إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

الرجل العنكبوت

941

شاهدنا جميعًا مقطع الفيديو الذي تم تداوله مؤخرًا عن ذلك الشباب المهاجر من مالي ويعيش في فرنسا، والذي أنقد طفلاً معلقًا في نافذة بالدور الرابع. أسرع الشاب بدون تردد، ضمن مجموعة كانت تشاهد الحدث، وتسلق الأدوار الأربعة كالرجل العنكبوت “سبايدر مان” وأنقذ الطفل. أكثر ما لفت انتباهي كان استقبال الرئيس الفرنسي، فرانسوا ماكيرون، للشاب البطل، ومنحه الجنسية الفرنسية فورًا وتوظيفه في هيئة المطافي بباريس.

كان قرار السلطات الفرنسية بتوظيفه بهيئة المطافئ تفكير صائب تمامًا أرادت من خلاله استغلال شغف الشاب بمساعدة الآخرين، واستعداد للتضحية لأجل أنقاذهم.

عندما يَطلب شخصٌ ما مساعدة، ونحن مشغولون بألف قضية، نواجه مجموعة من الاختيارات:

  • أولاً، وقبل كل شيء، يكون الأختيار بين أن نساعده أو نرفض تقديم المساعدة.
  • ثانيًا، إذا اخترنا أن نساعده سيكون هناك اختيار آخر وهو متى نساعده.
  • ثالثًا وأخيرًا، كيف نساعده.

عندنا نفع في اختيار ما بين أن نساعد شخص أو نرفض المساعدة، سيكون هناك صراع داخلنا بين الأنانية وإيثار (أي تقدمة) الآخرين على أنفسنا. يلعب الضمير دورًا مهما، يسألنا، ويدفعنا أن نقدم يد المساعدة. الضمير صوت الله داخلنا، نحاول في كثير من الأحيان أن نسكته، لكنه ينبهنا أنه لا يمكن أن نصل إلى معنى للحياة دون أن نخرج من سجن ذواتنا إلى لقاء آخر. لخص الرب يسوع مجمل رسالته ورسالة كل إنسان في الحياة في القول: “إن ابن الإنسان جاء لكي يَخدم لا يُّخدم، ويبذل ذاته فدية لكثيرين”.

إذا افترضنا إن الإنسان لديه استعداد طبيعي لمساعدة الآخرين، هنا يثور سؤالا أخر: “متى نساعده؟”. من الممكن أن نترك انطباعًا جيدًا عند الناس ونعلن إننا على استعداد للمساعدة، ولكن لا نجد الوقت أبدًا لتقديم المساعدة لأننا مشغولون بأمورنا الطبيعية. نؤجل المساعدة مرة بعد مرة حتى ييأس طالب المساعدة ويحول طلبه إلى آخر، أو يكون الوقت متأخرًا.

هنا تكون الأنانية مُغلفة بصورة جميلة، نقنع بها أنفسنا والآخرين، كما إنها تحمل خداعًا للنفس. إذا كانت لدينا الرغبة في المساعدة فنفعل ذلك فورًا، أو نعلن بصراحة إننا لا نرغب في تقديم المساعدة فلا نخدع الآخرين.

أخيرًا، إذا كنا نرغب حقًا في تقديم المساعدة يثور تساؤل أخير: “كيف نساعده؟”. هنا لا أقصد الطريقة التي يمكن بها المساعدة، ولكن الروح التي نقدم بها المساعدة، الأسلوب. لأننا جميعًا إذا طلبنا معروفًا من أحد لا نرغب في أن يقدمه لنا على مضضٍ ولكن ببشاشة وفرح.

للمساعدة ثلاث شروط:

  • أن تساعد مَن في هم في حاجة إلى المساعدة
  • أن تساعد فورًا، وأن تضع نصب عينيك الشخص الذي ترغب في مساعدته
  • أن تساعده بصورة جيدة، ببشاشة وفرح

اليوم نحتفل بختام الشهر المريمي، ولنقارن أنفسنا مع موقف مريم التي ذهب مسرعةً وهي في شهر حملها الأول، إلى الجليل لتخدم إنسانة مسنة تحتاج إلى رعاية واهتمام. لم تفكر في نفسها بل في الآخرين. انطلقت فور سماع خبر حمل أليصابات، لم تؤجل الزيارة بسبب وضعها الصحي الحرج بأن تنتقل لمدة ثلاثة أسابيع سيرًا على الأقدام لتصل إلى عين كارم. ثم كيف قدمت خدمتها بفرح لا يوصف، حملت معها الروح القدس الحالل عليها لتنقله إلى بيت زكريا.

وكل عام وأنتم بخير

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.