إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

الشغف

0 24

تابعنا افتتاح المتحف المصري الكبير منذ أيام والاستعدادات للاحتفالية. شدني الدعوة التي وجهت للملوك ورؤساء الدول، كانت فكرة قيمة تتناسب مع الحدث. الخديو اسماعيل وقت افتتاح قناة السويس بعت دعوات لكل الملوك والرؤساء مكتوبة على جلود الأفيال بماء الذهب، دعوات مبهرة تدل على أهمية الحدث، وأهمية المدعويين لذا نتفنن اليوم في ابتكار أشكال جديدة لدعوات الزواج.

يروى لنا إنجيل اليوم (لو 14: 15- 24) مثل يسوع مثل الوليمة العظيمة. لدينا دعوة لعشاء فخم، لنلاحظ فخامة الحدث، يدعو فيها أحدهم أصدقائه والمقربين له، لكنهم يختلقون الأعذار. اعتذروا لانهم منشغلين بأمور، هي مهمة في حد ذاتها. أنا مشغول، لستُ مستعد بعد، أفضل أن أعتذر عن الحضور. في حين يقبل الدعوة مجموعة من الناس: الفقراء والكسحان والعميان والعرجان. يذهب هؤلاء على الفور بالرغم من عدم استعدادهم للحفل الفاخر. فقراء ليس عليهم ملابس مناسبة للوليمة، كسحان وعرجان لايستطيعون أن يذهبوا دون أن يساعدهم أحد. ما الفرق بين هؤلاء الناس.. الفرق في كلمة واحدة وهي الشغف.

الفئة الأولى هي فئة انطفئ منها الشغف، الرغبة في الذهاب للعشاء، هناك أمور أهم بكثير، العمل، الزواج، تحسين مستوى الدخل.

لكن الفئة الثانية هي فئة غير مستعدة، غير مدعوة، لكن هناك شيء موجود وهو الشغف، الناس التي تتابع الحدث من بعيد، وحلمهم أن يشاركوا فيه، لكنهم لا يستطيعون الدخول دون دعوات. أولئك لديهم الشغف بالأمور الروحية، الشغف بالعلاقة مع الله. نعاني اليوم من غياب الشغف، غياب الرغبة، يشتكي الناس من طول الصلاة مثلا، من تكرار العظات، من مجتمع الكنيسة، من.. من

لكن السؤال الأهم هو هل لدي الشغف في أن تكون لي علاقة مع الله؟ هذا هو الأساس في الحياة الروحية. نتذكر حدث خروج الشعب من مصر على يد موسى، صنع موسى معجزات كثيرة، لكن اهم معجزة لموسى هي أن إثارة الرغبة في الشعب، رغبة الخروج من العبودية.

كان المسيح يسأل دائما الناس: “أتريد أن تبرأ”. أول شيء يجب تعزيزه هو الرغبة، لا يهم الباقي، سيرسل الله من يساعدنا إذا كنا عرجان، كسحان، عميان. إذا لم تكن عندي الرغبة، فقد انتهى الأمر.  في الواقع، ماذا يفعل الشر؟  أول شيء يقتل في الناس تلك الرغبات. بعد أن يقللها شيئًا فشيئًا ويومًا بعد يوم.

لقد ولدنا لرغبات عظيمة، أليس كذلك؟ والشر يجعلنا نخفضها،  نخفض الرغبة، حتى تصبح تافهة. لماذا تستيقظ في الصباح؟ هل للتناول فطورك وتذهب إلى عملك أو دراستك، تعود منهكًا في نهاية اليوم، والوقت الباقي تقضيه محملقًا في شاشة الموبايل؟ هل هذه رغبات تعطي معنى للحياة؟ هل تحقق ذاتك فيما تقوم به؟ أنت كائن مخلوق للخلود، انظر كيف أهتم قدمائنا بفكرة الخلود! هكذا يقول سفر الحكمة: “فإِنَ اللهَ خَلَقَ الإنْسانَ لِعَدَم الفَساد وجعَلَه صورةَ ذاتِه الإلهِيَّة” (حك 2: 23).

هل لديك الشغف بأن تحقق في ذاتك الصورة عينها التي خلقك الله عليها؟

قد يعجبك ايضا
اترك رد