حارس لا ينام

“أَقولُ لَكُم إِنَّ مَلائِكَتَهُم في ٱلسَّمَوات، يُشاهِدونَ أَبَدًا وَجهَ أَبي ٱلَّذي في ٱلسَّمَوات”

2 أكتوبر 2025؛ مت 18: 1-5 ؛ 10

نحتفل اليوم بعيد الملائكة الحراس. عالم غير منظور لنا ولا نعرف عنه شيء. الإنسان محدود بما يعرف، بما يختبره في واقعه، بما يراه في عالمه، لكن هناك عالم آخر لا نعرف عنه شيء، ولا نستطيع أن ننكره. فمثلا نعرف عن الكون فقط 5% وباقي عناصر الكون من طاقة مظلمة ومادة مظلمة، التي لا تشكل النسبة الباقية لا نعرف عنها شيء.

اليوم عيد الملائكة الحراس، جزء من ذلك العالم الذي نجهله، لكننا لا نستطيع أن نتجاهله، لأن كلام يسوع يؤكده: هناك”مَلائِكَة” يحرسون البشر يشاهدون وجه الله. لقد وعد المسيح الناهض من القبر العالم قائلاً: “هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ” (متى 28: 20)، وبالرغم ذلك نخوض مبارة حياتنا على الأرض وننسى أن هناك من وعد أنه معنّا كل الأيام، وعد أنه لن ينسانا أبدًا: “هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هَؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ. هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ (إشعيا 49: 15- 16).

كيف نشرح الأمر إذن؟ تأمل الصورة المرفقة بهذا التأمل وهي لمبارة لكرة القدم في انجلترا في 25 ديسمبر 1937 بعد وقت قصير من انطلاقها تم إلغائها بسبب انتشار ضباب كثيف بملعب المبارة .غادر الجميع أرض الملعب باستثناء حارس المرمي “سام بارترام ” الذي لم يسمع صفارات حكم المبارة من صخب الجماهير خلف مرماه، وظل يحرس مرماه متحفزا لأي تسديدة مباغته لمدة 15 دقيقة، قبل أن يأتي رجل شرطة لاخباره بقرار الإلغاء..  وعندها قال الحارس: «يحزنني أن ينساني الرفاق وانا احرسهم وقد ظننت أننا كنا نهاجم طول الوقت».

حزِنَ الحارس على نسيان زملائه له وهو المتاهب وسط المرمي ليمنع هجمات المنافس الشرير، وهو الساهر على عدم سقوطهم في خيبة الهزيمة أمام المنافسين، للأسف ننسى، وسط إنشغالتنا اليومية، إن الله حاضر، يقف خلفنا، يدافع عنا، يحرسنا حتى لا ننهزم ولا نسقط. هذا ما يؤكده المزمور 121: “لاَ يَنْعَسُ حَافِظُكَ. ِإنَّهُ لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ. الرَّبُّ حَافِظُكَ. الرَّبُّ ظِلٌّ لَكَ عَنْ يَدِكَ الْيُمْنَى. لاَ تَضْرِبُكَ الشَّمْسُ فِي النَّهَارِ وَلاَ الْقَمَرُ فِي اللَّيْلِ. الرَّبُّ يَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ. يَحْفَظُ نَفْسَكَ. الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ”.

لماذا نخاف ونقلق من شر الأيام وهجمات الأعداء المنظورين من البشر والغير منظورين من قوات الشر ونحن لدينا حارس يقظ لا ينام، لن تتلقى شباكنا أهداف من أحد قط، هناك من يدافع عنا..

لاحظ كلمة الآن.. في وقت المبارة والجميع ينتظر سقوطك وهزيمتك.. هو معك الآن… صدقني الآن وليس في الغد عندما تراجع حياتك.. الآن يحرس حياتك.. ثق.