إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

ربنا موجود

0 3

نبدأ اليوم زمن الاستعداد لعيد الميلاد المجيد، والذي فيه لا نقول فقط “ربنا موجود” لأن كافة الأديان وحتى اللادينيين يعترفون بأنه موجود، بل نقول: “عمانوئيل- الله معنا” حاضر في وسطنا، يتقاسم معنا الحياة، يختبئ وراء الأشخاص اللذين نقابلهم يوميًا. المسيح حاضر حتى في اخفاقاتنا التي نمر بها، لأن قوته تعمل كثيرًا في ضعفنًا كبشر. إذن لا تكتفي بالقول أن “ربنا موجود” بل “الله معنا”، كما أعلن الملاك للعذراء مريم.

في الأحد الأول (وفقًا للطقس القبطي) بشارة الملاك إلى زكريا الكاهن. يوضح المقطع الإنجيلي أن زكريا وإليصابات كانا بارين أمام الله، يعيشان حياة مستقيمة على المستوى الطقسي أو الأخلاقي. كانا مؤمنين مثاليين، ولكن على الرغم من نزاهتهما، لم يكن لديهما أطفال. لنتخيل مشاعر الزوجين، فهم من سلالة داوود، من منزل مُرشح أن يأتي منه “المسيا” المنتظر. قلقٌ يزداد يومًا بعد يوم مع تقدم السن. هل استبعدنا الله من خطته؟ لماذا منع عنا بركة البنين؟

يتحول القلق إلى حالة من التوتر، التي تظهر بصورة واضحة في ردة فعل الرجل عندما يظهر له الملاك وهو يرفع البخور أمام مذبح الرب، فلا يصدق ما يقوله الملاك: “كَيْفَ أَعْلَمُ هَذَا، لأَنِّي أَنا شَيخٌ كَبير، وَامرَأَتي طاعِنَةٌ في السِّنّ؟”

حياتنا تُشبه قصة زكريا وأليصابات. لكل منّا قلقه الخاص بأمر ما يعلمه هو وحد! لكل منّا حُلم لم يتحقق، رغبة لم ترتوي أبدًا في شيء ما! شيءٌ يخرج عن سيطرتنا وتحكمنا، نريد هذا الشيء بعينه، وإذا تأخر، نحاول بكل الطرق الممكنة أن نحققه بطريقتنا الخاصة. لنتذكر وعد الله لآبرام بنسل مثل نجوم السماء ورمل البحر، لكن عندما تأخر الوعد، حاول مع سارة حل المشكلة من وجهة نظرهما. أقترحت سارة بأن يتزوج خادمتها ليرزق بابن، لكن الوعد كان بابن من سارة ذاتها. نسعى مثل آبرام وسارة لتغير الأمر ولحل المشكلة من وجهة نظرنا وبأيدينا.

نحتاج أن نثق في وعود الله وخططه وطريقته المختلفة عنّا. إذا تأخر أمر ما، لنثق فيه، فنحن ليس لدينا رؤية كاملة لما هو خير بالكامل. الله حاضر معنا، يعلم كل شيء بسابق معرفة عنّا، ليس أمامنا إلا أن نثق حتى لو نفهم الآن. عندما فقدت مريم يسوع في هيكل أورشليم أصابها القلق الشديد هي ويوسف على الصبي: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» ماذا كان رد المسيح وقتها؟ قال لهما: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». يقول لنا الكتاب إن كل من يوسف ومريم لم يفهما شيء من إجابة المسيح في ذلك الوقت: “فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا” (ر لو 2: 48- 50).

يعمل الله بطريقته في حياتنا، وعندما تبدو الأمور مستحيلة وغير مفهومة وتحمل الكثير من التساؤلات. لنثق بأن حاضر معنا، يهتم بأمورنا، ولديه خطة لكل منّا. كثيرُا ما أردد تلك الآيات الرائعة الواردة في سفر حكمة سليمان: “فإِنَّكَ تُحِبّ جَميعَ الكائنات ولا تَمقُتُ شَيئًا مِمَّا صَنَعتَ فإِنَّكَ لَو أَبغَضتَ شَيئًا لَما كوّنتَه. كيفَ يَبْقى شَيء لم تُرِدْه أم كَيفَ يُحفَظُ بما لم تَدْعُه؟  إِنَّكَ تُشفِقُ على كُلِّ شيَء لأنَ كُلَ شيَء لَكَ أيُّها السّيدُ المُحِب لِلحَياة” (حك 11: 24- 26).

أعد قراءة آيات سفر الحكمة لتدرك أنك محبوب للغاية، ووجودك بدافع الحب، لذا كونك الله ودعاك لهذه الحياة فتكون مشابهًا لصورة ابنه. كيف يبقى شيء لا يريده الله؟ لذا هو معك دائمًا، يشفقك عليك لأنه مُحب للحياة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد