كنْ يقيظًا

فكونوا أَنتُم أَيضًا مُستَعِدِّين»

٢١ أكتوبر ٢٠٢٥؛ لو ١٢: ٣٥- ٤٠

يحثنا يسوع في إنجيل اليوم على اليقظة. ولا يمكن لنا أن نكون متيقظين دون أن نكون منتبهين. فاليقظة والانتباه موقفان مرتبطان ارتباطًا وثيقًا ببعضهما البعض. الانتباه هو عكس السطحية والتشتت،  ويعنى القدرة على التركيز على ما هو أساسي والبقاء في حالة توتر تجاهه.

اليقظة، إذن، هي حراسة الانتباه: لا يمكن أن تكون منتبهًا إذا كنت مثقلًا، نعسانًا، مشتت الفكر والمشاعر. اليقظة الروحية هي موقف الروح، الحاضرة في ذاتها، الحذرة والمنتبهة لكي لا تفاجئها قوى الشر التي تحاول التسلل إلى العقل والقلب.

يحمل لنا تراث آباء الصحراء هذا الموقف المعبر: “كان هناك أخ يعيش في وهم بأن يتمتع بالسلام الداخلي، فهو لا يتعرض للتجارب ولا يدخل في صراعات مع ذاته. فسأل راهب مسن عن حاله، فقال له: يا ابني أنت مبنى مفتوح من جميع الجوانب. كل من يدخل إليك، يخرج كما يشاء. وأنت لا تعرف ما يحدث. لو كان لديك باب، ولو أغلقتَه ومنعت الأفكار السيئة من الدخول، لرأيتَها واقفة في الخارج تتقاتل ضدك».

اليقظة هي الباب الذي يتم غلقه أمام محاولات العدو للدخول إليك. وللآسف نعيش اليوم في بيوت منزوعة منها الأبواب والنوافذ. نعيش في عالم الميديا ووسائل التواصل الإجتماعي التى تخترق عقولنا دون ضابط، وتُدخلنا في صراعات وتصدر لنا صورة مزيفة عن الواقع والحياة. 

 نحن في حاجة إلى اليقظة والانتباه.

هل تعلمون أن كلمة “انتباه” في اليونانية تقول prosoché. وكلمة “صلاة” تقول proseuchè. فكروا في مدى تشابههما. ليس من قبيل الصدفة أن الآباء كانوا يقولون إن الانتباه هو أم الصلاة.

الآن، بالعودة إلى الإنجيل وختامًا، فإن الخادم قد باركه يسوع بسبب قدرته على اليقظة والانتباه. إنه يقظ ونزيه. لذا سيفتح الباب على الفور لسيده الذي يعود في منتصف الليل. أما نحن، فهل نحن يقظون؟

Comments (0)
Add Comment