عيد جميع القديسين
لماذا تحتفل الكنيسة بعيد جميع القديسين؟ لماذا نُكرمهم وقد كَّرمهم الأب السماوي؟ مَن هولاء القديسين؟
أسئلة يطرحها احتفال اليوم في الأول من نوفمبر. مَن هولاء الذين نحتفل بهم اليوم؟ أولئك المائة وأربعة وأربعين ألفًا الواقفين أمام عَرش الحمل كما يُخبرنا سفر الرؤيا. لدينا تصور عن القديسين مستمد من الأيقونات واللوحات التي يظهر فيها هالة من النور فوق رؤوسهم. يعيشون في حياة مريحة يتنعمون بالخيرات السماوية حيث لا ألم ولا جوع ولا قلق. يقف القديسيون أمام العَرش مسبحيين متأملين في الحضور الإلهي، لا يحتاجون إلى شيء أو لشخص ما، فحضور الله يغنيهم فهو الغاية الأولى والأخيرة للبشر.
لكن هذه الصورة تخفي الحقيقية إنّ أُولئك الناس همّ بشرٍ عاديين، تألموا كثيرًا في حياتهم الأرضية لأجل أن يعيشوا حياتهم مع المسيح. عاشوا حياتهم في تبعية مُستترة ليسوع المسيح، معتنقين نمط حياته، ناشرين عبير عطره وسط الناس، بالرغم من الآلم والرفض من قِبل الآخرين. عاشوا كأبناء الله في حياتهم الأرضية، كما نقرأ في رسالة يوحنا الأولى: “أَيُّها الأَحِبَّاء نَحنُ مُنذُ الآنَ أَبناءُ الله ولَم يُظهَرْ حتَّى الآن ما سَنَصيرُ إِليه. نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا نُصبِحُ عِندَ ظُهورِه أَشباهَه لأَنَّنا سَنَراه كما هو” (1 يوحنا 3: 2).
أمورٌ عادية وحياة طبيعة تمامًا إلا إنهم سلكوا في طريق الكمال، لم يسلموا قلوبهم للحقد والحسد، وشفاههم للنميمة وتشويه صورة الآخرين: “مَن بِلِسانِه لا يَغْتاب وبِصاحِبِه لا يَصْنعُ شَرًّا وبِقَريبِه لا يُنزِلُ عارًا” (مزمور 15: 3). سلكوا في طريق الاستقامة فلم يساهموا في انتشار وتوغل الفساد فلا قدموا رشوة ولا أقرضوا أموالهم بالربى: “لا يُقرِضُ بالرِّبى فِضتَه ولا يَقبَلُ على البَريءَ الرَّشوَة” (مزمور 15: 5). أمورٌ عادية وسلوكيات يومية نسقط فيها دون أن ننتبه، بل ولا نشعر أحيانا الخطأ في ذم قريب غير موجود، وتقديم إكراميات لأجل تسهيل اعتماد أوراق حكومية في بلد بيروقراطي.