علم اللاهوت الرعوي (8): المعييارية
المعييارية
في تاريخ الكنيسة عُقدت المجامع الكنسية لتحديد عناصر أساسية للإيمان، بخاصة عن طريق تصحيح الأخطاء التي كانت تضعه في خطر. فمجمع نيقيا عام 325، لمواجهة البدع الأريوسية أكد ألوهية يسوع الابن المولود من الله الآب؛ أو حتى مجمع أفسس عام 431 الذي أعلن مريم والدة الله، وأيضًا مجمع خلقيدونيا عام 451 الذي أكد أن شخص المسيح له طبيعتان إلهية وبشرية. والمجمع الأقرب إلينا وعلينا ذكره هو مجمع ترنت الذي عقد في القرن السادس عشر ووضح نقاط أساسية للعقيدة الكاثوليكية إزاء الإصلاح البروتستانتي، بالإضافة الى المجمع الفاتيكاني الأول الذي بدأ بالتفكير بمجموعة متنوعة من المواضيع ولكن لم يكن أمامه الوقت إلا لإنجاز وثيقتين، واحدة عن معرفة الله، والوحي، والإيمان، وعلاقته مع العقل، والثانية عن أولوية البابا والعصمة؛ في الواقع، لقد تمَّ وقفه بسبب احتلال روما في سبتمبر 1870.
إذا نظرنا إلى المجمع المسكوني الـﭭـاتيكاني الثاني، لوجدنا أنه في هذا الوقت من مسيرة الكنيسة، لم يكن هناك أخطاء معينة حول الإيمان، لتصحيحها أو إدانتها، ولا حتى أسئلة حول العقيدة أو تعاليم معينة للتوضيح. كان هدف الكنيسة العام هو: التعبير عن الإيمان بطريقة “متجددة” أكثر وضوحًا لأن العالم يتغير بسرعة، مع الحفاظ على مضمونه، من دون التضحية بأي شيء أو إيجاد تسويات. أراد المجمع من الكنيسة أن ترسم علاقة مع العصر الحديث بطريقة جديدة، أساسها تقديم الإنجيل في كل عظمته ونقائه بلغةٍ تتناسب مع العصر الذي تعيش فيه، كما عبّر البابا بولس السادس في عظته في نهاية الدورة الأخيرة للمجمع، في 7 ديسمبر 1965: “في الواقع، يقول البابا، لقد وقع في عصر حيث كان الجميع يدرك أن البشر منجرفين بالملكوت الأرضي أكثر من الملكوت السماوي؛ في عصر حيث أصبح نسيان الله شيء معتاد، يشجعه التقدم العلمي؛ في عصر حيث الأفعال الأساسية للإنسان أصبحت أكثر وعيًا لحُرِّيَّتها، تميل إلى تأكيد استقلاليتها المطلقة، مُحرِّرة نفسها من أي قانون متسام؛ في عصر حيث كانت العلمانية تعتبر كنتيجة مشروعة للفكر الحديث، والقاعدة الأكثر حكمة لتنظيم المجتمع (…) في ذلك العصر تمَّ الاحتفال بمجمعنا بتمجيد الله باسم المسيح، تحت إلهام الروح القدس”.
ويعلق البابا بندكتوس السادس عشر عن خلاصة الفكر الرعوي للمجمع المسكوني الـﭭـاتيكاني الثاني بالقول: “يمكننا أن نرى كيف أن العصر الذي نعيش فيه لا يزال يتسم بنسيان الله وعدم الإصغاء له. أشدد بأنه علينا أن نحفظ الدرس الأكثر بساطة والأساسي للمجمع ألا وهو أن المسيحية، في جوهرها، هي الإيمان بالله، الذي هو المحبة الثالوثية، وفي اللقاء الشخصي والجماعي مع المسيح الذي يرشد حياتنا وينيرها: كل الباقي ينبع من ذلك. المهم اليوم، وهذا ما كان يتمناه أيضًا آباء المجمع، هو أن نرى مرة أخرى، بوضوح، أن الله حاضر، ويرانا، ويستجيب لنا. وفي المقابل، عندما يغيب الإيمان بالله، ينهار الأساس لأن الإنسان يفقد كرامته العميقة وما يشكل عظمة إنسانيته، ضد أي اختصار. يذكرنا المجمع أن الكنيسة، بكل مكوناتها، واجبها أن تنقل كلمة محبة الله التي تخلص، لكي نسمع ونقبل هذا النداء الإلهي الذي يتضمن سعادتنا الأبدية”[1]
إن الفكر الرعوي للمجمع إذن هو”نقل كلمة محبة الله التي تخلص الإنسان في واقعه المُعاش بهدف أن يتلاقي الإنسان مع المسيح لقاءً شخصيًّا مُحرِّرًا للحياة. تساءل ج. بيمر و پ. سيللر كيف يمكن أن يُصبح حدث يسوع فاعلًا بشكل حاسم في حياة الإنسان، وما هي سبل الجماعة المسيحية لكي تدفع الإنسان المعاصر لمثل هذا اللقاء المُحرِّر بيسوع المسيح من خلال أنشطتها وممارساتها الرعوية؟
يسوع التاريخي الذي أمكن التعرُّف عليه عن طريق الأبحاث التاريخية-النقدية في التقليد هو معيار اللاهوت الرعوي. يقول ه. شوستر أنّه يجب البدء بفهم مُعاصر لحدث يسوع، الذي شكّلَ أساس خبرة الكنيسة الأولى، والتي صارت قانونًا وتقليدًا للكنيسة على مرِّ العصور. فهم معاصر لحدث يسوع يكون على نفس مستوى عظمة خبرة الكنيسة المتوارثة عن طريق التقليد، لأن كلاهما يرتكز على فهم رمزية الحقائق الإيمانية وحدث يسوع وتطبيقه في الواقع التاريخي للكنيسة.
حدث يسوع إذن هو “الحدث المعياري” للعمل الرعوي في كل زمانٍ. ما يفكر فيه المسيحيون، ويؤمنون به، ويريدونه، ويتناقلونه ويقصدون توضيحه في جماعاتهم لا يُمكن أن يكون سوى حدث يسوع. ومهمة اللاهوت الرعوي هي النظر في هذا الحدث الدائم وتفسيره لجعله “المعيار” لكافة ممارسات الكنيسة وخططها الرعوية وللأهداف التي تسعى إلى تحقيقها في زمنها التاريخي. بهذه الطريقة تتحول ممارسة المسيحيين، مقارنة بممارسة يسوع، إلى موضع لاهوتي رئيسي للّاهوت الرعوي. لاهوت رعوي يضع ذاته داخل مشكلات الإنسان الملموسة واليومية ويتخذها مجالاً خاصًا للتدخل.
1.1. هدف الكنيسة غير القابل للتغيير
عندما يغيب الهدف فإنه من الصعب على الإنسان أن يقودَ حياته إلى تحقيق نجاحات ملموسة. هذه هي أيضًا حال المؤسسات فهي تحتاجُ تحديد أهدافها التي تسعى إليها بكل دقةٍ، لأن من شأن عدم تحديد الأهداف تضارب عمل الأفراد المنتمين للمؤسسة وتخبط قراراتهم الذي يؤدي إلى شلل المؤسسة وفشلها في أداء العمل الذي تأسست من أجله. مِن الممكن أن يستمرَّ العمل إلا أن العطب قد أصاب المنظومة ككل، وسيسقط الأفراد في احباطات متكررة وأزمات نتيجة غياب الأهداف الرئيسية. الأمر الذي سيدفعهم في النهاية إلى عدم بذل مجهود يذكر لأنه ليس هناك من معنى لبذل الجهد.
تعتبر أزمة غياب الأهداف في الأصل أزمة غموض وإلتباس في تحديد هوية المؤسسة، الأمر الذي سيؤثر على القائمين بالعمل داخلها. فعندما يعمل الأفراد في مؤسسة ما يجب أن توضِّح لهم هُويَّة المؤسسة وأهدافها العامّة التي تسعى إليها بكل دقة في البداية، لأن عدم التحديد الواضح والكافي سيُعرِّض الأفراد إلى مخاطر كثيرة نتيجة تغير ظروف التي تُحيط بعمل المؤسسة في المستقبل القريب والبعيد. هذه هي حال الكنيسة كمؤسسة في حال غياب وضوح الأهداف الكافي أمام الإكليروس القائمين بالخدمة فيها.
لذا حدَّد المجمع الـﭭـاتيكاني الثاني في ديباجة دستوره الرعوي “الكنيسة في عالم اليوم” هدفًا رئيسيًّا للكنيسة وعنوانًا لحضورها في العالم: “جماعةً تتألَّفُ من بشرٍ يجمعهم المسيحُ، ويقودُهم الروح القدس في مسيرتهم نحو ملكوت الآب. إنَّهم يحملون رسالةَ خلاصٍ عليهم أن يعرضوها على الجميع”. تبشير العالم إذن هو الكلمة المحورية في رسالة الكنيسة في العالم: “لا يدفعُ الكنيسةَ أيُّ طموحٍ دُنيويٍّ ولا تتوخى سوى غايةٍ واحدةٍ وهي أن تُتابعَ تحت زخْمِ الروحِ القدسِ المعزّي عَمَلَ المسيحِ نفسِه الذي أتى إلى العالم ليشهَدَ للحق، ليُخلِّصَ لا ليدينَ، ليَخدُمَ لا ليُخدَم”. فالكنيسة ليست مؤسسة عقائدية وقانونية، بل عالم تحوّل جزئيًّا إلى “عائلة الله” يعملُ على تواصل رسالة المسيح الخلاصية لخدمة العالم والوصول به إلى كمال قَصد الله من خلال أنشطتها وممارستها في التاريخ.
تبشير العالم هو الكلمة المحورية لرسالة الكنيسة في العالم منذ تأسيسها في يوم العَنصرة. وهي الكلمة التي تَجمع كافة مؤسسات الكنيسة، المختلفة والمتعارضة أحيانًا، في إطار واحد. هي الكلمة المُحَفزة لعمل الكنيسة ككل.
تستخدم وثائق المجمع تلك الكلمة المحورية بكثرة، ففي القرار الخاص بنشاط الكنيسة الإرسالي هي الغاية: “هي التبشير بالإنجيل وغرْسُ الكنيسة فيما بين الشعوب والجماعات البشرية التي لم تُغرَسْ فيها بعدُ” (قرار في نشاط الكنيسة الإرسالي: 6)؛ وعندما يُحدِّد رسالة العلمانيين في العالم: “يمارسون عملَهم الرسوليّ بوجهٍ منظور بالدعوة بالإنجيل وبتقديس الناس؛ وكذلك أيضًا عندما يعملون على تلقيحِ النظام الزمني بروحِ الإنجيل، وتطويرِه بحيث يُمسي عملُهم، في هذا الميدان، شهادةً صريحةً للمسيح، ويؤول إلى خلاص الناس” (قرار في رسالة العلمانيين: 2)، اشارة المجمع إلى أسلوب حياة المؤمنين كمنهج فعال للتبشير أسقط الهوة الموجودة بين الإنجيل والثقافة. فالتبشير يهدف إلى جَعل الإنجيل حاضرًا في ثقافة البشر من خلال شهادة الحياة لجميع المسيحيين بهدف أن تصل رسالة يسوع الخلاصية إلى العالم أجمع.
منهج تبشيري جديد[2] يتطلب أن تُراجع الكنيسة تَجربتها وكفاءتها في التبشير بقصد تحسين أسلوبها واستراتيجياتها المتبعة. يعتمد المنهج الجديد على أن تبشر الكنيسة تبشيرًا يُعطي الحياة. إن في عبارة تلميذي عماوس (ر.لوقا 24/17-35 ) مؤشـرًا لإمكانية فشل التبشير بالمسيح لأنه عاجز عن نقل الحياة؛ فالتلميذان يبشران برجل ميت ويتحدثان عن حرمانهم ورجائهم الضائع. أنهما يتحدثان عن احتمال أن تبشر الكنيسة تبشيراً لا يعطي الحياة بل يبقي يسوع أسير الموت. إن قضية نقل الإيمان ليس عملاً فرديًّا بل حدثًا كنسيًا وجماعيًا، يجب ألا يوجه الإجابات باتجاه البحث عن استراتيجيات ناجعة للنقل ولا أن يركّز بشكل تحليلي على المرسل إليهم –كالشباب مثلا، بل يجب أن يكتفي بكونه سؤالاً يتعلق بالمكلف بهذه العملية الروحية. ويجب أن يصبح سؤالاً تطرحه الكنيسة على ذاتها مما يساعد على طرح المشكلة بشكل صحيح نظراً لكونه يضع الكنيسة وجوهرها وحياتها موضع تساؤل. وبهذه الطريقة يمكن أن نفهم حقيقة أن عدم خصوبة التبشير والتعليم الديني المعاصر، هما مشكلة كنسية تتعلق بقدرة أو عدم قدرة الكنيسة على الظهور كجماعة حقيقية وأخوة أصيلة وكجسد متماسك، لا كآلة أو مشروع.
“إن الكنيسة وبحسب طبيعتها وخلال رحلتها الأرضية هي مرسلة”. يُلخص هذا التأكيد للمجمع الفاٍتيكاني الثاني التقليد الكنسي : فالكنيسة مرسلة نظراً لكونها تستمد أصولها من رسالة يسوع والروح القدس بحسب قصد الله الآب. كذلك هي مرسلة لأنها تضطلع بأعباء هذه الرسالة بشكل شخصي جاعلة من نفسها المبشر والشاهد لوحيي الله، وتنقذ شعب الله من الشتات حتى تتمَّ نبوءة أشعيا التي فهمها آباء الكنيسة على أنها موجهة إليها : “أوسعي مكان خيمتك ولتبسط شقق مساكنك، لا تمسكي. أطيلي أطنابك وشددي أوتارك. لأنك تمتدين إلى اليمين واليسار ويرث نسلك أمما ويعمر مدناً مخربة” (أشيعيا 54/2-3).
وهكذا ينطبق ما قاله القديس بولس :”لأني إن كنت أبشر، فإن الضرورة موضوعة علي، فويل لي إن لم أبشر” (1كور 9/16)، فعلى عاتق الكنيسة بأجمعها، القيام بالتبشير كما يذكرنا البابا بولس السادس :”إن تبشير كل الأمم بالرسالة الجوهرية للكنيسة […..] هو في الواقع دعوة الكنيسة ونعمتها وهويتها. فهي ما وجدت إلا من أجل التبشير”.
في إطار هذه الدينامية الإرسالية والتبشيرية المزدوجة، لا تقوم الكنيسة فقط بدور المبادر والفاعل في قضية الإعلان، بل بدور المصغي والتلميذ. فالكنيسة كمبشرة بالإنجيل، تبدأ بتبشير نفسها وهي تدرك أنها الثمرة المنظورة لعمل التبشير الذي لا يتوقف والذي يقوده الروح عبر التاريخ، حتى يشهد المخلصون للذاكرة الحيّة لإله يسوع المسيح. ويمكننا التأكيد اليوم على هذه الحقيقة باقتناع أكبر، نظراً لكوننا أبناء تاريخ يحفل بصفحات مجيدة من الشجاعة والإخلاص والإقدام والحدس والعقل، صفحات خلفت لنا أصداء وآثارًا مخلدة في نصوص وصلوات ونماذج وأساليب تربوية ودروب روحية، تقودنا إلى الإيمان وإلى القيام بمشاريع ومؤسسات تربوية[3].
جعلت التغييرات التاريخية والثقافية في عالمنا المعاصر الكنيسة تواجه تحديات جديدة تضع ممارساتها الثابتة موضع جدال وتبطئ المسير المُعتاد والموحد. فإن هذه التحديات ترغم الكنيسة إلى طرح أسئلة جديدة على نفسها حول معنى أعمالها من جهة التبشير ونقل الإيمان، وتدفعها إلى التدريب على التمييز الذي يتطلبه عمل التبشير. هو توجه جديد وليس صيغة جديدة عن التبشير الأول أو مجرد تكرار له، بل هو الجرأة في سلوك طرق جديدة لمجابهة الظروف الجديدة التي على الكنائس أن تعيش فيها اليوم.
2.1. سيناريوهات التبشير الجديد
التبشير الجديد إذن هو موقف، أسلوب جريء. إنه قدرة المسيحية على قراءة السيناريوهات الجديدة التي ظهرت في العقود الأخيرة من تاريخ البشر لتسكن فيهم وتحوّلهم إلى أماكن للشهادة والتبشير بالإنجيل. وقد تمَّ تحديد هُويِّة هذه السيناريوهات ووصفها عدة مرات؛ إنها سيناريوهات اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية ودينية.
أول هذه السيناريوهات وأساسها هو السيناريو الثقافي. فعصرنا عصر علمنة قوية فقدت القدرة على سماع وفهم كلمة الإنجيل كرسالة حيّة ومحيية. علمنة تتجلى من خلال صورة إيجابية للتحرُّر، ومن خلال القدرة على تصور حياة العالم والإنسانية دون الرجوع إلى الله. وخلال السنوات الأخيرة لم تعد العلمنة تظهر بشكل أحاديث مباشرة ضدَّ الله أو الدين أو المسيحية، حتى لو كانت لهجتها في الكثير من الأحيان معادية للمسيحية وللدين ولرجال الدين؛ فقد اتّخذت لهجة متواضعة ساعدت في اجتياح الحياة اليومية للناس وللوجود وللضمير الإنساني. وقد ساعدها هذا الأسلوب على التسلل إلى حياة المسيحيين وحياة الجماعات الكنسية، حتى صارت تشكل تهديدًا خارجيًا للمؤمنين وساحة للمواجهات اليومية. أفرزت تلك الثقافة عقيدة عقيمة تدور حول الفرد مما نتج عنه ضمور في المستوى الروحي وفراغ في القلب الذي دفع البعض إلى البحث عن أشكال تعويضية للانتماء الديني أو روحانية غامضة. وفي إطار هذا سيناريو يُقدّم التبشير الجديد نفسه على شكل تشجيع تحتاجه الجماعات الكنسية المتعبة لإعادة اكتشاف الفرح المسيحي واستعادة الدفء السابق (رؤيا 2/4) والحرّيّة في البحث عن الحقيقة.
إلى جانب السيناريو الأول الثقافي، هناك سيناريو يغلب عليه الطابع الاجتماعي. لقد ارتبط بظاهر العلمنة تغيراتٌ في البنية المجتمية وحدث نوع من التفتيت للمراجع الأساسية للحياة والقيم وللروابط المجتمعية تحت ضغط وسائل التواصل الاجتماعية التي تقدم اليوم إمكانيات كبيرة وتشكل إحدى أكبر التحدّيات التي يتوجب على الكنيسة مجابهتها. لا يمكنها أن تخفي المخاطر التي يخلفها الانتشار الواسع جدًا لمثل هذه الثقافة، كالتركيز الكبير على الذات وعلى الحاجات الشخصية حصرًا والتأكيد على البعد الانفعالي في بناء العلاقات والروابط الاجتماعية. النتيجة التي يمكن لهذه المخاطر أن تؤدي إليها هي ما يمكن تسميته بثقافة الزائل أو المؤقت والآني والظاهري، أي إلى مجتمع غير قادر على امتلاك ذاكرة أو مستقبل. إن التبشير الجديد في مثل هذه الظروف يتطلب من المسيحيين أن يمتلكوا جرأة التردد على “مجامع الحكماء الجديدة” هذه، وأن يكتشفوا ويبتكروا الوسائل والدروب التي تمكنهم من إسماع صوت الإرث التربوي والحكمة التي حفظها التقليد المسيحي في هذه الأماكن المغرقة في الحداثة.
وهناك سيناريو ثالث تؤثر تغيّراته في العمل التبشيري للكنيسة، وهو المجال الاقتصادي. إذ كثيرا ما كشف التعليم الكنسي للباباوات عن وجود عدم توازن متنام بين الشمال والجنوب في العالم فيما يتعلق بالثروات وتوزيعها أو بين التخريب وبين الإبداع والخلق. إن الأزمة الاقتصادية التي نعيشها اليوم، تشير إلى مشكلة استخدام القوى المادية التي لم تصل إلى إيجاد نظام لسوق عالمية قادرة على حماية حياة جماعية أكثر عدلاً. وبالرغم من الحيز الصغير الذي تخصصه وسائل الإعلام لقراءة هذه المشاكل انطلاقاً من صوت الفقراء، لا يزال العالم ينتظر الكثير من التعاطف ومن الأعمال الملموسة من قِبَلِ الكنائس.
السيناريو الرابع، هو سيناريو البحث العلمي والتكنولوجي. فنحن نعيش في عصر لم يصحُ بعد من الدهشة التي أثارتها العديد من الأمور التي استطاع البحث العلمي التغلب عليها.ونستطيع كلنا أن نختبر في حياتنا اليومية فوائد هذا التطور، الذي نزداد تعلقا به كل يوم لدرجة أن العلم والتكنولوجيا تكاد أن تصبح آلهة جديدة في وقتنا الراهن. ومن السهولة بمكان، في عالم الرقميات والعولمة، أن نجعل من العلم ديننا الجديد ونطرح عليه أسئلة عن حقائق كثيرة وعن معناها،عالمين أن العلم لا يمكنه أن يقدم لنا سوى إجابات جزئية لا تفي بالغرض. وهكذا نجد أنفسنا أمام نشوء أشكال جديدة من الغنوصية، التي تستخدم التكنولوجيا كشكل من أشكال الحكمة للبحث عن تنظيم سحري للحياة، يستطيع أن يعمل كعلم وكمعنى. وهكذا بتنا نشهد تأكيدًا على عبادات جديدة تقدم نفسها كديانات قائمة على الازدهار والمكافأة الآنية، تحدّد الغاية من الممارسات الدينية التي بإمكان البشر أن يعيشوها.
وأخيراً بقي لدينا السيناريو الخامس وهو سيناريو السياسة. إن التأثير الإسلامي والآسيوي قد قد ساهم في نشوء وضع مستحدث ومجهول تمامًا، غني بالطاقات الكامنة والمخاطر وإغراءات الهيمنة والسلطة. وفي هذه الساحة، يجب أن ينشط الالتزام بتحقيق السلام والتطوّر وتحرُّر الشعوب، وتحسين أشكال الحكومات العالمية والقومية، وتأمين فرص الإصغاء والحياة المشتركة والحوار والتعاون بين مختلف الثقافات والأديان واحترام حقوق الإنسان وخاصة حقوق الأقليات، وتشجيع الضعفاء وحماية الإبداع والالتزام بمستقبل كوكبنا: هذه هي المواضيع والقطاعات التي يجب أن يضيئها نور الإنجيل[4].
أمام تحولات كهذه، من الطبيعي أن تكون أولى ردّات الفعل هي الضياع والخوف. فعندما نجد أنفسنا أمام تحولات تمس هُويَّتنا وإيماننا في العمق، من الطبيعي أن نتخذ هذا الموقف النقدي للتمييز الذي ما فتئ البابا بنديكتوس السادس عشر يذكرنا به عندما يدعونا إلى تطوير قراءة للحاضر انطلاقًا من الرجاء الذي تقدمه المسيحية كهبة. فعندما يتعلم المسيحيون ثانية معنى الرجاء، فسيتعلمون في إطار معارفهم وخبراتهم، من خلال الحوار مع الآخرين ومن خلال تحديد ما بإمكانهم أن يقدموه للعالم وما يشاركوا به وما يستطيعون فعله للتعبير الأفضل عن هذا الرجاء، وسيتعلمون أيضًا ما هي العناصر التي يجب عدم التخلي عنها. تتطلب السيناريوهات التي نحن مدعوون إلى مجابهتا أن نطور نقدا لأساليب حياتنا وللبُنى الفكرية وللقيم وللغة المستخدمة للتواصل. وبنفس الوقت يجب على هذا النقد أن يعمل بشكل نقد ذاتي للمسيحية الحديثة التي عليها باستمرار أن تفهم نفسها انطلاقا من جذورها.
وهنا تجد أداة التبشير الجديد خصوصيتها وقوتها. يجب النظر الى هذه السيناريوهات وهذه الظواهر، متجاوزين المستوى الشعوري (الانفعالي) والأحكام الدفاعية والخوف، لكي نفهم بموضوعية علامات الجدّة والتحديات والضعف. إذاً فالتبشير الجديد يعني العمل، في كنائسنا المحلية، على رسم دروب تساعد على قراءة الظواهر المحددة سابقًا قراءة قادرة على ترجمة رجاء الإنجيل بعبارات قابلة للتطبيق، مما يعني أن الكنيسة تبني نفسها من خلال قبولها لهذه التحديات لتصبح أكثر فأكثر سببًا في بناء حضارة الحب.
علاوة على ذلك، فإن التبشير الجديد يعني امتلاك الجرأة لطرح مسألة الله في وسط هذه المشاكل، محقِّقًا خصوصية رسالة الكنيسة، وموضحاً بذلك الطريقة المسيحية في تسليط الضوء على مشاكل التاريخ بأسلوب غير مسبوق. إن التبشير الجديد يتطلب منا مجابهة هذه السيناريوهات بعيدًا عن الانغلاق في إطار جماعاتنا ومؤسساتنا، وذلك من خلال قبول تحدي الدخول إلى هذه الظواهر، لكي نتكلم ونقدم شهادتنا من الداخل. هذا هو الشكل الذي تضطلع به الشهادة المسيحية في العالم الحديث، بالموافقة على مجابهة أشكال الإلحاد الجديد أو العلمنة المتطرفة التي تحاول إلغاء الله من حياة الإنسان.
أسئلة
تعيش اليوم جماعاتنا المسيحية مراحل تغيّر هامة لوجهيها الكنسي والاجتماعي.
1- ما هي الميزات الأساسية لهذه التغيرات في كنيستنا المحلية ؟
2- كيف تم عيش ميزات كنيسة مرسلة،كنيسة قادرة على العيش في صميم حياة الأفراد اليومية، كنيسة تعيش بين بيوت أبنائها وبناتها؟
3- كيف تَمكَّن التبشير الجديد من إعطاء الحياة والدفع إلى التبشير الأول أو إلى الحياة الرعوية القائمة، وكيف ساعد على تجاوز الإرهاق الذي يظهر في الحياة اليومية لكنيستنا المحلية؟
4- كيف تمَّ تمييز وقراءة الوضع الحالي في مختلف الكنائس المحلية على ضوء التبشير الجديد؟
يعيش عالمنا اليوم تغيرات هامة تتمخض عن سيناريوهات وتحديات جديدة للمسيحية. وقد ذكرنا هنا خمسة سيناريوهات: الثقافي (العلمنة)، الاجتماعي والإعلامي، الاقتصادي العلمي، السياسي.
5- ما هو الوجه الأبرز الذي قدمته هذه السيناريوهات في الكنيسة المحلية؟
6- ما هي ردة الفعل التي أثارتها هذه السيناريوهات في حياة الكنيسة المحلية ؟ وكيف أثرت في حياتها؟
7- ما هي المشاكل والتحديات التي فرضتها ؟ وما كانت ردود الكنيسة المحلية عليها؟
8- ما هي العقبات الأساسية وأكبر المصاعب التي تمت مواجهتها في عملية إدراج موضوع الله ضمن مواضيع الوقت الراهن؟
9- ما هي التحولات التي طرأت على طريقة عيش الأشخاص للخبرة الدينية؟
إن التبشير الجديد هو رؤية الكنيسة للاستمرار في عيش رسالة التبشير في إطار هذه السيناريوهات الجديدة.
10- ما هو الشكل الذي اتخذه التبشير الجديد في الكنيسة المحلية؟
11- ما هو مضمون وشكل الشجاعة التي تميز التبشير الجديد؟ وما هي القوة التي يبثها في الحياة الكنسية والرعوية؟
12- كيف تبنت الكنيسة المحلية طلب البابا يوحنا بولس الثاني؟ الذي كرره في مناسبات عدة لاختيار “تبشير جديد”، جديد في اندفاعه وأساليبه وطرق تعبيره ؟
14- كيف ساعدت المجامع السينودسية القارية والإقليمية الكنيسة المحلية على إنشاء برنامج لتبشير جديد؟
3.1. ملامح جديدة لكينونة الكنيسة
إن هذه الظروف الجديدة للرسالة، تجعلنا نفهم في نهاية المطاف أن مصطلح “التبشير الجديد” يشير إلى ضرورة إيجاد تعابير جديدة للتبشير، تساعد الكنيسة لتكون كنيسة في المجالات الاجتماعية والثقافية المتغيرة بعمق. على الكنيسة ألا تفقد قدرتها على البقاء قريبة من الحياة اليومية للأفراد، لتعلن انطلاقًا منها رسالة الإنجيل المحيية. وكما كان يؤكد البابا يوحنّا بولس الثاني، فإن”التبشير الجديد” يعني صياغة النسيج المسيحي للمجتمع البشري، وذلك بإعادة تركيب نسيج الجماعات المسيحية نفسها؛ وهذا يعني مساعدة الكنيسة لتكون حاضرة دائمًا ”وسط بيوت أبنائها وبناتها”، لكي ينشطوا حياتهم ويوجهونها نحو الملكوت الآتي.
يمكن للكنيسة أن تكون حاضرة دائمًا وتنقل الإيمان بنشاط في قلوب أبنائها من خلال التعليم المسيحي والتلمذة. فالتعليم هو وسيلة لنقل الإيمان كما تلقته الجماعة المسيحية وفهمته واحتفلت به وعاشته وشاركته مع الآخرين. كما تبدو التلمذة كنموذج اعتمدته الكنيسة مؤخرًا لتعطي شكلاً مختلفًا لعملية نقل الإيمان.
يتطلَّب هذا من الكنائس المحلية اندفاعًا جديدًا وثقة بالروح الذي يقودها لكي تضطلع، من جديد وبفرح وحماس،بالمهمة الأساسية التي من أجلها أرسل يسوع تلاميذه؛ وهي التبشير بالإنجيل (راجع مرقس 16/15) والتبشير بالملكوت (راجع مرقس 3/15). ويجب أن يشعر كل مسيحي أنه معني بوصية يسوع هذه، وأن يترك الروح يقوده بحسب دعوته الخاصة. وفي الوقت الذي يبدو اختيار الإيمان وإتباع يسوع صعبًا وغير مفهوم ومتناقضًا ومقيدًا، فإن مُهمّة الجماعة ومُهمِّة كل مسيحي في أن يكونوا شهودًا ومبشرين بالإنجيل كما فعل يسوع ووفقًا لمعييارية ممارساته، تكبر وتتسع.
وقد أشار الرسول بطرس إلى هذا الأسلوب في التصرف عندما دعانا إلى الدفاع وإلى أن ”نكون مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا”(1 بطرس 3/15). إن موسمًا جديدًا للشهادة لإيماننا، وأشكالاً جديدة من الردود على من يطلب منا البرهنة عن سبب إيماننا، هي الطرق التي حددها الروح القدس للجماعات المسيحية، لكي ما نتجدَّد ونجعل الرجاء والخلاص الذين أعطانا إيَّاهما المسيح حاضرين فينا بشكل حاسم. وعلينا كمسيحيين أن نتعلَّم أسلوبًا جديدًا للرد “بوداعة وخوف وبضمير صالح” (1 بطرس 3/16)بكل التسامح الذي يأتينا من الاتحاد بالمسيح في الروح القدس، وبتصميم العارف أن الهدف هو اللقاء مع الله الآب في ملكوته.
ويجب أن يكون هذا الأسلوب جامعًا يضمُّ الفكر والعمل والتصرفات الشخصية والشهادة العلنية وحياة جماعاتنا الداخلية واندفاعها التبشيري واهتمامها التربوي وإخلاصها للفقراء وقدرة كل مسيحي على فهم كلمة الله في الظرف الذي يعيش ويعمل فيه لينقل هبة الرجاء المسيحي. ويجدر بهذا الأسلوب أن يتحلَّى بالحمية والثقة وحرّيّة الكلمة،التي تجلَّت في كرازة الرسل (راجع أعمال 4/31) و 9/27-28) التي اختبرها الملك أغريبا بإصغائه للرسول بولس:”بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا” (أعمال 26/28).
وفي الوقت الذي يختبر الكثيرون في حياتهم غياب الله وخواء الروح دون أي إدراك لكرامتها ولا لطريق الإنسان، يذكرنا البابا بنديكتوس السادس عشر: “بأنه على الكنيسة مجتمعة والرعاة في وسطها، وعلى غرار يسوع، أن تبدأ بقيادة البشر إلى خارج الصحراء، إلى الحياة، إلى الصداقة مع يسوع الذي يهب ملء الحياة”.
هذا هو الأسلوب الذي يحق للعالم أن ينتظره من الكنيسة ومن الجماعات المسيحية بحسب منطق إيماننا. أسلوب جماعي وشخصي. أسلوب يدعو الجماعات المسيحية كلها، لا بل وكل معمد، إلى مراجعة نفسه كما يذكرنا البابا بولس السادس: “إلى جانب إعلان الإنجيل بشكل عام، فإن الشكل الآخر لنقله من شخص إلى شخص يبقى سارياً وهاماً (…) ويجب ألا تنسينا ضرورة التبشير بالإنجيل ذلك الشكل من التبشير الذي يمس الضمير الشخصي للإنسان من خلال كلمة غير عادية تلقاها من آخر”.
أسئلة
اختبار المسيح هو الهدف من نقل الإيمان بقصد أن نشارك به الأقارب والأباعد، وهو يحثنا على التبشير.
1- إلى أي مدى وصلت جماعاتنا المسيحية إلى اقتراح مناسبات كنسية لتكون وسيلة اختبار روحي؟
2- إلى إي مدى كان اعتناق الحقيقة المسيحية هو الهدف لسلوكنا الإيماني، وهل جعلنا نعيش اختبارات حقيقية للقاء والمشاركة في سر المسيح؟
3- كيف وجدت الكنائس، منفردة، حلولا وإجابات على الحاجة إلى الخبرات الروحية التي تحتاجها الأجيال الشابة اليوم؟
الإفخارستيا وكلمة الله هما وسيلتا نقل أساسيتان ومميزتان لعيش الإيمان المسيحي كخبرة روحية.
4- كيف ساعد الكنيسة على تنمية نوعية الإصغاء للكلمة في كنائسنا؟ وكيف ساعدت على تنمية احتفالاتنا الافخارستية؟
5- ما هي العناصر التي لقيت قبولاً أفضل؟ وما هي الآراء والمقترحات التي ما زالت قيد القبول؟
6- ما مدى تحول مجموعات الإصغاء والحوار لتكون طريقة مشتركة لحياة مسيحية لجماعاتنا؟ وكيف تعبر هذه الجماعات عن الطابع المركزي للإفخارستيا (عماد، احتفال) وهل بنت حياتها وأعمالها انطلاقاً منه؟
7- كيف أظهرت الجماعات المسيحية الامتنان والتضامن مع معلم التعليم المسيحي في الجماعات المسيحية؟ وكيف تم التأكيد على دور العناصر الأخرى أيضا في مهمة نقل الإيمان (الأهل والأشابين والجماعة المسيحية)؟
8- ما هي المبادرات التي تم تصورها لدعم الأهل وتشجيعهم في مهمة نقل الإيمان، التي يتراجع الاعتراف بتوكيله إليهم؟
9- وما آثار مبادرات الكنيسة المحلية في عملية نقل الإيمان؟ وما هي العقبات التي كان من الواجب تجاوزها؟
10- كيف تعمل الجماعات الكنسية والحركات والمجموعات المختلفة لتؤمن بالفعل تعليماً كنسياً منسجماً قدر الإمكان مع المواضيع الكنسية الأخرى؟
11- وكنتيجة للتحولات الهامة الحالية، ما هي المتطلبات التربوية الملحة التي تشعر كنائسنا أنها بحاجة أكبر إليها؟
12- إلى أي مدى تم تطبيق التلمذة كنموذج يعتمد عليه التعليم الديني والتربية الإيمانية في جماعاتنا المسيحية؟
يتطلب الوضع في أيامنا من الكنيسة، أسلوبا متجددا للتبشير، واستعدادا جديدا للبرهنة على إيماننا وعلى الرجاء الذي فينا.
13- إلى أي مدى نجحت الكنيسة المحلية بتعميم هذا الأسلوب الجديد في التبشير في الجماعات المسيحية؟ وما هي النتيجة؟ وما هي الصعوبات والعقبات؟
14- هل أضحت الحاجة الملحة إلى التبشير الجديد من صميم الأعمال الرعوية للجماعات ؟وهل تم الاقتناع بأن الرسالة أصبحت معاشة في جماعاتنا المسيحية المحلية في سياق حياتنا اليومية؟
15- علاوة على الجماعات، ما هي العناصر الأخرى التي تنشط النسيج الاجتماعي من خلال حمل التبشير بالإنجيل إليه؟ وعبر أية طرق؟ وما هي النتائج؟
16- كيف نضج وعي المعمدين لحقيقة كونهم من المدعوين الأوائل لهذا التبشير؟ وبهذا الخصوص، ما هي الخبرات التي يمكن الحصول عليها؟
الجماعة المسيحية هي ثمرة التبشير ونقل الإيمان.
17- ما هي الثمار الرئيسية التي نجمت عن نقل الإيمان في كنائسكم؟
18- ما مدى استعداد الجماعات المسيحية للإقرار بهذه الثمار ودعمها وتغذيتها؟ وما هي الثمار التي نشعر بعدم وجودها أكثر؟
19- ما هي العقبات والمتاعب والعثرات التي تشكل عقبة لهذا التبشير؟ وكيف عرفت الجماعات أن تعيش هذه اللحظات، مستوحية منها انطلاقة روحية وتبشيرية؟
[1] cf. Discours à la curie romaine pour la présentation des vœux de Noël, 22 décembre 2005.
[2] أطلق البابا يوحنا بولس الثاني هذا التعبير “التبشير الجديد” لأول مرة إبان رحلته إلى بولونيا. كان ذلك بكل بساطة دون تصور مسبق للدور الذي سيلعبه فيما بعد. ثم عاد وأطلقه من جديد في تعليمه الرسولي الموجه إلى كنائس أمريكا اللاتينية. وإذا كان قد أعاد استخدام هذا التعبير، فلكي يجعل منه منصة إطلاق وأداة لشحذ الروح التبشيرية والإرسالية، توجه بالكلمات التالية إلى أساقفة أمريكا اللاتينية: “إن الاحتفال بالألفية الجديدة للتبشير ستأخذ كامل معناها إذا ما عنت التزامكم كأساقفة مع كهنتكم ومؤمنيكم. إنه ليس التزاماً بإعادة التبشير، بل بتبشير جديد. جديد بحماسته، بوسائله وبتعابيره”.
[3] التبشير الجديد لنقل الإيمان المسيحي، الاجتماع العام الثالث عشر لسينودس الأساقفة، الفاتيكان 2011.
[4] المرجع السابق