إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

أصدقاء المُخلع

0 1٬827

توجه كلمة الله اليوم أنظارنا إلى مجموعة أصدقاء لمريضٍ، مُقعد غير قادر على الحركة، قد تكون إعاقته نصفية أو إعاقة رباعية كاملة. لا يوضح النص بطريقة مباشرة نوعية إعاقة الرجل، لكننا نفهم غير قادر على السير باستقامة، فهو يحتاج إلى من يحمله وينقله من مكان إلى آخر. لم يتكلم الرجل أبدًا، ولم يعبر عن نفسه في رواية مرقس الإنجيلي، أعطى صمته فرصة لكي نوجه أبصارنا إلى أصدقائه الرجال.

يعكس تصرف الرجال قناعةٌ كاملة بشخص يسوع المسيح، وإيمانٌ بقدرته على اجراء المعجزة. من الواضح إنه تبعوا يسوع منذ فترة، بصورة أدخلت إلى قلوبهم اليقين بقدرة يسوع على الشفاء. دفعهم إيمانهم إلى التغلب على صعوبة ازدحام الجموع المحيطين بيسوع في البيت. صعدوا إلى السقف ودّلوا زميلهم المُقعد أمام يسوع، وكلهم إيمان بأنه قادر على شفاءه، كما فعل مع مريض بيت حسدا، والمولود أعمي وغيرهم الذين سمعوا عنهم أو شاهدوهم معافيين، أصحاء بعد تدخل يسوع.

لقد حمل هؤلاء الأشخاص الكسيح لينال الشفاء من يسوع، فإذا بيسوع يجيب على إيمانهم بمغفرة خطايا المُقعد. لم يعطه الشفاء الجسدّي مباشرة، ولا نعلم عن أية خطايا يتكلّم يسوع، فنحن لسنا نعرف شيئاً عن الرّجل سوى أنّه كان مُقعدًا. حول يسوع الاهتمام من الشفاء الجسدي إلى أولوية الشفاء الروحي.

هناك ما هو أصعب من الاعاقة الجسدية، يقول سفر الأمثال: “روحُ الإنسانِ تَسنُدُ ضَعفَهُ، فإذا اَنكسَرت فمَنْ يُحْييها” (أمثال 18: 14). من الممكن أن يمرض الإنسان لكن عندما تنكسر الروح داخله، بفعل ثقل الخطايا، بفعل التجارب الساحقة والآمال الضائعة. وجه يسوع اهتمام الأصدقاء من الرغبة في شفاء صديقهم المُعاق جسديًا، إلى ضرورة أن يسأل الأصدقاء أنفسهم عن مدى أهتمامهم بشفاء صديقهم الروحي. هل اهتمامنا بشأن القريب هو اهتمام فقط بصحته الجسدية، أُقوم بزيارته عند مرضه، أُقدم له طعام عند جوعه، أٌقدم له كأس ماء بارد عند عطشه.

لقد قارب العامُ المُخصص للرحمة على الإنتهاء، الذي فيه توجه أهتمامنا جميعًا إلى الآخرين، إلى المرضى، والمعوزين، والفقراء، إلى السجناء وحاول البعض تقديم شيء ما لأولئكَ. لكن دعني أسال وماذا بشأن المعونة الروحية للآخرين؟ هل السعي إلى شفاء الروحي يدخل في أهتماتنا؟ ولكن يبقي السؤال الأهم: كيف نقدم معونة روحية، أو شفاء روحيًا للآخرين؟

هذا ما أجاب عنه بولس الرسول في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس: “فنَحنُ لله رائِحَةُ المَسيحِ الذَّكِيَّةُ بَينَ الذينَ يَخلُصونَ أوِ الذينَ يَهلِكونَ” (2 كور 2: 15). المسيحي الحقيقي هو الذي يعكس رائحة المسيح الذكية وسط الناس جميعًا، الذين يخلصون أو الذين يهلكون. أنت لا تستطيع أن تمنع رائحة العطر من الانتشار، أنت تمتلء منها ولكن لا تتحكم فيها، فالعطر قادر على الانتشار بقوة. عندما يؤمن الإنسان حقيقة بيسوع المسيح، تكون حياته نورًا للآخرين، منبعًا لرائحة المسيح الذكية وسط الناس. رائحة الأزهار قادرة على طرد الأمراض والفساد، لذا ارتدي الناس في فرنسا أكاليل من أزهار اللافندر، وقت انتشار الطاعون، بعد أن أثبتت التجربة قوتها في ابعاد الجراثيم.

كلما كان للإنسان شركة مع المسيح وصلة دائمة معه وشبعَ بكلامه المحيي  يظهر ذلك في سلوكه وكلامه وحياته، لأن المسيح يحيا فيه (غلاطية 2: 20). تنبعث قوة المسيح وتنتشر متى أمتلئ منها الإنسان: “ليضئ نوركم قدام الناس، فيمجدوا أباكم الذي في السنوات”. فبالسلوك والأعمال ننشر بشارة المسيح، باحتمال الضيقات والأتعاب والصبر في الشدائد، وصنع السلام وأعمال المحبة.

الأحد الأول من بابه

قد يعجبك ايضا
اترك رد