إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

خُبزَ الله

1٬106

خُبزَ الله هوَ الذي يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ ويُعطي العالَمَ الحياةَ

صنع المسيح آية عظيمة وهي تكسير الخبز والسمك، بحثت عنه الجموع لتطلب من آية أخرى أعظم، آية تكون علامة من الله على إنه المسيا المنتظر. طلبوا من يسوع آية (علامة من عند الله) تفوق آية معجزة المن. قارن الشعب يسوع بموسى، فرأوا أن موسي تفوق على يسوع الذي أطعم خمس آلاف، أما موسى فأشبع شعبًا كاملاً، ليس مرة واحدة، بل على مدار أربعين عامًا.  لم يعطهم يسوع آيةً جديدة، بل قال لهم: “أنا هو خبز الحياة”.

ما معنى كلام يسوع وكيف فهمه السامعين له. ما هي الفكرة التي وصلت  للكثير من تلاميذه المعاصرين، الذين كانوا بالمئات فانصرفوا عنه وتوقفوا عن اتباعه بسبب صعوبة ما يقول: “فتخَلَّى عَنهُ مِنْ تِلكَ السّاعةِ كثيرٌ مِنْ تلاميذِهِ واَنقَطَعوا عَنْ مُصاحبَتِه” (الآية 66). رُفض المسيح لأنهم رأوا: “هذا كلامٌ صَعبٌ، مَنْ يُطيقُ أنْ يَسمَعَهُ؟”. ماذا قال يسوع، وما هي الفكرة التي فهمها تلاميذه فقرروا أن يتركوه؟

الخبز ما هو؟ شيء يفقد خاصيته تمامًا فيصير أنت، يُهضم تمامًا ليصير أنزيمات تغذي كل عضلة وعضو في الجسد عن طريق الدم. الله لن يعطي خبزًا من السماء، لقد قرر الله أن يكون هو خبز الإنسان، يتحول هو إلى طاقة مُحركة تعطي الحياة للإنسان. يومًا رأى القديس أغسطينوس رؤية شرح له يسوع هذه الحقيقة: ” أنت لن تحولني إلى ذاتك، كما يحول الجسد الطعام، بل أنت ستتحول إليّ” (اعترافات 7، 10، 18). وبينما يتحول الخبز الجسدي في جسمنا ويسهم في إعالته، في الافخارستيا نحن بصدد خبز مختلف: لسنا نحن من نحوله، بل هو يحولنا، فنضحي بهذا الشكل مطابقين ليسوع المسيح، أعضاء في جسده، أمرًا واحدًا معه. هذا الأمر هو مصيري. بالواقع، بما أن المسيح هو الذي يحولنا إلى ذاته في المناولة الافخارستية، تنفتح فرديتنا في هذا اللقاء، وتتحرر من أنانيتها وتُدرج في شخص المسيح، الذي يغوص بدوره في الشركة الثالوثية. وهكذا، فالافخارستيا، بينما توحدنا بالمسيح، تفتحنا أيضًا على الآخرين، وتجعلنا أعضاء بعضنا لبعض: لسنا منفصلين، بل نحن واحد فيه.

ما هو الأهم: الذي يأكل أم الطعام؟ فالطعام، كما هو واضح، هو في خدمة الآكل، يفقد الطعام هويته الذاتية تمامًا لأجل أن يعطى كل شيء للآكل. فالطعام يصبح أنت “الآكل”. لا يوجد شيء في الحياة يُصبح نحن مثل الطعام. فالملابس هي ملكك والمنزل الذي تعيش فيه هو ملكك، لكنه يبقي دائمًا شيء منفصل عنك، لكن الطعام يفقد هويته تمامًا ليُصبح نحن، يُصبح جسدك وقوتك، يصبح حياتك.

ما المشكلة؟ المسيح يعلن لتلاميذه الذين بحثوا عنه بعد معجزة تكسير الخبز والسمك، ولنا أيضًا اليوم قائلا: “أنا الخُبزُ، ما هي الفكرة التي لديك عن الله؟ ما هي فكرتك عن المسيح؟

ما هي فكرتنا عن المسيح؟ المسيح هو: ” هُوَ بَهاءُ مَجدِ الله وصُورَةُ جَوهَرِهِ، يَحفَظُ الكَونَ بِقُوَّةِ كلِمَتِهِ” (عبرانيين 1: 3)، فهو صورة جوهر الله، فما هي فكرتك عنه؟ هو يقول عن نفسه: هو يقول عن نفسه: “أنا الخُبزُ، أنا أعطي ذاتي تمامًا للإنسان، أفقد هويتي الذاتية لأجلك. فجسدي هو مأكل حقيقي، عطية كاملة لأجلك، أنا خادمك، أنا أقل أهمية منك، أنا فقط لأجل أن تحيا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.