ماهية التخطيط
طرح العالم الكبير أحمد زويل في محاضرة له في الأمم المتحدة عن: “مستقبل العلم في الوطن العربي” أسبابا مختلفة لتخلف المصريين عن ركب العلم والحضارة. أرجع العالم الكبير التخلف ليس إلى أسباب وراثية أو للتركيبة الجينية، فالمصريين والعرب يحملون نفس التركيبة الجينية التي يملكها سائر البشر وجميع الأنواع الحية، ويشهد التاريخ أن العرب والمصريين حققوا في الماضي أعظم المنجزات. كما برهن العرب والمصريين الذين هاجروا إلى البلاد الغربية المتقدمة هناك في بيئة ملائمة على إنهم قادرون على التفوق في شتى مجالات الحياة وحتى في مجال العلم والتكنولوجيا الذي يحتكره الغرب حاليا.
ويتوافر لدي المصريين والعرب الموارد البشرية والمادية للنهوض بالعلم والتكنولوجيا والشيء الأول الذي يفتقرون إليه هو نظام منطقي واضح يلبي الاحتياجات الجماعية للسكان، نظام يأخذ في الاعتبار كافة الموارد المتاحة ويعمل برؤى مستقبلية واضحة تعتمد على التخطيط الجيد، فالشعوب العربية لا تقل ذكاء وكفاءة عن شعوب شرق أسيا والانتقال إلى صفوت الدول المتقدمة أمر ممكن شريطة التخطيط الجيد.
ما هو التخطيط
التخطيط هو بشكل عام التفكير في المستقبل بشكل واعي وبالطريقة التي تناسبنا أكثر من غيرها. فمثلا عند خروجي من البيت للوصول إلى المدرسة أضع بسرعة خطة في ذهني للوصول إلى ذلك الهدف فاختار شوارع بعينها دون غيرها. كذلك فأن إعداد الطعام مثلا يكون وفقا لخطة محددة أنفذها بشكل واعي بهدف تشكيل يومي بالطريقة التي تناسبني. وعليه فأن التخطيط بصورة عامة هو “تشكيل المستقبل بشكل إرادي وبالصورة التي توافق تطلعاتنا وآمالنا” وبالتالي هو أسلوب تفكير وعمل إرادي مقصود يستخدم الموارد والإمكانيات المتاحة لأي مؤسسة من المؤسسات لتحقيق أهداف مستقبلية. فمثلا التخطيط لمشروع بناء السد العالي في الستينات من القرن الماضي كان يهدف إلى تشكيل المستقبل بحيث لا تتعرض البلاد إلى موجات الطوفان الذي كان يجتاح القرى، فتم التفكير في وسيلة تستفيد من الإمكانيات المتاحة بالصورة التي توافق التطلعات والآمال. التخطيط إذن لا يتم عفويا، وليس مجرد تخمين أو رمي بالغيب وإنما هو عمل إرادي مقصود لتحديد الصورة المستقبلية المحتملة.
وتعرف منظمة الصحة العالمية التخطيط بـ: “العملية التي تقوم علي تحليل البيانات ، وتحديد الاحتياجات ، وتقدير الموارد المتاحة ، واستخدام نتائج هذا التحليل في الإعداد للتغيير وفقا لأهداف مقصودة ومحددة سلفا”.
وهذا الهدف من ورش العمل التي نقوم بها الآن: فإذا قلنا أن هدف المدرسة الأساسي هو “تنشئة تلميذ متميز علميا وعمليا”. فأن التخطيط للوصول إلى هذا الهدف يتطلب أولا تحليل البيانات (مستويات التلاميذ الحالية العلمية والعملية) وتحديد الاحتياجات المطلوبة للوصول بالتلاميذ إلى الهدف المحدد، ثم توجيه الموارد (البشرية والمادية والزمنية) المتاحة والممكن إتاحتها نحو تحقيق مستوي أفضل للتلاميذ ، وبأعلى درجات الكفاءة والفاعلية ، في أسرع وقت ، وبأقل تكلفة اقتصادية واجتماعية ، ويعتبر أبسط تعريف هو أن التخطيط “محاولة منظمة واعية ومستمرة تحاول تحديد الاحتياجات وتقدير الموارد اللازمة واختيار أحسن البدائل المتاحة لتحقيق أهداف معينة”.
أي أن العملية التخطيطية تقوم علي عدة حقائق أساسية:
١- أنها “محاولة” تحتمل النجاح والفشل وتزداد فعاليتها بزيادة القدرة علي استيعاب المعلومات والتنبؤ والاستفادة من فرص النجاح والفشل.
٢- أنها عمليـة “منظمة” تخضع لقواعد وأسس علمية تبعدها عن مجال التمني أو الأحلام ، وتتـم بإحساس واع” بالأمور والأحداث.
٣- أنها عملية “مستمرة” ومع استمراريتها تزداد كفاءة.
٤- جوهر العملية التخطيطية هو حصر “البدائل المتاحة” واختيار أفضلها لكي نحقق الأهداف المطلوبة بأقصى كفاءة ممكنة ، وذلك علي ضوء تحديد الاحتياجات وتقدير الموارد اللازمة لذلك.
٥- أن غايتها هو تحقيق “أهداف محددة” تحديدا دقيقا واضح المعالم يكون بداية لرسم الخطط وإعدادها ، وتتحدد كفاءة هذه الخطط بمقدار ما تحققه من الأهداف المحددة.
٦- إن عملية التخطيط تعد “دورة كاملة” تبدأ بإعداد الخطة ، وإصدار توجيهات وتعليمات التنفيذ ، ومتابعة النتائج وقياس الانحرافات عن أهداف الخطة وتحليلها ، ثم تعديل الخطة وإصدار التوجيهات والتعليمات بعد تعديل الخطة لتتلاءم مع واقع التطبيق.
من خلال ما سبق فأن جوهر العملية التخطيطية هو تحديد الاحتياجات لتحسين وتطوير المدرسة.
كيفية تحديد احتياجات المدرسة:
هناك طرق ثلاث يمكن استخدامها لتحديد احتياجات المدرسة والعمل على تطوير أدائها: يتم في البداية تطبيق الاستبيانات على كل من الهيئة الإدارية للمدرسة، والعاملين، وأولياء الأمور، والطلبة في كافة الأمور المتعلقة بالمدرسة. ثم هناك تقرير الأداة لكل محور، وأخيرا ورش العمل للتقييم الذاتي.
المقصود بالتقييم الذاتي:
هو عملية تكمن المدرسة من تحديد نقاط قوتها وضعفها بتقييم الأداء عن طريق وسائل القياس المبنية على رؤية المدرسة والأمانة العامة للعملية التعليمية. وفائدة هذا التقييم هو مساعدة المدرسة من التعرف على احتياجاتها بصورة محددة، ويظهر دور كل فرد في المدرسة بصورة واضحة.
فقد أظهر التقييم الذاتي مثلا أن يجب تطوير وتحديث شئون الطلبة بالمدرسة فهناك تخزين يدوي للبيانات والملفات مما كان يشكل صعوبة في التوصل إلى البيانات الخاصة بالطلاب، هناك نقص في الإمكانيات المادية من أجهزة كمبيوتر وشبكات ووصلات وملفات جديدة. والقائم بشئون الطلبة لن يستطيع أن يطور في أدائه فكان لابد من تطوير أدائه من خلال دورات تدريبية وتعلم كيفية تدوين البيانات على أجهزة الحاسوب ثم تم جمع جديد للبيانات بطريقة حازمة.