إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

أحد الشعانين 2015

0 933

منذ سنوات قام الرئيس العام، وهو ألماني الجنسية، بزيارة إلى أحد القرى، وقامت اللجنة المنظمة لاستقباله بإعداد جحش صغير ليركبه الزائر من مرسي القرية على النيل حتى الكنيسة في مسافة ثلاث كيلومترات. استقبل الشمامسة الرئيس بالأغصان والأناشيد والتراتيل من أمام المركب حتى الكنيسة. كان الزائر مبهورا، والمنظر رائعا يذكرنا بدخول المسيح اليوم لأورشليم. وصل الزائر إلى الكنيسة، وكان طبيعيا أن يلقي كلمة للجموع الحاضرة، لكنه كان بطيئا في كلمته الطويلة، فأخذ الجموع في الخروج من الكنيسة واحد بعد الآخر. فهل كانوا يتصورون أنه جاء ليحقق لهم بعض المطالب المادية، وعندما خذلهم تركوه.

دخول المسيح إلى أورشليم

كيف نستقبل يسوع اليوم في هيكلنا الخاص؟<br>استقبلت الجموع، التي كانت تحتفل بعيد المظال، العيد الذي يتذكر فيه الشعب اليهودي الخروج من مصر، وسكنه في خيام بالقرب من خيمة الرب. هو أجمل أعيادهم لأن الرب كان دائماً معهم، في عمود من غمام يقودهم وفي عمود من نار ليلاً يدفئهم. هو عيد فرح، يغنون ويرقصون ويحملون أغصان النخل (الانتصار) والزيتون (السلام)، وينزل سكان المدينة إلى مداخل أورشليم لاستقبال الحجّاج بالهتاف والغناء وكانوا يهتفون هوشعنا، أي الله يخلصنا.

لو علمنا أن الرب قادم، لاحتفلنا به أفضل احتفال. هذا الفرح الذي نراه في عيون الأطفال وهي حفل المناولة الاحتفالية والتي تستقبل الرب لأول مرة. نتمنى أن يأتي الرب بصورة ملموسة وعينية، أن نراه رؤية العين، أن يتقد قلبنا عند سماعه، كما حدث مع تلميذي عماوس. كيف سننتظر الرب؟

استقبلت الجموع يسوع استقبال ملكي، عندما نقل الحجاج الذي جاؤوا من بيت عانيا خبر إقامة لعازر للناس. انتظر الناس المسيح الذي يحقق نبوة أشعيا:العمي يبصرون والعرج يمشون، والموتى يقومون: إذا هذا هو المسيح الآتي. وعندما رأوه يدخل على أتان تذكروا نبون زكريا: “ابتهجي جداً يا صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك، هو عادل ومنصور، وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان” (زكريا ٩:٩) المسيح سيملك على الكل، وسيحرر الجميع. لذلك صرخوا هوشعنا، أي خلصنا يا ابن داوود.

خيبة الأمل
دخل يسوع الهيكل، فماذا فعل؟ دخل يسوع المكان اللقاء بين الله والإنسان، فماذا وجد؟ وجد تجار حيوانات التي كانت مخصصة للذبائح في الهيكل. وجد الصيارفة الذي يستبدلون النقود التي تحمل صور الأباطرة الرومانيين، الصور الوثنية التي لا يجب أن تدخل الهيكل، بعملات يهودية. وجد رواق الوثنيين الذي كان يسمح لهم بالدخول لهذه الساحة بأن ينضموا للصلاة إلى الإله الأوجد، إله اسرائيل قد تحولت إلى ساحة للبيع والشراء والمتاجرة. سمحت سلطات الهيكل بالتجارة في الهيكل طمعًا في الربح وكسب المال. تقول الرسالة إلى أهل كولوسي: “الطمع هو عبادة أوثان” (٣: ٥). تحول الجميع الوثنيين بالفطرة، ورؤساء الكتبة والبائعين والمشترين إلى عبادة الأوثان. هذه هي عبادة الأوثان التي يصادفها يسوع ويقول فيها مستشهدًا بالنبي أشعيا: “بيتي بيت صلاة يدعى” (متى ٢١، ١٣؛ راجع أش ٥٦، ٧) وإرميا: “أما أنتم فقد جعلتموه مغارة لصوص” (متى ٢١، ١٣؛ راجع إر ٧، ١١).

هل نرغب في أن يدخل المسيح هيكلنا، قلبنا، حياتنا. يجب أن نطهر قلوبنا من التعلق بالأوثان، من الطمع، من محبة المال. التطهير من الأوثان ليس سهلاً، يتطلب المثابرة وأحيانا الألم. فالتعلق بمغريات الأوثان من الصعب التخلص منها، من الصعب ترتيب أولوياتي، من الصعب التخلص من الرفاهية في بعض الحالات. التطهير كالسوط سيؤلمنا لكنه ضروري لأن يأتي المسيح إلى هيكلنا.

دخل المسيح إلى الهيكل فدنا منه عميٌ وعرجٌ فشفاهم (متى ٢١: ١٤). إذا سمحنا ليسوع أن يدخل هيكلنا، سيحمل الشفاء لأمراضنا، سيساعدنا على التخلص من أوثاننا. لا يأتي يسوع مدمّرًا؛ لا يأتي بسيف الثوريّ. عندما أراد داود أن يدخل إلى الهيكل تم تحذيره “لا تستطيع أن تدخل إلى هنا. فالعرج والعميان يصدّونك” (آ ٦). عندما استولى على اورشليم، قتل داود الأول حتى العرج والعميان ودخل قائلا: “لا يدخل بيت الرب أعمى ولا أعرج”. أما داود الثاني فجاء إليه العميان والعرج إلى الهيكل فشفاهم. مثل هؤلاء المرضى، كانوا يُطردون من الهيكل. أما يسوع فاستقبلهم.

هكذا يصنع المسيح عندما نسمح له بالدخول فهو بل يأتي بعطية الشفاء. ويهتم بأولئك الذين ترمي بهم عاهاتهم على هامش حياتهم وهامش المجتمع. يبين يسوع الله إلهًا يحب، وقدرة الله كقدرة المحبة. ويقول لنا هكذا ما سيشكل إلى الأبد جزءًا من العبادة الحقة نحو الله: الشفاء، الخدمة، الطيبة التي تشفي.

أيها الأصدقاء الأعزاء، فلنسمح للمسيح أن يدخل هيكل أجسادنا وحياتنا، ولنتطهر من مظاهر عبادتنا لشيء آخر سواه فلنتضرع إليه، لكي نصبح نحن أيضًا معه، وانطلاقًا منه، رسلاً لسلامه، لكي ينمو ملكوته فينا وحولنا. آمين.

قد يعجبك ايضا
اترك رد