إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

الصوم هو أن نحرم ذواتنا ممّا نحبّ، من أجل مَن نحبّ!

0 1٬027

لماذا يجب علينا أن نصوم؟ وعن أي شيء نصوم؟

في إنجيل أحد الصوم، متى (6: 1- 18)، يتكلم الرب يسوع عن ثلاث أعمال تقوية أساسية هي: الصدقة والصلاة والصوم. هي أعمال برّ يجب أن يعيشها الإنسان في الخفية أمام الآب. ثلاث ممارسات يهودية، تُمارس من منطق يسوع لا من منطق الفريسيين. إن انتظر المؤمن أن يراه الناس، يأخذ أجره من الناس، لا من الله. وإن عمل لله، فلا حاجة إلى الظاهر، لأن الله يرى في الخفية.

لكن يبقي التساؤل: لماذا يجب علينا أن نصوم؟ وعن أي شيء نصوم؟ وهل الترتيب الذي تكلم به المسيح مقصودًا، لماذا أشار أولاً إلى الصدقة ثم الصلاة والصوم؟

في بدء سفر التكوين سأل الله الإنسان: “أين أخوك؟” الأخر هو عطية، هو الأساس الذي تبنى عليه حياةُ الإنسان وعلاقته مع الله. كثيرًا ما ربط يسوع بين الله والقريب، فالوصية الكبرى أن تُحب الله من كل القلب والنفس والقدرة وان تُحب القريب كنفسك. كل دينونة الإنسان ستكون على ماذا قدمَ للقريب: “يا رَبّ، متى رَأَيناكَ جائعاً أَو عَطشان، غَريباً أَو عُرياناً، مريضاً أَو سجيناً؟ كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه”. الأساس إذن هي العلاقة مع القريب التي تكشف علاقة الإنسان بالله وبذاته.

لذا جاء الترتيب مقصودًا فالأساس هو الخير الذي تقدمه للآخرين، إذا كان ماديًا في صورة صدقة، أو روحيًا بأن تغفر للآخرين زلاتهم: “وإنْ كُنتُم لا تَغفِرونَ لِلنّاسِ زلاّتِهِم، لا يَغفِرُ لكُم أبوكُمُ السَّماويٌّ زلاّتِكُم” (الآية 15)، أو إنسانيًا بأن تشعر في جسدك بمشاعر وآلام القريب الفقير والجائع، لأنك والآخر أعضاءٌ في جسد واحد: “فإذا تألَّمَ عُضوٌ تألَّمَت معَهُ جميعُ الأعضاءِ، وإذا أُكرِمَ عُضوٌ فَرِحَتْ معَهُ سائِرُ الأعضاءِ” (1 كورنثوس 12: 26).

الصوم إذن هو أن نحرم ذاتنا ممّا نحبّ، من أجل مَن نحبّ؛ نحرم ذواتنا من بعض الخيرات المادية، من كبريائنا الشخصي الذي يمنعنا من الغفران، من أطايب الطعام والاعتماد على وجبات بسيطة للمشاركة واقتسام وجبات الفقراء والمحتاجين فترة من الزمن. نفعل كل هذا لأجل مَن نَحبّ: القريب.

قد يعجبك ايضا
اترك رد