لا تكونوا كاملين
فَكونوا أَنتُم كامِلين، كَما أَنَّ أَباكُمُ ٱلسَّماوِيَّ كامِل
الثلاثاء 17 يونيو 2025.. مت 5: 43- 48
يسوع في إنجيل اليوم يطلب منّا حبًا يكاد يكون مستحيلاً: أولاً حب الأعداء، حتى أولئك الذين يضطهدوننا. ثم يضيف، بصورة تكاد تكون بها نبرة من السخرية أو التحدي: إذا كنتم تحبون إخوتكم فقط، فلن تستحقون شيئًا لأن غالبية الناس يفعلون ذلك، حتى الأشرار منهم. ثم يختم حديثه بعبارة تسببت في مشكلات طوال تاريخ الكنيسة حتى اليوم: فَكونوا أَنتُم كامِلين، كَما أَنَّ أَباكُمُ ٱلسَّماوِيَّ كامِل!!
أن تحب أكثر يعنى أن تكون كاملاً! ومَن يستطيع أن يكون كاملاً..
هذه العبارة تضع ثقلاً على كتف كل إنسان فلكي يكون صالحًا ومرضيًا مِن الله، عليه أن يحصل على درجات جيدة لتكون الابن المثالي. إذا فحصت الجملة السابقة ستكتشف إن هناك أنانية مستترة من فعل الحب تجاه الآخرين!! فأنا أحبك لا لذاتك، بل طمعًا في أن أكون ابنًا مثاليًا وتلميذًا ليسوع المسيح.. أنا المستفيد في النهاية
أعتقد إن المقصود شيء آخر!!
لقد فضلَ المسيح في حياته الأرضية الخطأة، دون سواهم، وخصهم بمحبته. ليس حباً بطولياً، بل حباً هشاً؛ ليس الإفراط، بل بساطة العطاء فيكفي أن تعطي كأس ماء بارد. ليس حباً كاملاً، بل حباً ناقصاً. ليس حبًا إلهيًا، بل إنسانيًا. لا أعتقد أن الإنجيل قصة ملحمية ولا قصة ذات نهاية سعيدة. إنها قصة حب مطعون، مصلوب. حب غير مفهوم، وقبل كل شيء غير متبادل. حب مصنوع من الدموع والهزائم. ما هو الكمال!
إذا ربينا أطفالنا على الكمال، فلن نعلمهم أبدًا الحب المسيحي، الذي هو حب ناقص، لأن الطبيعة البشرية ناقصة.
إذن، ما هو كمال الآب السماوي الذي يتحدث عنه يسوع؟ إنه الرحمة. تعلم الكمال المسيحي يعني السماح لأنفسنا بالخطأ والتعلم من الأخطاء التي نرتكبها، ومسامحة عيوبنا وعيوب الآخرين.