إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

عيد الميلاد 2015

0 1٬253

نحتفل أخوتي اليوم بعيد ميلاد الرب يسوع في مزود للبقر. تجسد الرب وجعل من نفسه طفلاً صغيرًا لكي نستطيع أن نحبه، وكطفل صغير يلقي نفسه بثقة بين أيدينا، ويلمسنا من جديد: أنا أعرف أن بهائي يخيفك، وأنك تبحث عن إثبات نفسك أمام عظمتي. ها أنا آتي إليك كطفل صغير لكي تستطيع أن تقبلني وتحبني. فالإنسان لا يستطيع أن يرى الله ويعيش، فعندما طلب موسى أن يرى مجد الله قال له الرب: “هُنا مكانٌ بِجانبي تقِفُ فيهِ على الصَّخرةِ، وحينَ يمُرُّ مَجدي أجعَلُكَ في فَجوَةِ الصَّخرةِ وأُغَطِّيكَ بِيَدي حتى أمُرَ. ثُمَ أُزيحُ يَدي، فتنظُرُ ظَهري. وأما وجهي، فلا تراهُ” (خر ٣٣: ٢١- ٢٣). أضاء مجد الله موسى فصار جلده يلمع فجعل على وجهه برقعًا. لقد راى التلاميذ يسوع، في لحظة خاطفة تجلي يسوع على جبل طابور، فارتبك التلاميذ ولم يعرفوا ماذا يقولون، لكنهم شهدوا بأن مجد الله يظهر في المسيح: “والكَلِمَةُ صارَ بشَرًا وعاشَ بَينَنا، فرأَينا مَجدَهُ” (يو ١: ١٤). اضاء وجه يسوع وثيابه حتى عجز الرسل عن وصف ما حدث.
ْ
اليوم يحل مجد الله في مزود فقير وترنم الملائكة: “المَجدُ لله في العُلى، وفي الأرضِ السَّلامُ لِلحائزينَ رِضاهُ” (لوقا ٢: ١٤). لماذا اختار الله هذا الطريق ليأتي بها إلى العالم. لماذا يأتي ابن الله ليُولد في مزود فقير، في مكان متواضع كهذا، بل حقير ومقزز لا يليق بالبشر، وسط البقر؟

لماذا ولد الرب، خالق كل شيء، في مزود للبقر؟
منذ سنوات طويلة أردت أن أصور فيلم عن ميلاد المسيح في حظيرة البهائم والخنازير بالجيزة، وربطنا البقرة والحمار والخراف بجوار المزود، كنا نحتاج إلى طفل لنعيد فكرة القديس فرنسيس عندما أراد تأسيس المغارة، بأن يحتفل بصورة حية لميلاد الرب. فطلبنا طفل من أحدي سيدات الرعية، أن تسمح بأن نضع طفها الرضيع في المزود. رفضت الأم حتى لا يتسخ الطفل أو يصاب أو يقرصه فأر. فالمغارة مكان حقير متسخ لا يصلح أن يقيم فيه إنسان. فكيف قبلت مريم أن يوضع ولديها في مكان مثل هذا، لم تخشى عليه من الحيوانات، لماذا تضعه في مزودٍ؟

هناك من يرى أن المسيح هو حمل الله، الراعي الصالح، فكان من الطبيعي أن الحمل الذي سيحمل خطيئة العالم يولد في وسط الأغنام. لَم يشير الإنجيلي إلى نوعية الحيوانات الموجودة، اشار فقط للمزود. جميعًا يعلم أن الحيوانات كانت تقيم في الساحة الداخلية للمساكن كما هو الحال في منازل الصعيد حتى وقت قريب. كيف نفهم اشارة القديس لوقا: “وَلَدَت اَبنَها البِكرَ وقَمَّطَتْهُ وأضجَعَتهُ في مِذْودٍ” (لو ٢: ٧).

المعنى الأول: هو مكان يحتوى على طعام الحيوانات، مثل عشب الحقل، الذي يجمع كغذاء للحيوانات. وهنا يُشير لوقا إلى بداية الخلاص من النقطة التي توقف عندها. فبعد خطأ أدم وحواء يعاقب الرب أدم على سماعه لكلام المرأة فيقول له: “الأرضُ مَلعونَةً بِسبَبِكَ. بِكَدِّكَ تأكُلُ طَعامَكَ مِنها طولَ أيّامِ حياتِكَ. شَوكًا وعَوسجا تنبِتُ لكَ، ومِنْ عُشْبِ الحقلِ تقتاتُ” (تك ٣: ١٧- ١٨). تحول الخطيئة الإنسان إلى ما يشبه الحيوانات، لا عقل لها. هذا ما يقوله الرب في بدء سفر أشعيا: «البنونَ الذينَ رَبَّيتُهُم ورفعتُهُم تمَرَّدوا عليَ. الثَّورُ يعرفُ مُقتَنيهِ والحمارُ مَعلَفَ صاحبِهِ، أمَّا بَنو إِسرائيلَ فلا يعرِفونَ، شعبي لا يفهَمُ شيئًا». هكذا عندما ترفع قلب نبوخذنصر وتجبر، يقول الكتاب: “طُرِدَ مِنْ بَينِ بَني البشَرِ وتَساوى عقلُهُ بِعقلِ الحيوانِ، وكانَت سُكْناهُ معَ الحميرِ الوَحشيَّةِ، واقْتاتَ العُشْبَ كالثِّيرانِ” (دانيال ٥: ٢١). لهذا قبل أن يشفي الرب يسوع المرأة المنحنية الظهر، يغفر لها خطاياها، يحررها من سيطرة إبليس الذي يجعل الإنسان لا عقل له مثل الحيوانات: “هذه اَمرأةِ مِنْ أبناءِ إبراهيمَ رَبَطها الشَّيطانُ مِنْ ثماني عشْرَةَ سنَةً، أما كانَ يَجِبُ أنْ تُحَلَ مِنْ رِباطِها يومَ السَّبتِ؟” (لوقا ١٣: ١٠- ١٧). (تك ٣: ١٧- ١٨). تحول الخطيئة الإنسان إلى ما يشبه الحيوانات، لا عقل لها. هذا ما يقوله الرب في بدء سفر أشعيا: «البنونَ الذينَ رَبَّيتُهُم ورفعتُهُم تمَرَّدوا عليَ. الثَّورُ يعرفُ مُقتَنيهِ والحمارُ مَعلَفَ صاحبِهِ، أمَّا بَنو إِسرائيلَ فلا يعرِفونَ، شعبي لا يفهَمُ شيئًا». هكذا عندما ترفع قلب نبوخذنصر وتجبر، يقول الكتاب: “طُرِدَ مِنْ بَينِ بَني البشَرِ وتَساوى عقلُهُ بِعقلِ الحيوانِ، وكانَت سُكْناهُ معَ الحميرِ الوَحشيَّةِ، واقْتاتَ العُشْبَ كالثِّيرانِ” (دانيال ٥: ٢١). لهذا قبل أن يشفي الرب يسوع المرأة المنحنية الظهر، يغفر لها خطاياها، يحررها من سيطرة إبليس الذي يجعل الإنسان لا عقل له مثل الحيوانات: “هذه اَمرأةِ مِنْ أبناءِ إبراهيمَ رَبَطها الشَّيطانُ مِنْ ثماني عشْرَةَ سنَةً، أما كانَ يَجِبُ أنْ تُحَلَ مِنْ رِباطِها يومَ السَّبتِ؟” (لوقا ١٣: ١٠- ١٧).

يبدأ المسيح قصة الخلاص من نفس النقطة التي توقف عندها آدم، من سيطرة الخطيئة التي تجعله مثل منحني الظهر يشبه الحيوانات، يقتات من عشب الحقل. فيبدأ المسيح ليحرر البشرية من سيطرة إبليس التي جعلت الإنسان دون عقل. فكما خطأ الجميع مع آدم يأتي المسيح، أدم الجديد ليحيا الجميع: “لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ” (١كو١٥: ٢٢). يتجسد المسيح اليوم ليحررنا جميعًا من سيطرة روح الشر، ليعطينا حياة أبدية، ليهبنا الخلاص: ” لا خلاصَ إلاّ بيَسوعَ، فما مِن اَسمِ آخَرَ تَحتَ السَّماءِ وهَبَهُ الله لِلناسِ نَقدِرُ بِه أنْ نَخلُصَ”.

“واَرْفَعوا رُؤُوسَكُم لأنَّ خلاصَكُم قَريبٌ (لوقا ٢١: ٢٨): هذه هي رسالة المزود الأولى اليوم مهما كان حالة المكان، أو حالة الشخص، فالرب سيغيره كما غير المزود، سيجعلك شخص أخر. لا يريد الرب أن تكون منحنى الظهر تحت سيطرة الشر، بل يريد أن يحررك فيولد في ذات المكان ليغيرك تمامًا.

المعنى الثاني: تُشير كلمة المزود أيضًا إلى سلة من الخوص كان يُحمل فيها الطعام إلى العاملين في مناطق بعيدة عن المنازل، كالحقول والمراعي وعاملي البناء. كان العاملين يجتمعوا معا في وقت الغذاء لتقاسم الأكل المحمول لهم في تلك السلة. يُشير المعنى إلى العذراء ولدت الطفل في منطقة صخرية قريبة من الرعاة الذين قدموا لها ما يملكونه، سلة من الخوص، لتضع فيها الطفل. الطفل في المكان الذي يُحمل فيه الطعام للرعاة. يُصبح المسيح هو الطعام المقدم لهؤلاء الفقراء: “مَنْ أكَلَ جَسَدي وشَرِبَ دَمي فلَهُ الحياةُ الأبديَّةُ، وأنا أُقيمُهُ في اليومِ الآخِرِ. جَسَدي هوَ القوتُ الحَقيقيُّ، ودَمي هوَ الشَّرابُ الحَقيقيُّ. مَنْ أكَلَ جَسَدي وشَرِبَ دَمي يَثبُتُ هوَ فيَّ، وأثبُتُ أنا فيهِ” (يوحنا ٦: ٥٤- ٥٦). لا خلاص إلا بجسد ودم الرب. لهذا يُيشر لوقا إلى المزود، فالرب يقدم ذاته مأكلا ومشربا حقا.

علينا أن نُدرك المعنى العميق للافخارستيا: فهي جسد ودم الرب، الإنسان الكامل والإله الكامل، هي يسوع نفسه الذي ولد ومات وقام والجالس عن يمين الأب. لهذا لا تكفي الإرادة لقبول نعمة الله، أي قبول نعمة التقديس التي يُعطينا إياها الرب مجانًا من خلال جعلنا شركاء في الثالوث والسماح لنا بالعمل معه. في كل مرة أتقدم للمناولة اتحد بجسد المسيح القائم من بين الأموات، إلى شركة الحياة الأبدية، نتحول إلى المسيح، وليس هو الذي يتحول إلينا، نحن لا نبتلعه لنسكنه في بطوننا، بل هو الذي يختطفنا لنسكن ونستوطن في جسده، كأعضاء. هذا هو المأكل الحق والمشرب الحق.

قد يعجبك ايضا
اترك رد