم. حاربوا عندما كانت كلمه الله لهم لا تحاربوا وهربوا عندما كانت كلمه الله بأن يتقدموا.

في هذه الأثناء لم يكن الله متخفيا فقد ظهر وتكلم إلي موسي كما يكلم الرجل صاحبه تكلم مع موسي في خيمة نُصبت خارج مخيم الشعب. لم يكن لقاء موسي بالرب لقاءً سرياً بل كان يرى من الشعب كله. لم يحاول أن يري الله أحد سوى موسي وقالوا له ” تكلم أنت معنا فنسمع، ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت ” (تث ٩/٢٨) . عندما كان يخرج موسي من لقاء الله كان وجه يتوهج فغطي وجه ببرقع.

هل كان هناك شكاكين يشككون في وجود الله المنظور … يكفي أن تذهب بالقرب من الخيمة وتري عامود السحاب وتري وجه موسي متوهجاً بعد لقاءه مع الله .

لكن ما حدث بعد ذلك أمر لا يصدق …

فلما صعد موسي إلي الجبل المقدس فان الشعب الذي حفظه الله من الضربات العش، اللذين عبروا البحر الأحمر علي اليابسة، وشربوا من ماء الصحراء، وعندما جاعوا أرسل لهم غذاء من السماء.. نسوا كل هذا وراحوا يتراقصون حول العجل الذهبي.

توافر للشعب البرهان الأكيد علي حضور الله فهو أمامهم كل يوم ويسمعون صوته ولكن كل هذا أدي إلى نتيجة عكسية تماماً. بالرغم من مشاهدتهم لحضور الله الساطع، تمردوا على الله عشر مرات مختلفة خلال مسيرتهم في البرية، في حين أن شعوب أخري كانت أكثر وفاء إلى ألهتهم من بني إسرائيل.

هذه النتائج المؤسفة قد تكشف لنا عن الأسباب التي تمنع الله من التدخل بصورة مباشرة اليوم. والكثير منا يرغب في رؤية معجزة أو آية تعبر عن حضور الله بصورة واضحة. لماذا لا يكشف لنا الله ذاته بصورة واضحة؟ لماذا لا نسمع صوته ولا يكلمنا؟ لقد كشف لنا شعب إسرائيل على أن المعجزات تجعلنا ندمن الأحداث الخارقة وليس مؤمنين بالله في ذاته.

لم تتغير الصورة في العهد الجديد .. فقد اتخذ الله جسداً. صار له هيئه وأسم وعنوان وعائلة. فكان ألهاً في وسعك أن تلمسه تسمعه تراه، وقد قال المسيح “من رآني فقد رأي الأب”. ومع ذلك لم يؤمن اليهود … انتظروا تجليات ساطعة من الدخان والنار كما كان يحدث مع آبائهم. فهو إنسان خرج من مدينه الناصرة المغمورة وعُرف بأنه ابن مريم. حتى أقاربه لم يصدقوا أنه المسيح المنتظر وقالو عنه “أنه مختل”. صنع معجزات ليقود الشعب إلى الإيمان .. تعلقوا بالمعجزات ورفضوا الإيمان.

أرادت الجموع ملكوت أرضياً ولكن المسيح تكلم عن ملكوت سماوي، عن مملكه غير مرئية. صحيح إنه حل بعض المشكلات المنتشرة في العالم حوله ولكنه بصورة أساسية استخدم طاقتة لمحاربة قوي غير منظورة. مَّرة قابل مفلوج أراد الشفاء فأقنع أربعه من أصدقائه بأن ينقبوا سقفاً ويدلوه عبر الفتحة إلي حيث يسوع . فإذا به يجيب “أيهما أيسر أن تقال مغفورة لك خطاياك أم قم وأحمل سريرك وأمشي؟” الأمر الأسهل هو الشفاء لأنه ليس هناك مرض يقوي علي الصمود أمام لمسته الشافية لكن المعركة الحقيقية هي ضد قوي روحية غير مرئية.

جاهد المسيح ضد قوي الشر الغير منظورة ولكن الشعب كان يأمل في حل مشكلاتهم المادية من فقر ومرض. أنقلب الشعب عليه وفي وقت محاكمته كشف يسوع عن كل شئ “ممكنه ليست من هذا العالم”.

لو عشنا في وقت المسيح لطُلبنا منه البرهان متحدين :” أنت تقول انك ابن الله ؟ حسناً أثبت لنا ذلك” . هكذا طلبت الجموع من يسوع الآيات فقال عنهم جيل فاسد يطلب آية.. رفض أن يقوم بمعجزة حتى على الصليب لينقذ نفسه من الموت.. لماذا لا يظهر الله ذاته بصورة واضحة .

أول أحداث يسوع العلنية بعد اعتماده تكشف لنا عن السبب. تجارب يسوع مع قوي الشر الغير منظورة تكشف لنا السر. أراد الشيطان برهان من يسوع “أنت ابن الله” تحدي الشيطان يسوع: إذا كنت ابن الله فأصنع معجزة .. حول الحجارة خبزاً .. أحمي نفسك ..كن ملكاً وسيداً لهذا العالم.

جميع التجارب حقيقية .. يمكن أن نتخيل ماذا يفعل رغيف خبز لإنسان جائع. ما هي ردة فعل إنسان عندما يُخير بين العذاب والموت وطمأنينة السلامة: “لن يصيبك شيئاً”. هل يمكن الإنسان أن يرفض السلطان والسطوة علي كل ممالك الأرض .. أليس هو المسيح، ملك السماء والأرض كما تنبأ الأنبياء. كان الشيطان يعرض علي المسيح طريقاً مختصراً لتنفيذ مخططه. فلو استسلم للتجربة لكان أثبت أنه ابن الله القادر علي صنع المعجزات وقتما يشاء.. الذي تدافع عنه الملائكة وتحميه والقادرة علي حمايته من كل ألام الصليب.. هو ملك الكون والعالم، لو أستسلم المسيح للتجربة لأمن به علي الفور كل شعب إسرائيل وكل العالم.

هل تختلف التجارب عما نقع نحن فيه اليوم فإننا نريد أن نري الله وضوح الشمس نريد أن نري نوراً ساطعاً في السماء وصوتاً يزلزل الأرض يعلن عن قدرة الله علي نحو لا يحمل الشك. هل تختلف التجارب عن الأوقات التي أصلي فيها لشفاء مريض وأنا أتمنى أن تحدث معجزة أو عندما أريد أن يتدخل الله وينقذني من مصيبة حلت بي؟ هل هناك فرق بين طلب قوي الشر من يسوع “أطرح نفسك إلي أسفل” وطلبي أنا “أظهر ذاتك”، “اسمعني صوتك بوضوح”. في كلتا الحالتين التحدي واحد.. نطلب من الله أن يكشف ذاته وأجابة الله واحدة في الحالتين.. يمتنع الله!!

لماذا يختبئ الله ؟ الله هو روح محض.. لا يمكن كبشر أن نري أو نعلم شيئاً عن العالم الغير منظور بالنسبة لنا. العالم الطبيعي الذي نعيش فيه يمكننا أن نلمسه ونشمه ونسمعه أما العالم الغير منظور فهو مجهول تماماً بالنسبة لنا.. كيف لنا أن نتواصل معه.

فقط المسيح في جسمٍ واحد قرب العالمين أحدهما من الأخر تماماً، رابطاً بين الروح والمادة موحداً الخليقة بطريقه لن تُر قط منذ أيام عدن. يعبر بولس الرسول عن هذه الحقيقة بقوله: “هوَ رأسُ الجَسَدِ، أي رأْسُ الكَنيسَةِ، وهوَ البَدءُ وبِكرُ مَنْ قامَ مِنْ بَينِ الأمواتِ لِتكونَ لَه الأوَّلِيَّةُ في كُلِّ شيءٍ، لأنَّ الله شاءَ أنْ يَحِلَ فيهِ الملءُ كُلُّهُ ٢٠وأنْ يُصالِحَ بِه كُلَ شيءٍ في الأرضِ كما في السَّماواتِ، فبِدَمِهِ على الصَّليبِ حُقِّقَ السَّلامُ” (كول ١: ١٨-١٩).

وعندما صعد ذلك الكلمة الذي صار جسدا, ترك حضوره الفعلي في صورة جسده, أي الكنيسة. حتى أن محبتنا تصير محبه الله فعلا “بما أنكم فعلتموه بأحد هؤلاء الصغار فبي فعلتم ” وأفعالنا تصير أفعاله “من يقبلكم يقبلني” وما يصيبنا يصيبه “شاول شاول لماذا تضطهدني” العالمان المنظور والغير المنظور يندمجان في المسيح حقاً فالتجسد هو غاية أعمال الله كلها , وهدف الخليقة بمجملها .

نميل نحن البشر إلى التفكير بالمعجزة, أن يقتحم العالم الغير منظور العالم المنظور. لكن من وجهه نظر الله المعجزة الحقيقة هي معجزة إن الأجساد البشرية الفانية يمكن إن تصير أواني مملؤة بالروح. إن الأفعال البشرية المعتادة في نطاق المحبة قد تصير تجسدات لله على الأرض. لهذا شبه بولس المسيح برأس الجسد, وكلنا نعرف ماذا تعمل الرأس وكيف تعمل.. هي تعطي إشارات للأعضاء أن تتحرك.. للعينان أن تري.. للأذن أن تسمع.. للأنف أن تشم دون أن تظهر أنها تعمل .

هل الله صامت ؟ فالله يتكلم عن طريقنا نحن الناطقون بلسانه, أوتاره الصوتية المختارة على هذا الكوكب. هذا ما حدث يوم الخماسين, صوت الله على الأرض, سمع من خلال كائنات برية ناطقة بطريقه حتى هم لا يستطيعون إدراكها .

هل الله مختبئ !!!
نتسأل في أوقات كثيرة هل الله مختبئ؟ نلتجئ إليه عندما تكون حاجاتنا ماسة جداً ولكننا نجد الباب مغلق لا نسمع شيئاً وكلما طال انتظارنا, سار الصمت اشد وأدهي. يحمل لنا الكتاب المقدس هذا الانطباع عندما نقرأ سفر أيوب. أنتظر أيوب صابراً أن يسمع رأي الله في الأمور الرهيبة التي تحدث معه. غير لأنه لم يسمع سوي كلام أصدقاءه, ثم ساد صمت رهيب.. لقد أغلق الباب.

إن الشوق البشري إلى حضور الله الفعلي قد يخطر في البال لأي إنسان. ولكننا لا نصرح به، نشعر كثيراً بغياب الله في الوقت الذي نتوق فيه إلى الشعور بحضوره. ويكشف لنا سفر أيوب بالتفصيل الوقت الذي يبدوا فيه الله بعيداً. فمع أن أيوب لم يرتكب أي خطأ وتوسل بائسأ لأجل المعونة, فضل الله أن يبقي مختباً. لقد عاني المسيح ذاته غياب الله في بستان الزيتون وعلي الجلجثة , وشعر مثلما نشعر نحن بأن الله يتخلى عنا.

هناك ثلاث ردود فعل أمام غياب الله.
١- إن أراد أن بتجاهله أيضا.. أحاول إقصاء الله عن حياتي. فإن كان لا يظهر ذاته لي, لماذا اعترف به؟
٢- أن اقبل مثل أصدقاء أيوب.. ليس لي الحق في أن أتذمر من غياب الله.
٣- أسقط في الإحباط وأكون مع أيوب لماذا أخرجتني من الرحم .

والغريب أن السفر تكشف أن ردة فعل أيوب هي الأفضل بوسعك أن تقول لله أي شيء أفرغ عليه سخطك وغضبك وشكك ومرارتك وخيبة آمالك.. أنه يستطيع أن يستوعب كل ذالك, هو قادر على التفاعل لجميع الاستجابات البشرية, ما عادا واحدة!! ذلك انه لا يستطيع أن يتحمل محاوله تجاهله أو معاملته كما لو كان غير موجود وهذه الاستجابة لم تخطر قط على بال أيوب ولو مرة واحدة!!

عندما نقرأ سفر أيوب نتجاهل عادة مقدمة السفر والتي نجد فيها السبب الرئيسي لمأساة أيوب.. فالمقدمة تشرح لنا مسبقاً ماذا سيحدث لاحقاً ومن فعل هذه ولماذا؟ يكشف الإصحاحان ١, ٢ لغز السفر ما عدا شيئاً واحدة : كيف سيتجاوب الشخص الرئيسي؟ أيثق أيوب بالله أم ينكره؟ وعندما نتابع قراءة الإصحاحات من ٣ إلى ٣٧ نجد أيوب وهو يقضي كامل وقته ليكتشف ما نعرفه نحن اصلاً من المقدمة. يسأل نفسه لماذا أنا؟ أي خطا فعلت؟ ماذا يحاول الله أن يقول؟ أما بالنسبة للقارئ فهو يعرف الإجابة. أي خطأ ارتكب أيوب؟ لا شئ. فهو يمثل صفوة الجنس البشري الذي يصارع قوي الشر بشراسة دون أن يشك في وجود الله وبهذا يكسب الجولة ضدها.

تبدأ محنة أيوب بالدعاء الشيطان أن أيوب أفسده التدليل, هو تابع لله فقط لأنه تعالى أغدق عليه بالخيرات. فالشيطان يسخر زاعماً إن الله, هو غير جدير بالمحبة في ذاته, أنما يجتذب أشخاص مثل أيوب “يرشوهم” كي يتبعوه. فإذا نزعت منهم هذه الخيرات وتلك المزايا ينبذ هؤلاء الله في الحال. فيقبل الله التحدي لامتحان نظرية الشيطان, موافقاً بذلك أن يترك استجابة أيوب تحسم القضية.. تبدأ المصائب تنهال على رأس أيوب .

الأسئلة التي عذبت أيوب: لماذا أنا؟ ماذا يجري؟ هل يهتم الله بي ! هل هناك الله؟ تكشف لنا معاناة أيوب بأن هناك معركة غير منظورة بين الله وقوي الشر. يراهن الله علينا بأننا سنتمسك به بالرغم من كل شئ، من المرض، من الجوع من الألم. ليس الله خاضع للمحاكمة في هذا السفر، بل الخاضع هو أيوب. السفر لا يتناول قضيه الألم: أين يكون الله عندما لُفا ني الآلام؟ إنما بيت القصيد هو الإيمان؟ أين هو أيوب عند معاناة الآلام ؟ وكيف هو استجابته؟

عندما تشبث بالله لعباد في وقت الشدة مثل أيوب، عندما نثق في الله إلى النهاية يتغير كل شيء. تاب أيوب إلى الله قائلا: “قد نطقت عالم إنه، بعجائب فوقى لم اعرفها. بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن قد رأتك عيني. لذلك ارفض نفسي واندم في التراب والرماد” . ندم أيوب قبل استرداد خسائره.. وجلس وسط التراب، عاريا تغطيه القروح انتهت المعركة عندما رفض أيوب أن ييأس من رؤية الله، فخسر الشيطان الرهان.

جميعا نمر يوما في تجربه أيوب.. فهل تكسب قوى الشر الرهان الدائم مع الله. فإذا أهدرنا على براهين منظوره من الله سنصاب بخيبة أمل كبيرة. فالإيمان الحقيقي لا يحاول أن يستعمل الله كي يفعل مشيئتنا بقدر ما يسعى إلى أن يحملنا نحن على فعل مشيئته. نتصور كثيرا أن العالم المنظور “حقيقيا” والعالم الغير منظور “غير حقيقي”. ولكن الكتاب المقدس يدعونا إلى العكس تماما. فبالإيمان يتخذ العالم الغير منظور صفه العالم الحقيقي. هذا ما يقوله بولس إلى مؤمني كورونثوس: فمَعَ أنَّ الإنسانَ الظاهرَ فينا يَسيرُ إلى الفَناءِ، إلاّ أنَّ الإنسانَ الباطِنَ يتَجَدَّدُ يومًا بَعدَ يومِ. ١٧وهذا الضِّيقُ الخَفيفُ العابِرُ الذي نُقاسيهِ يُهَيِّئْ لنا مَجدًا أبَدِيُا لا حَدَ لَه، ١٨لأنَّنا لا نَنظُرُ إلى الأشياءِ التي نَراها، بَل إلى الأشياءِ التي لا نَراها. فالذي نَراهُ هوَ إلى حينٍ، وأمَّا الذي لا نَراهُ فهوَ إلى الأبدِ (٢ كور ٤: ١٦-١٨).

(عب ٦: ١٨-١٩) ما يُشَجِّعُنا كُلَّ التَّشجيعِ، نَحنُ الّذينَ التَجَأوا إلى اللهِ، على الَّتَمَسُّكِ بِالرَّجاءِ الّذي جعَلَهُ لنا وهذا الرَّجاءُ لِنُفوسِنا مِرساةٌ أمينَةٌ متينَةٌ تختَرِقُ الحِجابَ. إنَّ الرجاء له قيمة شخصية بالنسبة لنا، فهو بمثابة السلسلة غير المنظورة المربوطة بشاطئ الحياة الأبدية، التي نُمسك بها الآن ونحن في قارب الحياة المنظور وسط بحر العالم المضطرب. لكننا كلَّما جذبنا هذه السلسلة بالإيمان، كلَّما تحرَّك القارب نحو الشاطئ الآخر غير المنظور. فلنمسك بهذه المرساة بدون خوف، فهي مؤتمنة وثابتة ولا يُخشى أن تتزحزح فنقع في خطر، لأنها لا تخيِّب الأمل، ولا تقتلعها الرياح والأمواج مهما اشتدَّت.

قد يعجبك ايضا
اترك رد