كلام الناس
هو السمع أهم ولا البصر؟
يعنى لو شفت كفيف وأطرش هتتعاطف مع مين أكثر؟ هتساعد مين فيهم؟ لو جه كفيف وخبط على كتفك علشان تعديه الشارع هتعديه، انما لو جه الأطرش يسأل بإشارات عن حاجة غالبا هتقولي شخص بيستهبل. الفرق أن إصابه الأول ظاهرة إنما الثاني لأ.
لكن لو عرفت أن الكفيف بيفقد نص مساحة من الإدراك. ده بإعتبار إننا بنشوف قدامنا بس لكن مش بنشوف ورانا، إنما الأطرش فقد حاسة كانت بتديه مساحة كاملة من الإدراك عشان إحنا بنسمع من كل الإتجاهات، وبالتالي لو كفيف زمرت له عربية هيقف أيا كانت جاية منين ولو أطرش مش هيسمعها لو كانت وراه وبالتالي هو في نظر الناس أهبل أو بيستهبل. يبقي اللي يستاهل تعاطف أكبر هو الأطرش بس مش ظاهر لينا.
علشان كده الكلمة اللي بيسمعها الشخص لها تأثير كبير على حياته، لأنها تمس مساحة كاملة من الإدراك. الكلمة التي نسمعها من كل الاتجاهات تؤثر بشدة فينا. المشكلة إننا نتكلم كثيرًا دون أن نفحص كلماتنا وتأثيرها على الآخرين، نتكلم لأجل الكلام وحده، كما فعل الفريسيين اليوم عندما رأوا المعمدان لا يأكل ولا يشرب قالوا إنه مجنون، وعندما شاهدوا المسيح يأكل ويشرب قالوا إنه أكول وشريب خمر: “جاءَ يوحنَّا المَعمَدان لا يأكُلُ خُبزاً ولا يَشرَبُ خَمراً، فقُلتُمْ: لقَد جُنَّ. وجاءَ ابنُ الإِنسانِ يأكُلُ ويَشرَب، فقُلتُم: هُوَذا رَجُلٌ أَكولٌ شِرِّيبٌ لِلْخَمْرِ صَديقٌ لِلجُباةِ والخاطئِين” (لوقا 7: 33- 34).
نسمي أحيانا الكلام بأنه عفوي، أي اللي في قلبي على لساني، في حين إن الله خلق العقل ليفحص ما في القلب قبل أن تنظق به. فإذا لم تفحص كلامك ستدان، فقد حذر المسيح في متى 12 من عدم فحص الكلام: “إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَاباً يَوْمَ الدِّينِ. لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ”. الكلام الغير مفحوص، الثرثرة دون فائدة، هو شر يؤدي إلى الهلاك. لأن بكلام تتبرر وليس بما في قلبك. إذا قلت كل ما في قلبك ستؤثر على مساحة كاملة من الإدراك لدي القريب، ستؤثر عليه بشدة، ليَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ (يعقوب 1: 19)، لذا وضع الرب للإنسان إذنين خارج الجسد، ولم يعطيه لسانين بل لسان واحدًا وجعله خلف بوابتين داخل الجسد لكي ما يسمع الإنسان أضعاف ما يتكلم. وجود الموبايلات في إيدينا جعلنا نتكلم ونكتب أضعاف ما نسمع. ولا أن تفكر بما تقول، أو مراجعة النفس قبل أن ننطق فتحدث كوراث كثيرة.
في سفر الأمثال 21:18 “اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فِي يَدِ اللِّسان، وَأَحِبَّاؤُهُ يَأْكُلُونَ ثَمَرَهُ” يعلن لنا الله هنا حقيقة صادمة تتعلق بقوة الكلام واللسان. وهذه الحقيقة ببساطة تبين لنا قدرة اللسان على جلب الموت والدمار وكذلك قدرته على الحياة والبناء.
للسان القدرة على دمار الآخرين: قال الرَّب يسوع في متى 36:12 “إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاس سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ”. وقول الرَّب هنا يعني ببساطة أن كل إنسان مسئول عن كل كلمة تخرج من شفتيه، فكل يوم نتحدث مئات وربما آلاف الكلمات، وبعض الكلام يكون لطيفاً ومدروساً، والبعض يكون قاسياً وجارحاً دون التفكير بتأثيرها على الآخرين. كم من شاب أصيب بالإحباط بسبب كلمات سلبية: أنت فاشل. أنت لا تصلح لشيء، أنت متهور، وغيرها من كلمات القسوة. وكم من صبية تعقدت حياتها من سماع كلمات لاذعة مثل أنت لست جميلة، أنت غبية، أنت سمينة، وغيرها من الكلمات.
قال أيوب لأصدقائه في أيوب 2:19 “حَتَّى مَتَى تُعَذِّبُونَ نَفْسِي وَتَسْحَقُونَنِي بِالْكَلاَمِ”. جاء أصدقاء أيوب لتعزيته عند دمار ممتلكاته وموت أولاده، ولكنهم بدل التعزية، وجدو في آلامه فرصة للشماتة والتطاول عليه ولومه. وكأن مصيبته لم تكن كافية. في رسالة أفسس 29:4، يحذرنا الله بلسان رسوله بولس قائلاً: “لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ”.
يدعونا الله أن نلاحظ إن كان كلامنا للبناء أم أنه للهدم. وبالتالي للحذر من أن لا تخرج كلمات ردية من أفواهنا. ما أكثر الأشخاص الذين دمرت حياتهم لأن سيرتهم تشوّهت بسبب الاشاعات الباطلة أو الكلام الكاذب عنهم. كأن يقول النّاس: فلان حرامي. فلان محب للمال. فلان كذّاب. فلانه ساقطة. فلان نصّاب. وهم بهذه العبارات يشوهون سمعة غيرهم من البشر غير مدركين بأنهم يطعنوهم بألسنتهم في مقتل. اِجعل لسانك آداة للبناء والتشجيع وتحفيز الغير أكثر منه للهدم والدمار.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.