إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

كيف يكون الله مشروع حياتي؟

1٬977

أنت مرسلٌ للعام لتشهد للنور: “فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” (مت 5: 16)، لكن هذا الطريق صعب ويحتاج إلى مجهود شخصي ومسيرة حياة “مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!” (مت 7: 14).

المشكلة إننا نميل للكسل والحياة المريحة، لكن النجاح في أي مجال يحتاج إلى مجهود. فلماذا التصور بأن مجال الحياة الروحية يمكن أن نحقق النجاح دون بذل مجهود. لماذا نتصور أننا يمكن أن نحرز بعض النجاح بالجلوس في الكنيسة يوم الأحد، أو سماع عظة من العظات أو حضور مؤتمر من المؤتمرات الروحية. يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: 12لأَنَّكُمْ إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ، تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. 13لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، 14وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ (عبرانيين 5: 12- 14)

الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، ما هو التمرن؟ أي شخص يذهب إلى صالة التدريب بحماسةٍ في الأيام الأولى لكن المهم هو الاستمرار وبذل الجهد والمواظبة. الحياة الروحية تحتاج إلى التكرار والمواظبة، تحتاج إلى التمرن. عاش بولس حياته يدرب نفسه ويقدم نصيحة لتلميذه تيموثاوس قائلا: “َرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى.” (1 تي 4: 7).

إذا أردت أن يكون الله هو مشروع حياتك فعليك اتباع الخطوات التالية:

الخطوة الأولى هي التمييز الروحي:

المقصود هو التمرن على الانتباه والإصغاء لروح الله الذي يعمل في قصة حياتي وفي شخصيتي. بعبارة أخرى، فإن التمييز هو الاستماع إلى كلمة الله تلك التي لم يكتبها أحد من قبل. إنها ليست قراءة الكتاب المقدس للعثور على كلمة “الحق المناسبة لي”، مكتوبة في كتاب بعيد عني. إنها ليست مجرد الاستماع إلى التأمل، حيث أسمع أخيرا لكلمة التي تبدو مناسبة لي.

الاستماع إلى كلمة خاصة

إنه الاستماع إلى كلمة الله “غير المكتوبة”، “لم ينطق أحد بها إلى اليوم حتى داخل الكنائس ولم تُسمع في عظة من العظات، ولا توجد في مكان آخر، غير إنها توجد داخلي، موجهة لي أنا شخصيًا وتحديدًا.

من الممكن أن تكون كلمة “كتابية” تدهشني وتغويني بصورة خاصة جدًا. كلمة تحمل مشروع لحياتي. وبالرغم من هذه الخصوصية الشديدة إلا إنها تدخل ضمن مخطط الله لكل الإنسانية، الذي يظهر لي بطريقة خاصة جدًا ومميزة للغاية.

التمييز لا يأتي فجأة، بضربة خاطفة تكتشف الكلمة الخاصة بك والتي بها مشروع حياتك. كما لا يفيد أن تسير حياتك كما ترغب وتنتظر أن الله سيتدخل بقوة ليجذبك إلى طريق معين. لأجل أن تسمعها عليك أن تقرر بكل حرية أن تدخل في حالة التمييز الروحي. حالة من المسيرة الداخلية أو “حج إلى القلب” والذي يمكن أن يكون صعبًا ومُلزمًا. ولكنه أيضًا مصدرًا للفرح والتعزية. وكم هو محزن أن نلاحظ كيف تسير الأمور في مجتمعاتنا المسيحية وفي حياة العديد من الشباب “الضائعين” أو غير المؤكدين أو المؤجلين على الدوام أن يبدأو مشروع للحياة يحققون فيه ذواتهم ورسالتهم إلى العالم.

كل منّا مدعو إلى الدخول في مسيرة الحج المقدسة إلى القلب لاكتشاف مخطط الله لنا ورسالته الفريدة الخاصة بكل منّا. هناك الكثيرين الذين يعيشون دون مشروع للحياة، دون أن يتوقفوا أمام أنفسهم ويفحصوا حياتهم “فالحياة التي لا تفحص لا تستحق أن تعاش”، لا تفحص أمام مخطط الله الشامل للبشرية هي حياة تعيسة. قصة مملة للغاية لا تستحق أن تقرأ، وأحداثها رتيبة ومملة.

لذلك فإن التمييز الروحي هو “بعد أساسي للحياة المسيحية”، يفترض ويعني أن كل تلميذ للرب يسوع، وكل مؤمن عادي، وبالتالي ليس فقط أولئك الذين يشعرون بدعوة ممكنة إلى الحياة المكرسة، يمكنهم ويجب عليهم أن يصنعوا تجربة حقيقية لله في ضميره: خبرة شخصية لكلمته ودعوته.

الخطوة الثانية: الانتباه للعقبات

من يريد أن يبدأ رحلة الحج الداخلي إلى عمق كيانه لأجل أن يكتشف مشروع الله له عليه أن يتحضر إلى التجارب والعقبات التي تظهر أمامه فجأة: “يا بُنَيَّ، إِن أَقبَلتَ لِخِدمَةِ الرَّبِّ فأَعْدِدْ نَفْسَكَ لِلمِحنَة” (سيراخ 2: 1). هو كمن يرغب في أن يصعد جبل عال، يتأمل في جمال قمة الجبل والمنظر الرائع من فوقه وعندما يبدأ الصعود سيصعد خطوات بسرعة ونشاط، لكنه سيجد طريق الصعود يزداد صعوبة. تظهر المشلكات الأولى: تقلص العضلات، صعوبة في التنفس، وتزداد ضربات القلب سرعة. طبيعي لأنه ينقصنا التمرن كما يقول بولس الرسول.

هذا التسلق تبين أنه متعب أكثر مما ظننا… حتى إن البعض يصرف النظر عن الاستمرار في المحاولة بسبب صعوبات البداية. من هذه الصعوبات:

  • التفكير في لماذا يختارني الله؟

شعور يبدو ظاهره التواضع لكنه وليد عدم الثقة بالنفسة وعدم معرفة بالله. موقف يمنعني من المحاولة، من الحلم، من أخذ عن محمل الجد حياتي والهدف من وجودي في الحياة.

  • الخوف من أن “يخدعني” الله!

العقبة الثانية هي الخوف اللاواعي أن هذا الطريق يتطلب الكثير من الجهد. أو ربما بعد ذلك الرب يجلب لي تضحيات أخشى منها، طلبات الله التي أود طرد: “ماذا لو طلب مني أن أختار …؟” الفكرة الأساسية التي تحرك هذه العقبة هي الخوف من أنه إذا كنت أثق بالرب، يمكنه “خداعي” مع مثل هذا الشعور الأساسي، الذي لا أريد أن ننظر في وجهه، لا يمكن للمرء أن يبدأ على محمل الجد.

  • عدم التقبل لشيء ما في حياتي!

عقبة أخرى نفسية أو نفسي-جسمي: عدم وجود الشجاعة لقبول عيونبي الشخصية أو النفسية أو الجسدية، فأبقى دائمًا متردد في حياتي. إذا أردت أن أبدأ مشروع لحياتي واعطي حياتي معنى لابد أن اتقبل كل حياتي كنعمة خاصة يستخدمها الله كما يشاء.

  • وجود الكثير من الشكوك

بالنسبة للبعض، فإن العقبة الأكثر صعوبة هي في الجانب الروحي: كيف يستخدمنى الرب وتكون قصة حياتي شيقة ممتلئة بالخبرات وأنا في الأصل لدي شكوك حول الإيمان بالله ذاته، فأنا غير ثابت، متزعزع. وهذا يمنع الإنسان من المحاولة والبدء في اكتشاف مشروعه الخاص.

في الواقع، نعرف الله من خلال المحبة وحدها، فالله محبة. عندما نتحرك نحوه للقاءه في رحلة البحث عن حضنه الكبير، عندما أكرس نفسي لمعرفته، فكل شيء عطية منه. عندما اخاف من تلك العقبات لن أبدًا في التقرب منه.

الخطوة الثالثة: اكتشاف الكلمة الخاصة بك

أنت موجود في الحياة لتكتب قصتك الخاصة، لكي تحقق الرسالة التي من أجلها وُجدت في العالم، فإذا لم تحقق الرسالة لا قيمة لوجودك، لكي تثمر من خلال حياتك. يلخص بولس الأمر بقوله: “لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ. أيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ.  وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (فيلبي 3: 12- 14).

يقول بولس لست أحسب نفسي قد نلت شيئًا، لكني أسعى لعلي أُدرك (هنا بمعنى لحقه وأمسك به ركض وراءه حتى أمسك به وليس بمعنى عرفه) أن يسوع جعلني غرضه وسعى نحوي حتى أدركني. ومنذ أن أدركني جعلتُ قضيتي في الحياة هي البحث عن إجابة هذا السؤال: لماذا أدركتني؟ ماذا تريد منى أن أفعل؟ تلك الجملة التي قالها بولس عند لقاءه بيسوع واستمر يسأل نفس السؤال مدى الحياة. كل شيء فسره من خلاله: ماذا تريد منى أن أفعل؟ أين تريد أن أُقيم؟ كيف أعيش وكيف أعمل؟ لماذا أعطيتني هذه المواهب والإمكانيات والأموال؟ سعى بولس نحو هذا الغرض لأجل جعالة (جائزة) دعوة المسيح له.

أسئلة كثيرة ستجد الإجابة عنها عندما تجعل الله مشروع لحياتك، عندما تسأله لماذا أدركتني؟ لماذا خلقتني؟ ما هي الرسالة المطلوبة مني؟ ماذا تريد مني يارب أن أفعل؟

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.