إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

هل أنت مخنوق أو مكتئب؟

1٬127

من أكثر الكلمات التي تسمعها في السنوات الأخيرة هي كلمة “مخنوق”؟ فإذا لم تعاني من المشكلة، من المؤكد أن لديك صديق، أو أحد أفراد العائلة يشعر باكتئاب لأسباب مختلفة. تحذر بعض الدراسات الحديثة من تزايد معدلات الاكتئاب بصورة مفزعة، في السنوات الأخيرة، خاصة بين الشباب.

مما لا شك إن هناك أسباب عضوية، جينية ووراثية لبعض حالات الاكتئاب وهي أمور يعالجها الطب بصورة جيدة من خلال الأدوية التي تعالج هذا الخلل الكيمائي العضوي في الجسم. لكن هناك أسباب نفسية متنوعة والتي تنشأ من ظروف قاسية يمر بها الإنسان. أقسى هذه الظروف ترتبط بعدم اشباع حاجة الإنسان إلى التقدير.

تقدير الآخرين يجعلنا نشعر أن هناك من يحتاج إلينا، هناك من يرغب في صحبتنا وصداقتنا. هناك من يثق بنا فنشعر بالجدارة والاستحقاق. هذا يفسر تهافت الناس على وسائل التواصل الاجتماعي مثل: الفيس بوك وتويتر، رغبةً في اشباع هذا الاحتياج. يشعر البعض باحباط شديد عندما لا تنال صورته، التي اختارها بعناية، باعجاب المشاركين على صفحته!

في لقاء المسيح والسامرية، تشدني دائمًا قولها لأهل قريتها: “هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَانًا”! لقد اختارت الكلمة التي تضمم جراح قلبها المفتوح، والتي تروي عطشها الحقيقي، فهي كانت في حاجة شديدة أن تُعامل بصورة إنسانية!! نعم لقد قاست المرأة من شعور الرفض المتكرر من الآخرين، فتملكتها مشاعر الحزن والانقباض وأصبح كل شيء لا يبعث على الفرح والاهتمام وفقدت بهجة الحياة.

رُفضتْ المسكينة من ذلك الرجل الذي يعيش معها ويرفض بإصرار أن يتزوجها. حاولت مرارًا أن تقنعه بالزواج حتى ترفع رأسها في قريتها الصغيرة سوخار. لكن الرجل كان يرفض، فقد كان يرغب فقط في جسدها. يراها فقط امرأة جميلة وليس كزوجة يعيش معها مسيرة الحياة بحلوها ومرها.

رُفضتْ المسكينة من أهل قريتها الصغيرة. يتكلّمن النساء عنها بصورة قاسية فهي مصدر عار للقرية ويحذرّن منها بناتهن. ولنا أن نتخيل بعد ألفي عام كيف يتكلم الناس في مثل هذه الحالات. مرفوضة كذلك لأنها امراة، لذا تعجب التلاميذ من كلام المسيح معها، فقد كان الكلام مع امرأة غريبة، أي غير يهودية، حسب التقليد اليهودي هو من الأمور التي تجلب النجاسة. ومرفوضة أخيرًا لأنها سامرية، فاليهود لا يخالطون السامريون بسبب اعتقادهم بأن عبادتهم ناقصة لأنهم يعترفون بشريعة موسي ولكن لا يعترفون بالأنبياء.

كانت المسكينة تشعر برفض الجميع ففقدت بهجة الحياة والفرح وتشبع عقلها الصغير بأفكار انها لا تستحق الحياة. اختبأت في المنزل وعند حاجتها إلى الماء كانت تخرج وقت الظهيرة والناس في منازلها بسبب الحر الشديد. تخرج لتستقي ماء بالرغم من أن مياه البئر ساخنة جدًا، لكنها أرحم من نظرات النسوة وتعليقاتهم اللاذعة إذا خرجت في الصباح الباكر معهن لجلب المياه.

تلاقت المرأة مع المسيح عند حافة البئر، وحدثها طويلاً في أمور كثيرة، لكن عند عودتها حفظ عقلها الكلمة التي كانت تبحث عنها “إنسانًا”!! أعاد إليها المسيح من خلال حواره الطويل معها كرامتها كإنسانة تستحق الحب لذاتها وليس فقط كجسد يلتهمه الآخرون. لذا لم تعود المرأة إلى بيتها بعد أن قابلت المسيح، بل إلى أهل القرية التي رفضوها، أختصروها في جسد فقط، لتخبرهم إنها قابلت إنسانًا مختلف، لم ينظر إليها كالآخرين، بل نظر إليها كونها إنسانة فقط.

أعاد إليها المسيح ثقتها في ذاتها وشعورها بالجدراة والاستحقاق، فهي إنسانة “كالآخرين”، عندما قَبلها كما هي ولم يرفضها كالآخرين.

الجميع في حاجة إلى التقدير، إلى المعاملة الإنسانية، إلى النظر إليه كشخص مستحق وجدير بالحب والاحترام. بامكان كل منا المساعدة في اخراج آخر من دائرة الاحباط… فهل نفعل؟

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.