إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

الخروف الضال

0 842

يطرح هذا المثل تساؤلات عديدة: هل هذا الخروف هو الأهم في القطيع إلى الدرجة التي يترك فيها الراعي جميع الخراف الباقية في الجبال، كما نقرأ في نص القديس متى 18، ويعرضها إلى الهلاك بين أنياب الوحوش الضارية التي تجوب المكان؟

لماذا هذه الفرحة الطاغية بخروف وحيد، في حين إن الراعي يملك 99 خروفًا لا يمثلون سبب فرح له كالخروف الضال؟

لا يتكلم النص عن خطيئة للخروف، فالخروف لا يشعر بالذنب، إلا لوقا قد أدرجه قبل مثل الابن الضال وأضاف هذه الجملة التي تجعلنا نفكر بأن الخروف هو حالة الإنسان الخاطئ: “هكذا يكونُ الفَرَحُ في السَّماءِ بِخاطئٍ واحِدٍ يَتوبُ أكثَرَ مِنَ الفَرحِ بِتسعَةٍ وتِسعينٍ مِنَ الأبرارِ لا يَحتاجونَ إلى التَّوبَةِ”.

لا يشير المثل إذن لحالة الإنسان الخاطئ، فالله رحيم غفور مُحب للجميع فلا يمكن لنا أن نفكر بأن يهمل الباقيين الذين لا يحتاجون إلى التوبة. المثل لا يتكلم عن التوبة والمغفرة، بل عن العدّد. لاحظ الراعي خروفًا مفقودًا من أصل مئة، فلم يستطيع النوم لأنّ أحد خرافه تائهٌ في الخارج، وحيدٌ في الليل. إنّه يذهب إذن للبحث عنه، وينادي اسمه (يو10: 4). وعندما يجد خروفه العنيد أخيرًا، يحمله ويضعه على كتفيه، عوض أن يضربه بالعصا، فيعيده، وحينئذ تكون الفرحة الحقيقية.

المثل إذن على العدد، كل شخص في الحياة مهم لدى الله، كل شخص فريد ومميز جدًا، لا يتكرر أبدًا. كل إنسان لديه قيمة في ذاته، فهو ليس بديل عن الأخرين. الراعي سِّيق إلى الذبح دون أن يفتح فاه (أشعيا 53: 7) لأجل كل إنسان على حده. أنت فريد ومميز جدًا، إلى الدرجة التي إن الراعي يحبك بصورة مجنونة، فيقبل أن يبذل حياته من أجلهم، هو بذاته، وأن يصبح الأكثر ضعفًا في قطيعه، الحمل، لكي لا تضيع خرافه. عرف القدّيس يوحنا في سفر الرؤيا جيّدًا الحبّ المجنون للراعي الصالح بوضعه على العرش لا الضابط الكلّ بل الحمل المذبوح. ونقرأ: “لأنّ الحمل في وسط العرش يرعاهم، ويقودهم إلى ينابيع مياه الحياة” (رؤ 7: 17).

كل إنسان هو خروف ضال، كما يقول الكتاب، “كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا”، كل منا يضل في وقت ما في حياته، لكن لدينا ثقة بأن الراعي سيبحث عنا، سيتفقدنا، إلى أن يحملنا مرة أخرى على منكبيه فرحًا بعودتنا من حالة الضلالة التي نعيش فيها.

قد يعجبك ايضا
اترك رد