إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

أقوم وأذهب إلى أبي

0 761

يشترك الأبنين الضالين في كل منهما لم يكتشفا عمق محبة أبيهم لهما، لم يكتشفا الحب الحقيقي. ظن الابن الأصغر إنه سيجد الحرية بعيدًا عن أبيهما، أن يعيش على هواه، فكل شيء مباح ومستباح له، لا قيم، لا أخلاق، لا فضائل.. عاش في فوضى، فقد حريته الحقيقية. عاش في عزلة… عاش في عوز… عاش في عبودية لشخص آخر.

أقوم: أنفض عنى حالة الاسترخاء والثبات التي أتواجد فيها، فلست باردًا أو حار، حياتي مستقرة، فلست أرتكب المعاصي الكبيرة، فالشكر لربنا فأنا بعيدٌ عنها، لكنى لستُ قريب من الله، لأ أصلي بحرارة، لأشعر بمحبة الله محبة حقيقية. هكذا يصف سفر الرؤيا هذه الحالة: “إِنِّي عالِمٌ بأَعمالِكَ: إِنَّكَ لا بَارِدٌ ولا حَارّ، وَلَيْتَكَ كُنْتَ بارِدًا أَو حَارًّا! ولـكِنْ بِمَا أَنَّكَ فَاتِر، لا حَارٌّ ولا بَارِد، فَقَدْ أَوشَكْتُ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي” (رؤيا 3: 15- 16).

أقوم تدل على السقوط، فمن الممكن أن أكون قد سقطت في خطايا مميتة تجعلني بعيدًا عن الله تمامًا، أشعر معها إني منفصلٌ عنه. هكذا يخاطب ملاك كنيسة أفسس: “ولـكِنْ لي عَلَيْكَ أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولى. فَتَذَكَّرْ إِذًا مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، واعْمَلْ أَعْمَالَكَ الأُولى؛ وإِلاَّ فَإِنِّي آتِيك، وأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَوْضِعِها، إِنْ لَمْ تَتُبْ” (رؤيا 2: 4- 5).

هل أترك نفسي في حالة السقوط، أو في حالة الاسترخاء؟ يقول الوحي الإلهي على لسان الابن: فرجع إلى نفسه، فحص حياته ليرى أن يضع قدميه الآن؟ عاد إلى ذاته لانه في الصمت أصبح يسمع بعد أن كان في ضجيج العالم ومنغمسا حتى أذنيه. فعاد إلى الصمت الذي فيه يسمع ويتكلم، يكتشف الكنز ويعود اليه، إلى الاصل، إلى ابيه. وهنا بدأ يكتشف أبيه قبل أن يجده.

قال “أقوم” تعني قيامة، إنتفاضة، الكفر بالطريق والطرق التي أوصلته الى هذه الحالة. هنا أطلب منكم ان يحدّد كل واحد منكم لحظة في حياته يقول فيها “أقوم” أو “خطئت”  هذه الكلمة قالها ايضاً “يوضاس” وكم فعله شنيع قال “خطئت إذ أسلمت دماً بريئاً”. يوضاس والإبن الشاطر قالا خطئت في وقت ألم وضياع، أمّا أنا فمتى سيأتي دوري لأقول خطئت.

أذهب إلى أبي، على عكس لقاء يعقوب بأخيه عيسو، في التكوين 33: 4، هكذا اقترب يعقوب من أخيه: ” أَمَّا هو فتَقَدَّمَهم وسَجَدَ إِلى الأَرضِ سَبعَ مرَّاتٍ حتَّى دَنا مِن أَخيه.4 فبادَرَ عِيسو إِلى لِقائِه وعانَقَه وأَلْقى بِنَفْسِه على عُنُقِه وقبَّلَه وبَكَيا”. لقد احضر يعقوب: ” مِئَتَي عَنزَةٍ وعِشْرينَ تَيسًا ومِئَتَي نَعجَةٍ وعِشْرينَ كَبْشًا 16 وثَلاثينَ ناقةً مُرضِعًا مع أَولادِها وأَربَعينَ بَقَرَةً وعَشَرَةَ ثيرانٍ وعِشْرينَ حِمارةً وعَشَرَةَ جِحاش”.ما أراده يسوع أن يوضحه للسامعين: إن الأب رحيم لهذه الدرجة، فلم يكن لدى الابن المبذر أي شيء يقدمه لابيه، كما إنه لم يركع أولا أمام أبيه معترفًا بخطئه فيسامحه أبيه.

قد يعجبك ايضا
اترك رد