إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

النور مخلوق لعينيك

0 877

في إعلان رائع لمستشفى د. مجدي يعقوب، لجراحات القلب المجاني، تتردد أغنية بالكلمات التالية: “جَمِدْ قلبك.. النور مخلوق لعينيك“. يعكس الإعلان حقيقة إن العيون لا تبصر دون الضوء. يكشف الضوء الأشياء فتراها العين. أنت لا ترى في الظلام الدامس، دون الضوء لا يمكن لعينيك أن ترى شيئًا أبدًا. النور مخلوق لعين الإنسان. النور مخلوق ليرى الإنسان جمال الكون والطبيعة… النور مخلوق لعينيك!

كان اليهود في زمن المسيح يحتفلون بعيد المظال الذي كانت تضاء فيه أعمدة تعمل كالفنار، ارتفاعها ثلاثين مترًا فتضيء سماء أورشليم تذكارًا لعمود النار الذي رافق خروج الشعب من مصر. احتفل اليهود برمزية النور في عيد المظال، بإضاءة سماء أورشليم لمدة ثمانية أيام كاملة، فتحول ظلام الليل إلى نهار. أيام مميزة بالنسبة لليهودي، فعيونه ترى ليل نهار. حدث مهم لليهود يتذكرون فعال الله العجيبة وقيادته للشعب في ظلام الصحراء بعمود من نار. بالتحديد في هذا الوقت، كما يروى لنا القديس يوحنا في إنجيله، وقف يسوع في وسط جموع المُعيدين ليعلن عن نفسه قائلاً: “أنا نُورُ العالَمِ. مَنْ يَتبَعْني لا يمشي في الظَّلامِ، بل يكونُ لَه نُورُ الحياةِ” (يوحنا 8: 12).

اعترض الفريسيين قائلين: “أنتَ تَشهدُ لنَفسِكَ، فشَهادَتُكَ باطِلَةِ”، فكيف لإنسان أن يكون النور، كيف له أن يعطي “نور الحياة”. الجميع يعرف أن الله خلق النور: “لِيكُنْ نُورٌ” فكان النور. يعرف الجميع ما هو النور الذي خلقه الله ليرى الناس جمال الكون والطبيعة. الجميع يعرف ما هو النور إلا واحدٌ.. شخص وُلِدَ أعمى. لم يرى شيئًا أبدًا، يعرف ما هي الأشياء لكن لم يراها يومًا. في فيلم حياة يسوع بحسب إنجيل يوحنا، في طريق عودة الرجل بعد أن غسل عينيه في بركة سلوام، يتوقف الرجل أمام كل شيء في السوق ليراها بعمق، يندهش من لون عنقود العنب، وألوان المنازل. كشف النور كل شيء له… النور مخلوق لعينيك!

شفِيَّ الرجل من عماه الطبيعي، إلا كان مدعو ليُشفى من عماه الروحي. قابله يسوع بعد أن طردوه من المجمع، فقال له : “أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللّهِ؟” أَجَابَ: “مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لِأُومِنَ بِهِ؟” فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: “أنتَ رأيتَهُ، وهوَ الذي يُكَلِّمُكَ!”. فَقَالَ: “آمنتُ، يا سيِّدي”. وَسَجَدَ لَهُ” (يوحنا 9:35-38).

ظهر الله في الجسد لا ليُشير لنفسه إنه الخالق، بل ليُعيد الإنسان إلى حالته الأولى، في حالة البرارة والشركة الكاملة مع الله. الخطيئة هي الظلام، غياب الله عن نفس الإنسان، كغياب النور فيحل الظلام الدامس. الخطيئة هي أن لا يكون الله مكانًا في حياتي فأتخبط في الظلام ولا يكون لي نورُ الحياةِ. تُولد الخطيئة ظلام في حياة الإنسان. فضربة الظلام التي أوقعها الله على فرعون: “ثم قال الرب لموسي: مد يدك نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر حتى  يلمس الظلام، فمد موسي يده نحو السماء فكان ظلام دامس على أرض مصر ثلاثة أيام، لم يبصر أحد أخاه ولا قام أحد من مكانه ثلاث أيام، ولكن جيمع بنى إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم (خر 10/21- 23). الإنسان البعيد عن النور يعيش في ظلام، عاش فرعون وشعبه، أي الإنسان الخاطئ في ظلام لأنه بعيد عن الله، في حين تمتع شعب إسرائيل بالنور لأن الله كان معهم.

أمن الرجل بالمسيح الواقف أمامه كابن اللّه بالرغم من أنّ ملامحه بشرية. صدَّق أنه ابن اللّه، وسجد له بالرغم من إن السجود لا  يُعطَى لنبي أو ملاك، فقط لله، فكان له نورٌ الحياة. يعوزنا إيمان الرجل والتحرر من الخطيئة لكي يكون لنا نورٌ الحياة، كما قال بولس: “بالأمسِ كُنتُم ظَلامًا، وأنتُمُ اليومَ نُورٌ في الرَّبِّ. فَسيروا سِيرَةَ أبناءِ النُّورِ” (أفسس 5: 8).

قد يعجبك ايضا
اترك رد