هل حياتك مُثمرة؟
هل حياتك مُثمرة؟
الإثمار لا يعني النجاح، فمن الممكن أن تكون ناجحًا في حياتك الشخصية والعائلية، ناجح في عملك، لديك أصدقاء كثيرون، ومستوى معيشي ممتاز، ولكن هذا لا يعني إن حياتك مثمرة. كل إنسان خُلق لكي يكون مثمرًا، فأول كلمة وجهها الله للإنسان كانت “أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ”، ونعتقد بأن الكلمات موجهة للزواج وإنجاب الذرية، وهذا حقيقي، لكن الكلمة الأولى هي “أَثْمِرُوا”. دعوتي الأساسية في الحياة هي أن أكون مثمرًا، إذا لم أعطي ثمر فوجودي لا قيمة له. دعوتك في هذه الحياة لم تأتي صدفة، هناك مهمة مُوكلة لك أن تكون حياتك مثمرة.
كيف تكون حياتك مثمرة؟
لدينا مثلٌ من الطبيعة يكشف لنا كيف تكون حياتك مثمرة. يكوّنُ نهرُ الأردن في مجراه بحرَين: بحر الجليل والبحر الميت. بينما يمتازُ بحرُ الجليل بالحياة وتُعتبرُ مياهُهُ من أكثر المياه الحاملة للسمك على الأرض، البحرُ الميت بعكسه تمامًا “ميت”، فلا يوجدُ فيه ولا من حواليه أيُّ أثرٍ من الحياة غير الملوحة فقط. مع ذلك فكليهما ينبعان من مياه الأردن ذاتها.
إذا أراد إنسان أن يزرع زرعًا يعطي ثمر لا بد له أن يغرس أشجاره على ضفاف نهر الجليل، النهر الذي يُعطي الحياة. إذا أراد أن يصطاد سمكًا فعليه بالصيد فيه لأن مياه وافرة بالسمك. إذا أردت الحياة عليك الأقتراب من نهر الجليل. إما إذا أردت الموت فعليك بالبحر الميت، حيث لا حياة.
تفسيرُ هذه الظاهرة هو التالي: بحرُ الجليل يستقبلُ مياه الأردن ولكنّه لا يحتفظُ بها لنفسه بل يسيرُ بها بحيث يسقي جميع وديان الأردن. أمّا البحرُ الميّت فيستقبلُ المياه ويحتفظُ بها لنفسه، فلا تخرجُ منه قطرة مياه. إنّه رمز؛ فلكي نقتبلَ نعمة الله لابدّ لنا من تمريرها للإخوة، لا بل كلّما أعطينا أكثر كلّما اقتبلنا أكثر.
هذه هي دعوتنا في الحياة، كما لخصها بولس الرسول في رسالته إلى أفسس قائلا: “لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا” (أفسس 2: 10). لم تُخلق لنفسك بل لتكون حياتك على الأرض مثمرة. فأنت صورة الله، اي ظله على الأرض. أنت أيقونة الله الحية، الحاملة لحضوره. عندما قال الله “أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ” فلكل إنسان دورًا يلعبه في الحياة والوجود، فهو ممثل الله على الأرض، مدعو لتكون حياته مثمرة. لكن لننتبه إلى تحذير يسوع عند قوله: “كُلُّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ تُثمِرُ ثِمارًا طَيِّبَة، وَٱلشَّجَرَةُ ٱلخَبيثَةُ تُثمِرُ ثِمارًا خَبيثَ. كُلُّ شَجَرَةٍ لا تُثمِرُ ثَمَرًا طَيِّبًا، تُقطَعُ وَتُلقى في ٱلنّار”. (متى 7: 18- 19).
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.