إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

هل لديك الرغبة في التغيير؟

1٬037

حملت أولمبياد لندن 2012 حدثًا فريدًا في التاريخ الرياضي بظهور رجل مبتور القدمين، يجري نهائي سباق 400 عدو. يجري على قدمين صناعيتين بجوار رجال أصحاء. لم يفز بالسباق لكنه يكفي وصوله إلى المسابقة النهائية منافسًا أبطال المسابقة المعروفين في ذلك الوقت. اسم هذا العداء الشهير أوسكار بيستوريوس. شدني الحدث كثيرًا وأَنزَلت صورته وهو يسابق الريح على قدمين معدنيتين، كتب أوسكار على كتفه عبارة تناقلها العالم في ذاك اليوم، كتبها بولس الرسول إلى أهل كورنثوس:  ” فأنا لا أَجري كمَنْ لا يَعرِفُ الهَدَفَ، ولا أُلاكِمُ كمَنْ يَضرِبُ الهواءَ” (1 كورنثوس 9: 16). مثال رائع لشاب عاش متحديًا إعاقته وأصبح بطلاً أولمبيًا، فتحولت إعاقته إلى مصدر قوته. شاب عبر عن مسيرته الشخصية وتغلبه على إعاقته بمقولة بولس إلى أهل كورنثوس والتي عكس فيها إيمانه وتحديه لإعاقته.

لم تمر شهور على اعجاب العالم، وأنا منهم، بهذا البطل، حتى فؤجئ الجميع، بعد شهور قليلة من اعجازه التاريخي بقتله لخطيبته في يوم عيد الحب من عام 2013.

هل يتغير الإنسان بهذه السرعة؟ يقول أحد المفكرين بأن الثابت الوحيد في الكون هو التغيير! هل يتغير الإنسان بهذه السرعة، ينقلب من حال إلى حالة، حتى إذا كان متدينًا، يسمع الكلمة باستمرار.

نقرأ عادة مثل الزراع، في متى 13، متفردًا دون أن نربطه بما قبله. في نهاية الإصحاح 12 وبينما يسوع يتكلم مع الجموع تأتي إليه أمه مريم، فيقولون له : “هَا إِنَّ أُمَّكَ وإِخْوَتَكَ واقِفُونَ في الـخَارِجِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوك”. فيسأل يسوع: “مَنْ أُمِّي ومَنْ إِخْوَتي؟”. ثم يُشير إلى تلاميذه قائلا: ” هـؤُلاءِ هُمْ أُمِّي وإِخْوَتي! لأَنَّ مَنْ يَعْمَلُ مَشِيئَةَ أَبي الَّذي في السَّمَاواتِ هُوَ أَخي وأُخْتِي وأُمِّي!”. ثم يضرب مثل الزارع الذي فيه تقع الكلمة في أذنين أناس مختلفين: الذي يسمع كلمة الملكوت ولا يفهمها فيأتي الشرير ويخطف الكلمة. والذي يقبلها بفرح ولكنه لا أصل له في ذاته لا يثبت. والذي يسمع الكلمة لكنه لأنهم غارق في هموم الدنيا. جميع هؤلاء لا يأتون بثمر بالرغم من سماعهم للكلمة كالآخرين. هناك آخر يسمع الكلمة ويأتي بثمر، مئة وستين وثلاثين.

لا يكفي سماع الكلمة دون أن يكون لدينا الرغبة في التغيير. فأن تمتلك الرغبة في التغيير هي أول خطوات التغيير. الرغبة في تنفيذ مشيئة الله هي أول الخطوات للعمل بمشيئته. هل تريد بالفعل تنفيذ مشيئة الله في حياتك، هل تطلبها فعلاً من داخلك، أم أن قلبك يشتهي مشيئتك وحدك؟ هل لا تتطلبها بقلب جامد ورغبة قوية لأنك تخشى أن تكون إرادة الله صعبة، ستسبب لك الشقاء والحرمان من أشياء كثيرة.

الكلمة لا تكون فعالة في حياتي لأنه ليس لديّ الرغبة من الأساس في تنفيذ إرادة الله التي أرى إنها صعبة. من الممكن أن تؤثر فيَّ الكلمة وقتيًا، أقبلها في فرح، لكن عند التطبيق في الحياة سأتوقف، لأني أعلم أن سماع الكلمة وعيشها في الحياة سيغيرني من الداخل، سيجعلني أتخلى عن تنفيذ ما أريد في الحياة ورغباتي الشخصية وبناء ملكوتي. يقول الرب: “مَنْ يَعْمَلُ مَشِيئَةَ أَبي الَّذي في السَّمَاواتِ”، ليس فقط من يسمع ويقبل الكلمة، بل من “يعمل” وينفذ مشيئة الله في الحياة. عندها تؤتي الكلمة ثمارها.

لقد تحول الشاب الذي صارع اعاقته منذ الصغر، الذي يبدو من خلال كتابته لمقولة بولس إلى الكورنثيين إنه مُتكل الله في حياته، لكن عند العمل بهذه المشيئة أصطدم برغباته الشخصية، وملكوته الخاص. تحول إلى النقيض في فترة بسيطة، فلا يكفي سماع الكلمة، وكتابتها على أجسادنا.. لأن العبرة هي في تنفيذ مشيئة الله في الحياة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.