هل يمكن أن يكون الإنجيل مخيفًا؟

عندما نقرأ الإصحاح 13 من إنجيل القديس مرقس، والذي يسمى “نهاية العالم” يبدو الأمر مخيف جدًا: أخبار عن حروب، عن زلازل ومجاعات. عن أيام شدة لم يحدث مثلها منذ بدء الخليقة. مظاهر ظلمة للشمس ويختفي نور القمر، تتساقط النجوم من السماء وتتزعزع القوات في السموات. هل يزيد يسوع من مخاوفنا؟ ألا يكفي إننا نخاف كل شيء تقريبًا: نخاف من المرض، نخاف من الوحدة، أن نفقد أحد، من الموت. لا يستطيع أحد أن يقول إنه لا يخاف شيء ما! الجميع يخاف!

لكن إنجيل اليوم لا يدعو إلى الخوف فرسالة يسوع هي رسالة رجاء “كونوا متيقظين-فَاحذَروا واسهَروا”. فيسوع هو الذي يقول اليوم: “لا يخدعكم أحد”؛ “لا تضطربوا”؛ “لا تقلقوا”؛ حتى لو قالوا لكم عن مسيح آخر، “لا تصدقوا”. أمام كل الأشياء التي تبعث على الخوف والاضطراب لا تقلقوا: “قُلتُ لَكم هذِه الأَشياء لِيكونَ لَكُم بيَ السَّلام. تُعانونَ الشِدَّةَ في العالَم ولكن ثِقوا إِنِّي قد غَلَبتُ العالَم». (يو 16: 33).

الإنسان هش وضعيف أمام الظواهر الطبيعة، كما نقرأ في المزمور 103: “15الإِنسانُ كالعُشْبِ أَيَّامُه وكزَهرِ الحَقْلِ يُزهِر”. 90: “6في الصَّباحِ يزهِرُ وَينبت وفي المساءِ يَذبُلُ وَييبَس”. نخاف لأننا ضعفاء جدًا، لكن هذا الضعف هو الذي يجعلنا نقبل عطية الرجاء. نحن ضعفاء لكن نرغب في قيادة حياتنا بأنفسنا دون الثقة في وجود المسيح معنا: “وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم”. كثيرون منا حصلوا على رخصة القيادة وكثيرون منا جربوا القيادة برفقة مدرب. الآن، إذا كنت لا تعرف كيف تقود السيارة وبدأت في القيادة، فإنك تشعر بخوف شديد من أن تخطئ، أو أن تتوقف السيارة، أو أن تصدم شخصًا، أو أن تتسبب في حادث.

ما الذي يساعدك على محاولة قيادة السيارة؟ لأن بجانبك شخص تثق به، يعرف كيف يقود السيارة في المقام الأول، يعرف عمله، والأهم من ذلك أنه عادة ما يكون لديه دواسات احتياطية مزدوجة، وبالتالي يمكنه الفرملة عند الضرورة. لكن انتبه، هذه الثقة التي نمنحها للشخص الذي بجانبنا والرجاء في أن يتدخل في لحظات الصعوبة تجعلنا أحرارًا بما يكفي لمحاولة قيادة السيارة. الآن تخيلوا أن الحياة هي أكثر من هذا.

إذا كان لدي الرجاء في أن هناك في أوقات الشدة شخصًا أفضل مني، وأكثر قدرة مني، ويمكنه التدخل في أي وقت، فإنني أستمد الشجاعة وأتمكن من العيش بسلام: “”تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ” (أمثال 3: 5). ولكن إذا بدأنا نشك في أن الشخص الذي بجانبنا لا يعرف كيف يقود، أو أنه غير قادر على مواجهة الصعوبات، فإن ما كان يجب أن يكون عونًا يصبح جحيمًا. في كثير من الأحيان، تبدأ حياتنا المسيحية في الانهيار لأننا نبدأ في فقدان الثقة في الرب. نبدأ في عدم الثقة بشكل أساسي في وجوده وعمله في حياتنا.

ماذا يحدث إذا اهتزت الثقة أمام الصعوبات والاضطرابات التي نعيشها كل يوم؟ إذا استسلمنا للخوف سيأتي من جديد ليدعونا إلى تجديد الثقة. هنا نفهم هذا المثل الذي قاله المسيح لتلاميذه عن سيد المنزل الذي يسافر ويطلب من خدمه السهر لأنه سيأتي في أي وقت: في المساء، في منتصف الليل، عند صياح الديك، أو في الصباح… في ساعات النوم أو عند الاستيقاظ! المسيح يخبر تلاميذه عن أوقات إعلان مجده: المرور بالآلام والصليب حتى قيامته. لكن التلاميذ أمام الصعوبات نسوا تعليم المسيح ونبوءته عما سيجرى له في أورشليم.

قد يأتي رب البيت عند المساء، الساعة التي كان فيها التلاميذ الثلاثة الأقرب إلى يسوع – بطرس ويعقوب ويوحنا – ودعاهم إلى السهر والصلاة في بستان الزيتون لأنه رحلة آلامه قد أوشكت، لكن التلاميذ لم يهتموا ناموا ولم يسهروا معه (راجع مر 14: 32-42). يمكن أن يأتي في ساعة صياح الديك، عندما يقف يسوع أمام رئيس الكهنة ويحاكم، بينما بطرس ينكره قائلاً إنه لم يعرفه قط، كما كان الرب قد تنبأ له (راجع مر 14: 66-72). قد يأتي عند الفجر، عندما يظهر قبر يسوع فارغًا لأنه قام من بين الأموات، لكن التلاميذ يظلون غير مصدقين حتى أمام إعلان النساء التلميذات عن الفصح (راجع مرقس 16: 1-11). إنها ساعات إعلان يسوع، ساعات مجيئه، ومع ذلك فقد التلاميذ الثقة في كلامه: “تُعانونَ الشِدَّةَ في العالَم ولكن ثِقوا إِنِّي قد غَلَبتُ العالَم”.

يدعونا يسوع إلى الرجاء فيه فيقدم لنا نهاية الفيلم. في النهاية هو المنتصر: “وحينَئذٍ يَرى النَّاسُ ابنَ الإِنسانِ آتِياً في الغَمام في تَمامِ العِزَّةِ والجَلال”. لنثق إنه معنا طوال الأيام، إننا هياكل للروح القدس الساكن فينا فإذا تزعزع كل شيء يبقي هو الضامن الوحيد أمام تلك المخاوف.

Comments (0)
Add Comment