إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

دعوة إلى الراحة

0 930

خلق الله الكون الفسيح في ستة أيام واستراح في اليوم السابع، في يوم السبت. في الوصية الثالثة يُّذكر الرب الإنسان بأن عليه أن يُّقدس يوم السبت: “اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ. لا تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أنت وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ. لِذَلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَه” (خروج 20: 10- 11).

يوصينا الله هنا بطريقة مباشرة أن نستريح في يوم السبت. لا يجب علينا أن نفعل شي في ذلك اليوم، فقط علينا أن نستريح. لكن ليست من العجيب ان يأمرنا الله ويوصينا بالراحة! هل نحن محتاجيين ان ينصحنا الله بالراحة؟ هل وصية الله تتعلق بالاقتداء به في الراحة بعد عناء العمل لستة أيام؟

نعمل جميعًا على مثال الرب لعدة أيام وننتظر، بفارغ الصبر، يوم الأجازة للراحة والاستجمام، أو لزيارة الأهل والأصدقاء، ويفضل البعض الآخر النوم رغبةً في الاسترخاء استعدادًا لما ينتظره من عملٍ وجهد لأسبوع آخر. هناك من يرغب في قضاء يوم دون التزامات، بحرية يفعل فيه ما يريد. الغريب إنه في نهاية يوم الراحة يتملك البعض منا شعورٌ من الإحباط لأن يوم الراحة أنتهي سريعًا وسيعود ليواجه عجلة الحياة من جديد وأسبوع آخر من التعب والجهد.

لماذا نشعر بالإحباط في نهاية يوم الراحة؟

يأتي من الأمل الكبير الذي تعقده على هذا اليوم، الذي فيه ستحل كل مشكلاتك. المشكلة إذن هي عدم رضى الإنسان عن حياته، عن عمله، عن نشاطه طوال الأسبوع. يرغب في أن يهرب إلى واقع مختلف لما أعتاده خلال أيام أسبوع.

لأنك تنتظر الحل من أهم مشكلاتك حياتك في يوم الإجازة. إن لب القضية هي إنك غير راضي عن حياتك! غير سعيد عما تقوم به من أعمال، في أنك تحتاج أن تهرب. في العمق يُشكل يوم الأجازة يوم مغاير لما أعتدته من الأيام، تغير نشاط، لكن يخبئ هذا التغير الشعور بأن قصة حياتك ثقيلة ولا معنى لها.

 المشكلة الحقيقية لعدم شعورك بالراحة في يوم الأجازة هو عدم الرضي عن الحياة. أنت تبحث، في حقيقة الأمر، ليس عن يومٍ تستريح فيه ولكن عن يومٍ تهرب فيه من كل الأعمال والالتزمات. ولكن هل مِن هاربٍ من واقعه يستطيع أن يستريح!!

إن وصية الله بحفظ السبت (يوم الراحة) ليست دعوة للكسل أو التراخي أو حتى الاستجمام بعد عناء أسبوع كامل، أو فْعل شيء مختلف عما اعتدته خلال الأسبوع. يوصي الله بالإقتداء به، بالنظر إلى ما صنعته يداك في الأسبوع. لقد استراح الله في اليوم السابع بعد أن نظر إلى ما صنعته يداه طوال الأسبوع. كان الله يتعب في كل يوم في خلق شيءٍ جديد، ثم ينظر إلى إلى ما صنعته يداه فيراه إنه حسنٌ، وعندما خلق الإنسان وجد إن ما صنعه حسنٌ جدًا. عملَ الله ثم تأمل في كل ما صنعته يداه وباركه، أي تحدث إيجابيًا عنه ثم استرح. قام الله في اليوم السابع بثلاث أعمال: تأمل في ما صنعته يداه؛ باركه بعد أن رأه حسنٌ جدًا، ثم كرسهُ وقدسهُ.

تأتي الراحة من الرضى عما قمنا به من أعمال وعلاقات وسلوكيات خلال الأسبوع، تأتي من الرضى عن الحياة المُعاشة بشغف وحب وسعادة ورجاء في المستقبل. كيف ترى أسبوعك الفائت: عملك، علاقاتك، حياتك الأسرية، أصدقائك، مواقفك وأحاديثك. هل تبارك كل ما فعلته في الأسبوع، تتكلم عنه بصورة إيجابية؟ أم تعلن كل شيء؟

لكي تنعم بالراحة الحقيقة بارك حياتك وما صنعته يداك. عندما أنشد القديس فرنسيس نشيد المخلوقات وبارك كل خليقة على الأرض ومدح في جمالها، كان الرجل يكاد أن يكون أعمى، لا يرى بوضوح بسبب إلم في العينين.  من الممكن أن تكون الحياة صعبةٌ وقاسية إلا النظر إليها بإيجابية يُغير من صعوبة الحياة. بارك حياتك، بالرغم من كل شيء، ستنعم بالراحة الحقيقية.

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد