إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

ما هي لغتك الخاصة؟

949

يأتي حدث هروب عائلة يسوع إلى مصر مباشرة بعد قدوم المجوس وسجودهم للطفل يسوع. وفي الحدثين نصل إلى يقين ثابت: إن الله يّتحدث مع كل إنسان بلغته الخاصة التي يفهمها ويستطيع أن يستوعبها. إذا كان الكلام هو اللغة المُوحدة التي يفهمها البشر، إلا أن لكلِ إنسان لغةً خاصة يفهمها أكثر من غيرها. ليس المقصود هنا هي اللغة الأم، كالعربية أو الإنجليزية مثلا بل لغة خاصة بالشخص وحده، فريدة، يشعر بها ويفهمها أكثر من غيرها. فلغة المحبيبن تكون خاصة بينهما، كذلك هناك لغة تتداول بين الأصدقاء المقربين. هناك لغة للجسد ولغة للعيون.

فما هي اللغة التي يفهمها المجوس؟ أولئك العلماء الأتون من بعيد، المتخصصون في علوم الفلك؟

في البداية لا نعرف عدد المجوس، يُقال، في التقليد، إنهم ثلاثة استنادًا للعطايا التي قدموها إلى الطفل يسوع. لا نعرف هويتهم بالرغم من إن التقليد يرجعها إلى أصول فارسية، في حين تدل الهدايا المُقدمة للطفل يسوع على إنهم يأتون من بلاد العرب المعروفة بتلك المنتجات. وإذا أخدنا بعين الاعتبار أن هؤلاء المجوس كانوا ملمّين بنبوءات إسرائيل ويعرفون أن جيرانهم كانوا ينتظرون المسيح الملك، فلا بدّ أن ينتموا إلى شعب تثاقف مع اليهود. نعلم أن البابليّين كانو الأكثر اطلاعًا بسبب عدد اليهود الكبير الذي بقي في بلاد ما بين النهرين بعد السبي (ر. دانيال 2: 48؛ 5: 11).

لكن الأمر المؤكد إننا لا نعرف لغة المجوس الأصلية! هنا يتدخل الله ليُخاطب أولئك باللغة التي يفهمونها، لغة النجوم والفلك. هم دارسون لسير النجوم والكواكب ومدي تأثيرها على الكائنات والعالم. خاطبهم الله باللغة التي يفهمونها جيدًا، بارعين في فك شفرات النجوم ومدلولاتها. حدثتهم باللغة التي يفهمونها جيدًا.

هكذا يفعل الله معنا اليوم في خضم الحياة اليومية يُحادثنا بأقرب شيء إلى قلوبنا، بالشيء الذي يشغل إهتمامتنا وتفكيرنا، بالشيء الذي نستوعبه بصورة أوضح. لكلٍ منا أن يسأل نفسه: ما هي اللغة التي يُحادثني بها الله يوميًا، ما هي الطريقة التي يقودني بها إليه؟

هكذا فعل الله مع يوسف، خطيب مريم! فيوسف إنسانٌ تقيٌ من سلالة الملك داود. خاطبه الله باللغة التي يفهمها اليهود الأتقياء. في صلاة حبقوق: 2: 1- 2 نجد النبي يعاتب الله لأنه لا يسمع صلاته. فيجاوبه الرب قائلا: “فأجابَني الرّبُّ: «أُكتُبْ هذِهِ الرُّؤْيا واَنْقُشْها على الألواحِ حتى تَسهُلُ قِراءَتُها”. فالله يُحادث الإنبياء طوال التاريخ المقدس عبر الرؤى، عبر الأحلام. يكشف عن إرادته ليعقوب في حُلم، ولدانيال في رؤية، هكذا أشعياء وإرميا وحزقيال. يُحادث الله يوسف بلغة أجداده، ليس مرة واحدة، بل أكثر من مرةٍ: “وكان بَعدَ انصِرافِهِم أَنْ تَراءَى مَلاكُ الرَّبِّ لِيوسُفَ في الحُلمِ وقالَ له (متى1: 20؛ 2: 13؛ 20).

ما هي اللغة التي يستخدمها الله اليوم معي كشخص فريد؟

إذا كنت أقضي أوقات طوال غارقًا في دهاليز الشبكة العنقودية، متصفحًا للنت فهنا إن الله زرع كلمته فيها، بصورة مقرؤة ومسموعة، يخاطبني باللغة التي أفهمها جيدًا. في الطريق في العمل في المدرسة، في البيت، هناك الله ينتظرني ويخاطبني بالشيء الذي استوعبه وأفهمه أكثر، بلغتي الخاصة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.