ضد الفيروسات
يقول سون تزو في كتابه “فن الحرب”: “إذا كنت تعرف نفسك جيدًا وتعرف العدو، فإن فوزك سيكون أكيد. أما إذا كنت تعرف نفسك ولا تعرف العدو، فإن احتمالات الفوز والخسارة تكون متساوية. المشكلة الأكبر إذا كنت لا تعرف نفسك ولا العدو، فإنك خاسر المعركة لا محالة”.
معركتنا الحالية مع فيروس كورونا ربما تكون في المرحلة الوسطى، فالعالم لا يعرف بعد من هو العدو الذي يواجهه، ليس فقط لأننا لم نعثر عن اللقاح المناسب بعد، لكن لأننا لسنا متأكدين من طريقة انتقال العدوى، وليس هناك علاجات محددة. لا نعرف مَن هو مصاب، لأن حامل الفيروس لا تظهر عليه أعراض المرض لمدة طويلة، فمن الممكن أن يكون شخص ترافقه في رحلة المواصلات اليومية، تلتقيه في السوبر ماركت أو مكان العمل.
التهديد غير محدد ويمكن أن يأتي بطرق شتى، هنا ننتقل إلى أسوء الاحتمالات التي قالها سون تزو، نحن لا نعرف العدو بل غير قادرين على مجابهة خوفنا وضعفنا.
التقي البابا فرنسيس بمرضى معزولين بسبب تمكن الفيروس منهم، في خطوة عدها البعض تهورًا، فماذا يفيد الكنيسة والبابا إذا انتقلت العدوى إليه وأصبحت حياته مهددة؟
حدث نقاش بيني وبين تلاميذتي دراسي اللاهوت حول هذه النقطة تحديدًا. ترى الأغلبية في تصرف الأب الأقدس تهورًا غير محمود العواقب. وأظن أن مواجهة الخوف هي الأهم.
أنا كمؤمن لا أخشى شيئًا، أواجه مخاوفي أولاً، فمَن منا يستطيع أن يتأكد إنه في مأمن من شيء. التقي فرنسيس الأبرص ولمسه كما فعل معلمه يسوع المسيح وهو غير واثق من عدم انتقال المرض. القضية ليس شجاعة ولا تهور كما يظن البعض، لكن هي معرفة للنفس ورغبة في هزيمة الخوف القابع في أعماقنا رغبة في الحفاظ على الحياة. معرفة النفس بأني شخص مجلوب ومخلوق من الحب الإلهي، ولا أحقق ذاتي إلا بالحب وحده. أحب الآخرين وأعبر عن حبي لهم في التفكير والشعور بوحدتهم وألامهم ولا أشغل تفكيري في نفسي وحياتي.
“لِأَنَّ الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حَياتَه يَفقِدُها، وأَمَّا الَّذِي يَفقِدُ حَياتَه في سبيلي وسبيلِ البِشارَة فإِنَّه يُخَلِّصُها” {مرقس 8: 35}. عبر البابا عن محبته للآخرين ورغب في أن لا يشعروا بالاستبعاد والتجاهل من العالم بسبب المرض. كانت محبته لهم أقوى من خوفه على حياته.
هذا الرجل يعيش إيمانه ببساطة شديدة ويؤمن بما قاله الكتاب على لسان صاحب المزمور 121:
“مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ.
لاَ يَدَعُ رِجْلَكَ تَزِلُّ. لاَ يَنْعَسُ حَافِظُكَ.
إِنَّهُ لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ.
الرَّبُّ حَافِظُكَ. الرَّبُّ ظِلٌّ لَكَ عَنْ يَدِكَ الْيُمْنَى.
لاَ تَضْرِبُكَ الشَّمْسُ فِي النَّهَارِ وَلاَ الْقَمَرُ فِي اللَّيْلِ.
الرَّبُّ يَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ. يَحْفَظُ نَفْسَكَ.
الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.