إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

لا ترفض الألم!

1٬190

ربما أكثر تساؤل يُطرح في عالمنا اليوم، يخص الألم؛ فإذا كان الله كلي القدرة وصالح ويحب الإنسان، فلماذا يسمح بالألم في حياة البشر الذين يحبهم؟

لن أسعى بالطبع إلى الإجابة على هذا السؤال الوجودي، لكن أتامل معكم في أكثر الأشخاص الذين نسمع عنهم وقد عاني من آلام غير مبررة وظالمة. آلام نفسية وجسدية وأحساس رهيب بالظلم. لنتأمل في قصة أيوب!!

هناك سؤال أود أن أطرحه في البداية: عن أي شيء يتكلم سفر أيوب؟؟ الإجابة المتوقعة هو عن الألم.

لكن الحقيقة إن السفر لا يتكلم عن الألم ولا يفسره، هو غير مهتم بمشكلة الألم فهو ليس الموضوع الرئيسي في السفر.

الموضوع الرئيسي، والشخصية الرئيسية في السفر هو الله.. الله الذي يراهن على الإنسان، الذي يمثله أيوب. ما هو موضوع الرهان: أن يبقي الإنسان أمينا له بالرغم من الظروف الصعبة التي تحيطه، بالرغم من معاناته وألمه.

يبدأ السفر مشهد في السماء لله وملائكته والشيطان أيضًا. تبدأ محنة أيوب بإدعاء الشيطان إن أيوب لا يؤمن بالله إلا لأنه يستفيد من الله، وإن الله يدليله. فالشيطان يسخر زاعمًا أن الله هو غير جدير بالمحبة لذاته، إنما يجذب الإنسان كأيوب، “برشوتهم” كي يؤمنوا به ويتبعوه. فإذا تضرر الناس في استفادتهم من الله فإنه يتخلون عنه. وضع الشيطان الله في مأزق: “هل يتبعك الناس لأنهم يحبونك؟ أم لأجل لأنهم مستفيدون؟

الله يراهن عليك!!

نتصور أحيانًا إن أفعالنا هي خاصة بنا وحدنا، تؤثر علينا نحن فقط، أو على أكثر تقدير على المحيطين بنا. لكن يظهر سفر أيوب إن كل فعل نقوم به على الأرض له مردود في السماء، في العالم الغير منظور. فعندما يتوب شخص ما، نقول هذا شيء خاص به وحده فحياته ملك له، لكن الكتاب ينبهنا عن أنه يكون هناك فرحٌ في السماء بخاطئ واحد يتوب. تهلل السماء لأجل انتصار شخص واحد على الشر. لأن الله راهن على هذا الشخص، بأنه سيبقي أمينا.

عندما نتأمل مشهد الميلاد مثلاً نجد فتاه صغيرة توافق على مخطط الله، حولها ملائكة ورعاة وتسبيح! مشهد رائع ولطيف. لكن هو ذات المشهد، نجده في سفر الرؤيا 12، صراع رهيبٌ في السماء بين المرأة الحبلى، المتسربلة بالشمس وعلى رأسها إثني عشر كوكبا، وتنين ضخم، يجر بذنبه ثلث الكواكب، ينتظر أن تضع المرأة ولديها. كل شيء له مردود في السماء.

أيوب هو مثال لكل إنسان إيمانه يساوى الكثير، شخص واحد يُحدث الفرق، فالخليقة تئن وتتمضخ في انتظار استعلان أبناء الله: فالخَليقَةُ تَنتَظِرُ بِفارِغِ الصَّبرِ ظُهورَ أبناءِ الله. أنَّها هِيَ ذاتُها ستَتَحَرَّرُ مِنْ عُبودِيَّةِ الفَسادِ لِتُشارِكَ أبناءَ الله في حُرِّيَّتِهِم ومَجدِهِم.

أيستطيع الإنسان أن يبقى أمينا لله، بالرغم من الظروف، حتى لو يظهر الله له كعدو، المتسبب في آلامه؟ فقد أيوب كل شيء، الممتلكات…. العائلة…. الصحة. ونحن ندخل في صراعات مختلفة من نوع آخر: فشل في العمل… صعوبات في الزواج… في الحياة الرهبانية…. عدم تكييف جنسي. تبدو الظروف الخارجية هي المشكلة، إنما الصراع الحقيقي هو داخلك؟

هل تيقي أمينا للله بالرغم من الظروف؟ بالرغم من موت عزيز، بالرغم من مرض والدك، بالرغم من الظروف المعاكسة.

لا يقدم سفر أيوب حلاً لمشكلة الألم، لا يُجيب على التساؤل لماذا الألم.. بل يعطينا درسا في القضية الجوهرية هي هل نبقي أمناء الله بالرغم من الألم.

ماذا فعل أيوب… يتكلم أيوب أخيرا فيلعن اليوم الذي وُلدَ فيه: “أي حياة أعيشها؟ لماذا يحدث لي كل هذا؟ أي جريمة أرتكبتُ، لماذا يعاقبني الله هكذا؟ لماذا قادني الله لكل هذا؟ ما هو السبب؟ هل ولدتُ لأعاني كل هذه الآلام؟ أولادي جميعًا ماتوا، هجرتني زوجتي، لم يبقي لي شيئًا؟ كان خيرٌ لي لو لم أولد”.

أصدقاء أيوب الحكماء، عندما يسمعونه يتكلم بهذه الطريقة، يدافعون عن الله، ويلومونه على تذمره، فلا يصح أن نتكلم بهذه الطريقة. تكلموا في 38 أصحاح للدفاع عن الله:

يبدأ الصديق الأول، كما نشرح نحن الأمر عندما يواجه آخرين مشكلة ما: هناك دائما سببٌ لأي نتيجة. فما يحدث لابد أن يكون نتيجة لسبب ما. عزيزي أيوب، أنا أفهمك، أفهم ألمك وحالتك، لكن معذرة، لا يمكن أن يكون كل ما يحدث لك دون سببٌ، هل أرتكبت جرمٌ ما. أنا هنا لتعزيتك، لمساعدتك لتجاوز هذا الأمر، وأقول لك: هناك خطيئة ما ارتكبتها وراء ما يحدث لك.

هذا هو موقنا الطبيعي أمام الآلم! عندما نجد شخص ما متألما.. نفكر فورا: “من الممكن أن يكون قد ارتكب شيئًا ما، هناك سبب ما، هناك خطيئة ما، هناك مذنب ما”. عندما ترى شخص في مصيبة تفكر دائما: “عمله هو اللي جايبلوه”. من الممكن أن يكون الأمر صحيح بصورة أو بأخرى، فالاختيارات الخاطئة تؤدي إلى نتائج خاطئة، لكن علينا أن ننتبه بأن لا نجاهر بهذا أمام إنسان متألم.

يرد أيوب: “ماذا تقول؟ أنت تقول أن الله يعاقبني على خطيئتي. فأنا لم أرتكب خطيئة”. فالسفر يبدأ بالفعل بالتركيز على أن أيوب هو شخصٌ بار، مستقيم، بعيدٌ عن الشر. لكن من الممكن أن أكون قد أخطئت بشيء لا أتذكره، شيء لم أنتبه إليه. لكن هذه هي الإجابة: يعاقبني الله بهذه الصورة لأني أخطاءت سهوًا. إذا كان الله بهذه الصورة فأنا لا أريد أن أعرفه. هذا عبث وسخافة وأنا أرفضه. انتبهوا فأيوب هنا يرفض ما يبدوا لنا الحكمة التقليدية المعروفة عند البشر منذ القدم.

الله الذي يعاقب البشر على أخطائهم لا يوجد. الله بهذه الصورة غير موجود! إذا كان الله يستمتع بمعاناتي فلا يكون إلها!

هنا يبدأ الصديق الثاني: “أبوب أنت لا تعرف الحكمة الإلهية، فالله يعطي لك هذا الآلم اليوم، ليعدك لسعادة قادمة غدا. الله يُصحح طريقك واختيارتك لأنه يُعد لك شيء رائعًا في المستقبل!! مَن أنت حتى ترفض تصحيح الله له وتعديله لخططك؟

يرد أيوب: “يُصلحني، يَّعد شيءً رائعًا لي في المستقبل!! أنت لا تفهم حالتي الآن، فأنتم تعدون جنازتي وأنا حيٌ بعد؟ هل فهمت؟ هل بهذه الطريقة تشرح لي الآلم؟ هل تعتقد أني بهذه الطريقة سأقبل حالتي وألمي؟ ماذا تقول؟ من أنت لتحدثني عن الله؟ أنتم لا تعرفون الله، أنتم لا تعرفون على من تتكلمون.

انتبهوا في الوقت الذي تسمعون فيه هذا الكلام توافقون على ما يقوله أصدقاء أيوب، لأنهم بالفعل يفكرون كما يفكر كل البشر، كما نفكر نحن. لكن أيوب لم يقبل هذه الفلسفة: “ماذا تقولون؟ من أجل خير مستقبلي لم أراه أو أستطيع لمسه بيدي أتالم اليوم بهذه الطريقة اليوم!!

كم من المرات أعطينا هذه الإجابة باسم ربنا. شخص يتالم كالكلب وأنت تبدأ في عظة أخلاقية: “ربنا هيدبر الأمر بكرة، بكرة أحسن”. من الممكن أن يكون غدّا أفضل بالفعل لكن هذه العظة الأخلاقة لن تُفيد الشخص المتألم لأنه يفكر: “لكن الآن أنا أتالم، كيف أتحمل الآلم اليوم”.

يصرخ أيوب: ” ماذا تقول؟ أنا أرى إني أتالم كالكلب! ولا أستطيع أن أتحمل (خلاص مش قادر أتحمل أكتر من كدة، مفيش معنى أن أنتظر بكرة، لأني سأموت اليوم، أنا النهاردة أتالم).

يستكمل الصديق الثالث الحوار: “أيوب يجب أن تقبل، أن تستسلم ما يحدث لك”. سمعنا هذه الإجابة مرارًا من الناس عندما نتألم: فالمسيحية تطالبنا بالتحمل، فأنت مولودٌ لأجل أن تعاني وتتحمل.

من الصعب تلخيص سفر أيوب بأكمله في لقاء، فالسفر يُجيب على سؤال محوري في الحياة: لماذا الألم، لكن من يتولون الإجابة همّ من لم يتألموا. تأتي الإجابة من قبل من يفكر ويُحلل الموقف دون أن يتألم، أمام شخص يصرخ من الألم ولا يستطيع أن يتحمله يأتي شخصٌ ما مستنيرٌ، حكيمٌ ليعطى الإجابة.

تحملوا.. تحملوا تجارب الحياة. هناك من يظن إنه وصل إلى القداسة لأنه تحمل ظروفه.. “ياه يارب سمحت بتجارب كتيييرة في حياتي وأنا تحملتها”. في المجمل أنت أفضل من الله في هذه الحالة!!

الله بعشوائية غير محدودة ينظر للبعض فيسمح لهم بحياة رغدة، هادئة دون تجارب ممكنة، في حين يُصييك أنت بمحن وتجارب كثيرة. للبعض رسالة مهمة في الحياة، وآخرين لا قيمة لحياتهم من الأساس. أنت لا تستطيع أن تفحص أعماق الله، فالله سرٌ كبير، ليس أمامك إلا الاستسلام للأمر الواقع.

إذا خاطبنا شخص ما بهذه الطريقة يعنى ستطفئ لديه الرجاء. ستطفئ لديه معنى الحياة. فالمكان الذي تذهب إليه الناس، الكنيسة، لتمتلئ بالرجاء توصيها بالاستسلام. لن تأتي الناس إلى الكنائس مرة أخرى، وستكون الكنيسة بدورها فاشلة في رسالتها مع الناس عندما توصى الناس في وسط آلامها بالاستسلام بالأمر الواقع.

يصرخ أيوب رافضا هذه الأفكار عن الله، فالله لا يدعونا للاستسلام، أمام قضاء لا نفهمه.

يأتي شاب، أليهو، ليتكلم بدوره مع أيوب وينصحه فيقدم تلخيصًا لأراء الحكماء حول الألم، يقدمها بكل حماس متصورًا إنه يُقدم شيئًا مختلفا: “فالقديرُ فَوقَ مُتَناوَلِ فَهمِنا، عظيمُ القُدرَةِ والرَّأيِ السَّديدِ، والكثيرُ العَدلِ الذي لا يجورُ”. مثل هؤلاء الذين يقدمون النصح والارشاد في حين بقي أيوب وسط آلامه. الجميع يتكلم ويلبس ثوب الحكمة ويدلو بدلوه في الأمر، بقي داوود وحده متألما مثل الكلب.

يصرخ أيوب من جديد: “إليس حكيم بينكم؟ المشكلة هي الآتي: “أين الله الآن؟ أنا أتالم وحدي ولا استطيع الاحتمال، كفاية، أجيب يارب”.

يفعل أيوب شيء غريبٌ جدًا، يضيع الله كمتهم، وإلا قولوا لي لماذا أتالم ولم أرتكب جرمًا”. فيرفع نظره ويتأمل في كل الآلام الموجودة في العالم، في الاشخاص. ويوصف المعاناة حوله، وهؤلاء البشر الغير سعداء، فيصرخ لله قائلا: “أين أنت؟ أأنت السبب في هذه الآلام، لماذا تعذبنا هكذا؟ لماذا تعذبنا فأي خطيئة أرتكبت؟

(30: 19- 21) “طَرَحني اللهُ في الوحلِ، فمِثلُ التُّرابِ أنا والرَّمادِ. إليكَ أصرُخ فلا تُجيبُ. وأمامَكَ أقِفُ فلا تَنتَبِهُ. عدوُا قاسيًا صِرتَ معي وبقوَّةِ يدِكَ حمَلتَ عليَ”.

فيصرخ أيوب… يصرخ… يصرخ، يصرخ طالبا من الله أن يرد عليه، على اتهاماته (31: 35- 36) لَيتَ القديرَ يَسمَعُني! لَيتَ خصمي يَردُّ على دَعوايَ، فأحمِلَ ردَّهُ على كتِفي وأعصِبَهُ تاجا لرَأسي.

فتحدث المفاجأة ويستجيب الله لصراخ أيوب ويرد على اتهاماته له. فيتكلم من العاصفة متحدثًا مع أيوب. ويقدم إجابة تبدو غريبة، يبدو فيها الله كفنان يرسم لوحة. فيرى أيوب الله في كل شيء حوله. يكشف الله نفسه لأيوب، فتتملك السعادة أيوب، سعادة غامرة، هو وجه لوجه أمام الله.

يشعر أيوب بأن الله قبل شكواه، قبل صراخه، اتهامه له. ويكشف أيوب إن الآلم هو الذي ساعده في أن يتقابل مع الله، الذي أتاح له أن يقف أمام الله وجها لوجه. سعادة لا توصف تتملك أيوب. يشعر إن الله يقول له: “فعلت جيدًا أنك تكلمت معى بهذه الطريقة، هكذا يجب أن تتكلم معي”. وبالفعل يغضب الله من الأصدقاء الثلاثة لأيوب لأنهم تكلموا دون أن يعرفوا بصدق. بالرغم من غضب الله من الأصدقاء الثلاثة فإنه لا يعاقبهم: وقدِّموا ذبيحةً تُكفِّرُ عنكُم، وعبدي أيُّوبُ يُصلِّي مِنْ أجلِكُم. وسأستَجيبُ لَه فلا أُعامِلُكُم بِحَماقَتِكُمُ التي جعَلَتْكُم لا تتكلَّمونَ أمامي بالصِّدقِ كعبدي أيُّوبَ”.

ينتهي السفر ليترك أن تضع نفسك مكان أيوب. لأن تدخل في علاقة مع الله فتراه وتلمسه بنفسك، لا يُكلمك أحدهما عنه. أن تعرف أنت في ظرف ما من ظروف حياتك، لا أن تسمع عنه من أحد. لأجل أن تعرف الله، لابد أن تكون لديك خبرة معه.

ماذا فعل أيوب؟ وجد أيوب نفسه غارقًا في آلام رهيبة، بعد فقدان كل شيء، عائلته وممتلكاته ومجده، أشرف على الموت، ورأي جنازته بعينه وهو على قيد الحياة. فماذا صنع؟ صرخ، صرخ لله قائلا: ” خاطبني، اظهر نفسك لي: إليكَ أصرُخ فلا تُجيبُ. وأمامَكَ أقِفُ فلا تَنتَبِهُ. عدوُا قاسيًا صِرتَ معي وبقوَّةِ يدِكَ حمَلتَ عليَ”.

يُثمن الله صراخ أيوب، يقبل طلبه، يقبل تذمره: ” لَيتَ القديرَ يَسمَعُني! لَيتَ خصمي يَردُّ على دَعوايَ”.

ينتهي أيوب بهذه الكلمات: “سمِعتُ عنكَ سَمْعَ الأُذُنِ، والآنَ (وسط آلامي التي لا أعرف لها سببًا) رأتْكَ عَيني”. تغمر السعادة أيوب، ومنذ هذه اللحظة تبدأ حياة أيوب الجديدة نحو حياة الملء الكامل والرضا.

يقول الرب للشعب قبل أن يُعطي وصاياه العشر: “أنا الذي أخرجتك من أرض مصر من دار العبودية”. كم من الزمن بقي شعب إسرائيل في مصر؟ كم من الوقت وهي تحت نير العبودية؟ 400 سنة، تحرك الرب بعد 400 سنة؟ لماذا أنتظر الرب كل هذه المدة؟ لماذا لم يتحرك قبل ذلك؟

عندما تقرأ الكتاب المقدس ستجد الإجابة: لماذا لم يتحرك الرب طوال هذا الزمان؟

عندما صرخ الشعب إليه، أرسل موسى. لماذا لم يرسله قبل هذا؟ لأن الله لا يقتحم أبدًا حياة البشر إلا إذا طلبوا. لن يدخل حياتك ما لم تطلب وترغب في ذلك. سيقف على عتبة الباب يقرع من وقت لأخر لكي تعلم إنه على الباب ويريد الدخول. لن يدخل حتى تفتح الباب، هذا ما يقوله سفر الرؤيا (3: 20): “ها أنا واقِفٌ على البابِ أدُقُّهُ، فإنْ سَمِعَ أحدٌ صوتي وفَتَحَ البابَ دَخَلتُ إلَيهِ وتَعَشَّيتُ مَعَهُ وتَعَشَّى هوَ مَعي”.

هناك سرٌ كبير بعض الناس تعاني وتتألم لكنها لا تطلب المساعدة والعون من الله.

لماذا لم يصرخ الشعب قبل 400 سنة؟ لأن مصر كانت البلد الزراعية الأولى في المنطقة، هي جنة الله قديما على الأرض، لم تكن هناك مجاعة. كانوا لاجئين يأكلون ويشربون، حتى لو أقل من أصحاب البلد، المصريون. كانوا راضيين عن حياتهم، لا يحتاجون الله. في هذا المكان هناك أيضًا الكثيرين منا راضيين بالقليل في حياتهم. مشكلة أيوب كانت صعبة، يتألم دون ذنب. هناك مشكلات لن تستطيعوا التعايش معها.

ماهي تلك المشكلات؟ إذا لم تدخل داخل ذاتك، لن تصرخ طالبًا الله. لن تستيقظ. أن تدخل إلى ذاتك وتكتشف فقرك وعجزك، ألمك ستصرخ إلى الله قائلا: “أين أنت؟ خبرني ماذا يحدث معي؟

هل تعلمون ما هو الصراخ؟

لا يتعدى الله على حريتك أبدًا، يصرخ أيوب إلى الله، فيعرفه ويراه بعينيه وسط آلامه. أن تتعلم أن تسجد أمام الله وتطلبه، بالرغم من كل صعوبات الحياة. إذا كنت تشعر برفض والديك، فشل ما في حياتك، ألم من أي نوع، فالألم هي مكان اللقاء بالله، الله ينتظرك هناك.

ليس صراخ بصوتك العالي، الرّبُّ قريبٌ مِنْ جميعِ الذينَ يدعونَهُ، مِنْ جميعِ الذينَ يدعونَهُ بالحَقِّ (145: 18).

ماذا ترى عندما ترى الصليب؟ اعتدنا على شكل المصلوب المتألم دون أن تهتز مشاعرنا. إذا وضعنا بدل المصلوب صراخ المعذبين على يد داعش قبل أن ينحروا رقابهم. على المصلوب هناك شخص يتألم بصورة لا يمكن تخيلها وهو برئ. الله يتألم.

كل المشكلات والصعوبات في الحياة هي أوقات ثمينة للغاية، المهم أن تفهمها. هي أوقات اللقاء بالله المتألم، يشرح الله وقتها لماذا تتألم وكيفية أن تتغلب على الألم. عندما تدخل إلى أعماق ذاتك. فالشخص ينمو متى تألم، متى تغلب على المشكلات التي يصادفها في حياته. إذا كان في حياتكم أشياء لا تحتمل: طفل معاق، مريض بمرض خطير، احباط أو فشل من أي نوع. هذه الأشياء ثمينة للغاية. في أوقات المعاناة والمشكلات يصبح البعض غير محتمل، لا يطاق لأنه لم يعرف فائدة هذه الأوقات.

في حياة كل واحد منا لأن هناك أشياء حدثت لنا ولعائلتنا لا نجد لها تفسير. العجز عن التفسير دفع البعض إلى انكار وجود الله والالحاد. هل ترغبون في أن يفسر الله لكم ماذا يحدث؟ هل تريد أن يكشف الله لك أن الحياة رائعة؟ أم تريد أن تستمر في دور الضحية؟ أن تبكي حالك فقط؟ أم تريد أن نساعدك في أن أوقات الألم والمشكلات والصعوبات تفتح لك الطريق لأشياء أعظم، فألمك مقدس، حياتك لم تكن خطأ، الله قادر على تحويل ألمك وظروفك الصعبة إلى فرح. إذا أردت أن تجد السعادة والرضا الكامل..

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.