احتاجُ إلى زرع قلب!
الجمعة 12 يوليو 2024: إنجيل القدّيس يوحنّا 19: 31- 37
واحِدًا مِنَ الجُنودِ طَعَنه بِحَربَةٍ في جَنبِه، فخرَجَ لِوَقتِه دَمٌ وماء
اليوم نحتفل بعيد قلب يسوع وهذا ما دعاني إلى إجراء رسم لقلبي للإطمئنان فاكتشفت إنه عليل ومريض، بل يحتاج إلى عملية فورية لزرع قلب جديد! بل أنت عزيزي القارئ لهذا التأمل تحتاج لزراعة قلب جديد مثلي تمامًا. الحقيقة إن قلوبنا مريضة وعليلة.
إذا بحثت عن كلمة قلب في الكتاب المقدس سيصلك معنى مختلف تمامًا عما هو سائد من أفكار رومانسية كمركز للعاطفة والحب والأشياء الجميلة. المفاجأة إنه يرتبط دائما بالشر. حاول أن تأخذ أول عشر آيات ورد فيها كلمة قلب في سفر التكوين وسترى بنفسك.
على سبيل المثال، قيل في الإصحاح 6 “وأَنَّ كُلَّ ما يَتَصوَّرُه قَلبُه مِن أَفْكار إِنَّما هو شَرٌّ طَوالَ يَومِه”، وفي الإصحاح 8 “لأَنَّ ما يَتصوَّرُه قَلْبُ الإِنسانِ يَنزعُ إِلى الشَّرِّ مُنذُ حَداثَتِه”. وبالمضي قدمًا في أسفار الكتاب المقدس، فإن الوضع لا يتحسن، في الواقع، لدرجة أن النبي حزقيال مدعو ليتنبأ بتغيير جذري في حياة الإنسان! جاء في الإصحاح 36 ما يلي: “وأُعْطيكم قَلبًا جَديدًا وأَجعَلُ في أَحْشائِكم روحًا. جَديدًا وأَنزِعُ مِن لَحمِكم قَلبَ الحَجَر، وأُعْطيكم قَلبًا مِن لَحْم،وأَجعَلُ روحي في أَحْشائِكم وأَجعَلُكمِ تَسيرونَ على فَرائِضي وتَحفَظونَ أَحْكامي وتَعمَلون بِها” (الآيات 26- 27). يسوع نفسه يضع القلب كمصدر للأفكار الملوثة والشريرة عندما يعلن: “أَنَّهُ مِن باطِنِ النَّاس، مِن قُلوبِهم، تَنبَعِثُ المَقاصِدُ السَّيِّئةُ والفُحشُ وَالسَّرِقَةُ والقَتْلُ والزِّنى والطَّمَعُ والخُبثُ والمَكْرُ والفُجورُ والحَسَدُ والشَّتْمُ والكِبرِياءُ والغَباوة”. (مرقس 7، 14 – 23).
قلب الإنسان عليل إذن وإذا فحصت قلبك اليوم ستعرف إنك بحاجة إلى زرع قلب جديد. مَن هو المتبرع الذي يستطيع أن يمنحك قلبًا جديدًا؟
قبل أن أذكر لك اسم المتبرع لأبد أن تعرف تلك الحقيقة العلمية: إن القلب وغشائه البريتوني يمثلان جهازاً فائق التعقيد، يشبه الجهاز العصبي للمخ تماماً، وله ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد، وله قدرة على قيادة المخ، وقد تأكدت هذه الاكتشافات بعمليات نقل القلب من إنسان إلى آخر حيث اكتشف أن القلب المنقول يحمل معه من الذكريات، والملكات والمواهب والعواطف والمشاعر والهوايات والخصال والسجايا والصفات الذاتية الأخرى الخاصة بالشخص الذي نقل منه القلب، والتي تبدو غريبة كل الغرابة عن الصفات السابقة للشخص الذي تم نقل القلب إليه.
أنا وانت عزيزي القارئ لا نستطيع أن ننتظر متبرعًا بشريًا خالصًا لأنه هو أيضًا قلبه عليل ومريض مثلنا تمامًا. الحل هو في قلب جديد لا يحمل معه ذكريات الشر والعواطف المنحرفة. قلبًا طاهرًا من خصال الخبث والطمع والحسد. ذاكرته القصيرة والطويلة الأمد لا تملك سوى المحبة والتي تدفعه إلى بذل الذات طواعيًا عن المحبوب، عنك وعني.
إنه قلب يسوع الأقدس الذي نحتفل بعيده اليوم.
نبض قلبه يجعلنا أحياء روحيًا، عندما يسكن روحه القدوس القلب فإن ثمار الروح ستظهر فينا وفي أعمالنا.
والآن دعونا نحاول الرجوع خطوة إلى الوراء والعودة إلى السؤال السابق. هل يرسلنا الكتاب المقدس إلى رؤية سلبية للقلب بأنه مركز للشر؟ الجواب نعم. لكنها ليست إجابة نهائية. لأن باستطاعة كل إنسان أن يجرى عملية زرع قلب جديد: “قَلبًا طاهِرًا اْخلُقْ فيَّ يا ألله ورُوحًا ثابِتًا جَدِّد في باطِني” (مز 50: 12).
هذا هو إذن قلب يسوع الأقدس، الذي نحتفل به اليوم: إنه القلب الجديد المقدم لنا، لكي نتمكن من زرعه في جسدنا الروحي ليجعلنا نعيش في ملء الفرح.