إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

عيد الفصح 2022

0 516

“ماهي القيامة؟” الإجابة المحفوظة هي: “مات شخص ثم عاد إلى الحياة”. هذا غير صحيح! فالقيامة في الأناجيل هي للأحياء وليس للأموات!  يمنح الله الأحياء نعمة حياة قادرة على التغلب على الموت. تعمل الحياة الأبدية فيهم من الآن والموت لا يقدر على هزيمتها وهذا ما عبر عنه بولس: “فما أنا أحيا بَعدُ، بَل المَسيحُ يَحيا فـيَّ”.  فبقوة قيامة المسيح نلت من الآن الحياة الأبدية لذا المسيح يحيا فيَّ.

تدعونا رسالة بولس إلى روميه لفهم إننا إذا اتحدنا مع يسوع المسيح بشبه موته نصير أيضا متحدين بقيامته. يتكلم بولس عن موت الخطيئة: “احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتاً عَنِ الْخَطِيَّةِ وَلَكِنْ أَحْيَاءً لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”.

القيامة تخص الأحياء.. لأنها إن كانت تخص الأموات فقط، فماذا سنفعل بهذا العيد؟ أنا من يجب أن أقوم مرة أخرى وأن أحصلَ على نعمة الحياة تلك القادرة على هزيمة الموت. لنتأمل في الأشخاص الذين سمعنا أسمائهم في إنجيل القيامة، بطرس ويوحنا ومريم، هم من قاموا من الأموات في ذلك الصباح، فجر أحد القيامة.

فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ…

ركضت مريم وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر.. ثم أسرع التلميذين في سباق نحو القبر، ولكن التلميذ الآخر سبقَ بطرس. لماذا يركض الجميع في صباح عيد الفصح؟ يبدأ إعلان قيامة الرب بسباق.

عادة نجري من الخوف، نهرب، نرغب في انقاذ أنفسنا، نتدافع ويهم كل شخص أن ينجو بحياته. ولكن نجري إلى شيء نحبه، إلى شيء يحقق لنا سعادة، أو من أجل الفوز بجائزة ما، كما نرى في سباقات الأولمبياد. لكن يصف لنا أنجيل اليوم سباق غريب، أبطاله بطرس ويوحنا والمجدلية يجرون لرؤية قبر فارغ. ما هو الدافع لهذا السباق؟

أخبرت المجدلية التلاميذ بأن هناك مَن: «أَخَذوا الرَّبَّ مِنَ القَبْرِ، ولا نَعلَمُ أَينَ وَضَعوه». جرى الثلاثة إلى القبر وموقف كل منهم يساعدنا في فحص حياتنا كمسيحين اليوم في معرفة أين أنا في إيماني بيسوع المسيح القائم، أين أنا في الإيمان بالحياة الأبدية؟

الشخص الأول هو بطرس

جرى بطرس ليتأكد مما نقلته المجدلية، لكن وصل يوحنا إلى القبر أولا. هل كان بطرس عجوز، معتل الصحة لم يجاري يوحنا ففاز يوحنا بالسباق. هذه صورة خاطئة عن بطرس، فقد كان شابًا قويًا، لكنه جرى بلا قوة لأنه شعر بثقل خيانته، فقد أنكر سيده أمام جارية وأعلن بقوة «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!». لقد كان بطرس صادقًا فهو لم يعرف حقيقة يسوع إلا بعد القيامة. لم يعرف أن هناك من يحب لهذه الدرجة، أن يبذل ذاته لأجل محبته للبشر. شعر بثقل خيانته وأنه لا يستحق أن يواجه يسوع مرة أخرى، أذ قام المسيح هل سيقبله مرة ثانية. لذا حسب نص القديس مرقس يوصي القائم النسوة بأن “اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ”. أراد القائم أن يؤكد لبطرس أنه يغفر سقطته. عندما يكتب بطرس رسالته الأولى يبدأ بهذه الآية: “تَبارَكَ اللهُ أبو رَبّنا يَسوعَ المَسيحِ لأنّهُ شَمَلَنا بِفائِقِ رَحمَتِهِ، فوَلَدَنا بِقيامَةِ يَسوعَ المَسيحِ مِنْ بَينِ الأمواتِ”.

كثيرًا منّا مثل بطرس، هو تلميذ للمسيح، يؤمن به لكن عندما تكلفنا الشهادة يسوع اضطهاد وسخرية الآخرين فإننا نتراجع، مفضلين إنكار تعاليمه خوفًا من الناس. عندما ندرك خطأنا، نستمر في العيش كتلاميذ للمسيح لكن نجر أنفسنا بثقل ضمير لعدم أمانتنا لإرادة الله. لم يتحرر بطرس من ثقل الضمير إلا بعد أن طلب منه يسوع ثلاث مرات أن يرعي خرافه، فعهد له من جديد مسئولية قيادة الكنيسة.

الشخص الثاني هو يوحنا

“أَوَّلاً إِلَى الْقَبْر وَانْحَنَى فَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ”. انتظر يوحنا بطرس، لاحظ يوحنا ترتيبًا كاملاً: الأكفان موضوعة بترتيب والمنديل الذي كان على الرأس، فهم أن يسوع حرر نفسه بمفرده، لم تكن هناك سرقة لأنه لا ينزع أحد الأكفان من كان في نيته سرقة الجسد أو نقله؛ ويُعلق القديس أمونيوس الإسكندري “لو أن الأعداء سرقوا الجسد، فمن أجل المكسب المادي ما كانوا قد تركوا الأكفان. لو أن التلاميذ فعلوا هذا لما سمحوا بتعرية الجسد وأهانته”..انتظر يوحنا بطرس، هل لأنه القائد الذي أوصاه يسوع على كنيسته؟ أم لأنه أراد أن يخفف عن صاحبه الذي يتألم بشدة بسبب نكرانه معرفة يسوع أمام جارية؟ من الممكن أن تكون هناك تفسيرات كثيرة لكن المهم هو تقدمة يوحنا لأخيه أن ينال الإيمان أولاً. غلبت محبة يوحنا الإنسان القديم، وتذكر هذا كله عند كتابته لرسالته الأولى: الله محبة.

الشخص الثالث هي مريم المجدلية

مريم المِجدَلِيَّة هي أول من رأت الحجر مرفوعًا عن القبر (يوحنا 20: 1)، واكتشفت ان القبر فارغ. فقد رأت كما يرى كل إنسان بحاسة النظر، ولم تفهم  سبب القبر الفارغ، ظنت أنهم أخذوا جسد يسوع من القبر.  مريم المِجدَلِيَّة هي كالقديس توما رمز للناس الذي يحتاجون أن يروا لكي يؤمنوا.  

لكن عندما فهم التلاميذ الكتب المقدسة، لم يعودوا بحاجة الى ان “يروا” أولا، بل أصبحوا يؤمنون استنادا الى كلمة الله. ونحن مدعون الى الايمان استنادا لا للرؤية لنؤمن بل الى كلمة الله، ويعلق القديس أوغسطينوس “الإيمان بموت السيّد المسيح ليس شيئاً عظيماً؛ حيث أن هذا شيئاً يؤمن به الوثنيّون واليهود وجميع الأشرار. الجميع يؤمن بأنّه مات. أمّا الإيمان المسيحي يكمن في قيامة المسيح الربّ؛ وهذا هو ما نعتبره شيئاً عظيماً – الإيمان بأنّه قام”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد