في زيارتي الأولى لأوروبا، كان أكثر الأشياء التي لفتت نظري هو منظر الجبال: الخضراء دومًا، والتي كانت تبدو من القطار كلوحة فنية رائعة. هي جبال كسلسلة الجبال التي تحوط مدينتي الرابضة في أقصى صعيد مصر، لكنها مختلفة تمامًا. السبب هو معروف للجميع، أمطار مستمرة طوال العام أنبتت الغابات الكثيرة والنضرة. إنه الماء متى كان وافرًا يجعل الطبيعة جميلة مكسوة بخضرة مزدهرة ونابضة بالحياة. ومتى كان شحيحًا كانت الحشائش، وإن ندرت، تبدو مصفرة، خشنة كئيبة، كملاعبنا المصرية عندما مقارنتها بالملاعب الأوربية حيثُ المطر. أما إذا ندر الماء فتكون الطبيعة صحراوية قاحلة جافة.
أفضل دائمًا أن أشبه الروح القدس وفعله في حياة المؤمن بالماء. فالمسيح لجأ إلى هذا التشبيه: “إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ”. ثم أضاف يوحنا شارحًا إنه قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه، ولأن الروح لم يكن قد اُعطيَ بعد.
سقوط الماء على أرضٍ حجرة قادر على تغير طبيعتها، فأساس الحياة على الأرض الماء، ومتى وجد كانت هناك حياة. لذا عندما اُعطيَ الروح نجد تغييرًا كبيرًا في حياة الناس فتبدلت أحوالهم تمامًا. بطرسَ الصياد البسيط، الذي جبن إلي الدرجة التي أنكر فيها تمامًا كل معرفة بيسوع، نراه بعد حلول الروح يقف أمام ألوف من الناس ويتكلم معلناً جهارًا أن يسوع هذا هو ابن الله، فيؤمن في ذلك اليوم ثلاثة ألف نتيجة لعظة بطرس.
حتى أسطفانوس أحد الشمامسة الأوائل، الغير مدرب نجده لا يخاف مقارعة الكتبة بالحجة، ويعلن وقت رجمه، وهو ممتلئ من الروح القدس، أن المسيح قائمًا عن يمين الله. يحمل الروح الجديد للإنسان الذي لا يتوقعه عن نفسه.
إنه يأتينا كإله ليسكن في كل واحد منا إنه يأتي كقوة، يأتي كمعرفة وكحكمة، يأتي مثل نفخة الله ليعطينا حياة جديدة، يأتي مثل أعظم منبه، يأتي مثل أعظم عطية يمكن أن يعطيها الله، يأتي مثل ماء منعش لروح الإنسان الجافة.
لكي تكون حياتك مثمرة يجب أن تشرب من الماء الحي على الدوام. يلزم أن يلزم أن نستمر في الصلاة طالبين قوة حضوره في حياتنا كما عمل التلاميذ : هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة علي الصلاة والطلبة:. أع 1: 14 فهذا النوع من الصلاة والطلبة هو ضروري إذا ما كنا نريد إضرام الروح القدس فينا .