إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

مايو، الشهر المريمي

0 1٬094

مايو، شـهر المواعيد والفـرح

لماذا اختارت الكنيسة شهر مايو كي تُخصصه لإكرام خاص لسيدتنا مريم العذراء؟

السبب الأول هو أنّ الأرض في هذا الشهر تكتسي بالأوراق النضرة والأعشاب الخضراء بعد جو الشتاء القاسي، بعد الجليد والثلوج والرياح الشرسة، وبعد أمطار بداية الربيع، ولأنّ البراعم تتفتح والأزهار تُزيّن البساتين. ولأنّ النهار يُصبح أطول والشمس تُشرِق مبكرًا وتغيب متأخرًا، فهذا العيد وهذا الفرح الذي يحدث للطبيعة هو أفضل رفيق إكرامنا “للوردة السرّيّة”.

قد يقول قائل: “هذا صحيح، لكن أحيانًا في أوروبا مثلًا يكون شهر مايو باردًا وطقسه غير مستقر”. لا يُمكن أن ننكر هذا، لكنّه مع ذلك يعتبر مستقرًا بالنسبة لما قبله وعلى الأقل هو شهر الموعد والأمل، فحتّى ولو كان جوه سيئًا لكن مايو هو بداية الصيف. ونحن نعلم حتّى ولو كان فيه القليل مما لا يُرضي لكن الوقت الطيب يصير وشيكًا. “فإنّ الرؤيا للميقات وفي الانقضاء تظهر ولا تكذب. إن أبطأت فانتظرها فإنّها ستأتي إتيانًا ولا تتأخّر”(حبقوق2: 3).

مايو هو شهر التحقق وإن لم يكن فعلى الأقل هو شهر الموعد، وهذا هو الشكل الحقيقي الذي به ينبغي أن ننظر إلى مريم التي نكرّس لها الشهر.النبيّ يبشرنا: “يخرج قضيب من جذر يسّى وينمى فرع من أصوله”(أش11: 1) فمَن يكون الزهرة إن لم يكن يسوع؟ مَنْ تكون القضيب أو الفرع أو النبتة التي ستُخرج الزهرة إن لم تكن مريم أُمّ الربّ ؟

كان هناك وعد بأنّ الله سيجيء على الأرض، فمتى يجيء ملء الزمان؟ وكيف بُشِّرَ بذلك الحدث؟ بشَّرَ بِهِ الملاك الذي جاء إلى مريم وقال لها: “السلام عليك يا ممتلئة نعمة الربّ معكِ مباركة أنتِ في النساء”(لو1: 28). مريم إذن، كانت الوعد الأكيد بالمُخلِّص الآتي، ولهذا شهر مايو هو شهرها على وجه الخصوص. أيضًا، لماذا مايو هو شهر مريم المكرس لها بطريقة خصوصية؟ من بين الأسباب العديدة ، أنّه على مدار السنة الطقسية هو شهر الفترة الأكثر قدسية والأكثر فرحًا وتهليلًا. فمَنْ كان ليرغب أن يكون شهر مريم هو فبراير أو مارس حينما نعرف أنّ تلك الشهور هي وقت الزمن الأربعيني والتوبة؟

لكن مايو، بالعكس، ينتمي إلى “زمن الفصح” الذي يستمر خمسين يومًا، وهذه الفترة تقع داخل شهر مايو أو على الأقل خلال النصف الأول منه، كما أنَّ عيد الصعود يحتفل به دائمًا في مايو فيما عدا مرة أو مرتين كل أربعين عامًا. وعيد الخمسين أو عيد العنصرة، عيد الروح القدس، عادةً ما يأتي في شهر مايو وكذلك عيدي الثالوث الأقدس وجسد الربّ غالبًا ما يقعا في هذا الشهر. إذن، مايو هو الشهر الذي يتردد فيه نشيد “هلليلويا” لأنّ المسيح قام من القبر وصعد إلى السماء، والروح القدس أتى إلى الأرض ليحلّ مكانه.

وهنا نجد سبب تكريس شهر مايو للعذراء الطوباوية، فهي أول المخلوقات والأكثر قبولًا لدى الله، والأحب والأقرب إليه. لهذا كان من اللائق أن يكون شهر مريم هو الشهر الذي نُمجّد فيه ونُسبّح تذكارًا لأعظم الأعمال الخلاصية التي صنعتها العناية الإلهية لنا، أي فدائنا وتقديسنا بالله الآب، والله الابن، والله الروح القدس.

قد يعجبك ايضا
اترك رد