صوت الضمير
وَلَن يَسمَعَ أَحَدٌ صَوتَهُ في ٱلسّاحات
السبت 19 يوليو 2025؛ مت 12: 14- 21
بالرغم من أنه كان يجول يصنع خيرًا، لطيف ومتواضع، تتحرك أحشائه عند رؤية إنسان في عوز أو مرض. كل هذا لم يشفع له عند رجال الدين فسعوا إلى قتله، إلى اسكاته. حاولوا إطفاء النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان (يو 1: 9).
لكن لكونه النور الحقيقي فلا يمكن حجبه، كنور الشمس الذي يشير إلى أن هناك شمس في السماء حتى وإن استترت وراء الغيوم وكما أن صوت القرع على الباب يقول لنا أن هناك أحد وراء الباب مع أننا لا نراه. هو يشرق داخلك ويتكلم في أعماقك بصورة مختلفة الآن. يتكلم من خلال ضميرك.
كثيرًا ما تسأل ما هو الضمير؟
هل هو مجموعة من القواعد انطبعت في العقل يتم بواسطتها اختيار الخير ورفض الشر؟
أود أن أترك لك تفسير هنري نيومان الذي يرى بأن تلك القواعد المبدئية، لا تأتي من ذواتنا. فالضمير لا يخلقها بل هو فقط شاهد لوجودها. في ضميرنا، هناك صدى يشير إلى صوت يتردد صداه، وهذا الصوت هو صوت “معلم غير مرئي”.
لهذا يفيض نيومان بالحديث عن الضمير فيصفه بـ “معلم الدين الباطني” و “ممثل المسيح الأصيل”.
ولعل النص الأبسط الذي يقدمه نيومان هو الذي يأتي من كتابه “كاليستا” الذي هو عبارة عن رواية تتحدث عن اكتشاف فتاة أمية للإيمان بالمسيح بعد أن كانت وثنية. في جدال بينها وبين فيلسوف وثني، تشرح الفتاة فكرتها عن حدسها لله:
“أشعر بهذا الإله في قلبي. أشعر بحضوره. فهو يقول لي: افعلي هذا، لا تفعلي ذلك. يمكنكم أن تقولوا لي: هذه مجرد شريعة من شرائع طبيعتك، تمامًا مثل الفرح أو الحزن. لا يمكنني أن أقبل ذلك. كلا، هو صدى شخص يتحدث إلي. ما من شيء يستطيع أن يُقنعني بأن هذا الصوت لا يأتي من شخص مختلف عني. فهو يحمل في ذاته برهان طبيعته الإلهية. وأنا أشعر نحوه المشاعر نفسها التي أشعرها نحو شخص عزيز. عندما أطيعه، أشعر بالفرح. عندما لا أطيعه أشعر بالحزن…. الصدى يشير إلى صوت، الصوت يشر إلى شخص يتكلم. ذلك الشخص أنا أحبه وأهابه.