آيه اللي بيديك قيمة ومعنى للحياة؟
قال أحدهم يومًا للرب يسوع وهو في بيت الفريسي:«طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزاً فِي مَلَكُوتِ اللهِ»، فيجاوبه المسيح بمثل عن صنع إنسان عشاءً عظيمًا ودعا كثيرين إلا إنهم اعتذروا عن المأدبة بسبب انشغالات ثلاث: المال، النجاح، الزواج (لوقا 14: 15- 24). هل مِن الخطأ أن يعمل الإنسان ويجتهد لكي يضمن قوت يومه؟ ألم تكن العمل هو ما قرره الله بعد خطيئة آدم: “بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ”، فكيف يكون الانشغال بالعمل والبحث عن المال لتأمين الحياة والزواج الذي قرره الله منذ البدء عائق أمام دخول ملكوت السموات؟
ليس الخطأ في اختيارات الحياة ولا الانشغال بها لكن في الأفكار الخاطئة التي نعطيها لهذه الاختيارات: نعتقد مثلا أن المال هو مصدر القيمة والشعور بالآمان. نعتقد إن بدون المال لا قيمة لنا في الحياة، ونصدق المثل الشعبي القائل: “اللي معاه قرش يساوى قرش”، ونصدق إن المال هو مصدر القيمة. يتخرج الشاب ويعيش في قلق مستمر والبحث عن وظيفة، يشعر إنه بدونها لا قيمة له في الحياة. أصبحنا نقيم الناس وفقا لما يملك من مال، نوع سيارته، مكان شقته. مَن لا يملك مال كافي هو دون قيمة.
المال يمنحنا الشعور بالآمان من تقلبات الزمن، نقول: “القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود”! نجتهد في أن ندخر شيء للأولاد يحميهم من شر الأيام. تزايد الانشغال بالمال في هذه السنة 2017 بعد زيادة الأسعار وغلاء المعيشة، كل التفكير أصبح في سد الاحتياجات الضرورية أو الادخار للمستقبل لأننا نخاف أن يكون القادم أسوء.
هل المال هو مصدر القيمة والآمان؟ الحقيقة هي العكس تمامًا. فالمال هو مصدر الشعور بعدم الآمان، نخشى على الأموال من الضياع، نخاف من الحسد، يتملكنا الرعب من المرضى فيضيع ما ادخرناه للأيام القادمة.
يقول الرب يسوع في المثل: “َأَنَا مُضْطَرٌّ أَنْ أَخْرُجَ وَأَنْظُرَهُ” مضطرٌ، مغلوب على أمري، يسيطر الاهتمام بالمال على حياتي فأخسر كل شيء. لنأخذ العبرة من زكا الذي كان يملك الكثير، وكان ناجح في عمله، إلا إن الرب وصفه بالهالك: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهَذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضاً ابْنُ إِبْرَاهِيمَ،لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» لوقا 19: 9- 10. هلك زكا بالرغم من امتلاكه للمال ونجاحه في العمل. هكذا يقول سفر الأمثال: “لاَ يَنْفَعُ الْغِنَى فِي يَوْمِ السَّخَطِ أَمَّا الْبِرُّ فَيُنَجِّي مِنَ الْمَوْتِ” (أمثال 11: 4).
تزوج آخر فاعتذر: “إِنِّي تَزَوَّجْتُ بِامْرَأَةٍ، فَلِذَلِكَ لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَجِيءَ”. الزواج أسسه الله، لكنه لا يعطى معنى للحياة. يضغط المجتمع بشدة على الشباب لأجل “يتم نصف دينه”، “الجواز استقرار”. نعتقد إن الزواج يعطي هوية للشخص: “أو فلان، زوجة فلان”. هو الذي يصنع التأثير في الحياة. “عندي طفلين” هل هذا هو التأثير في الحياة!! الزواج ليس الرسالة في الحياة، بل يساعدني على اتمام رسالتي في الحياة التي هي أن أكون أيقونة الله الحي وسط الناس، صورته وممثله وحامل حضوره. وضع التدبير الإلهي الزواج كمساعدة للإنسان في أن يحمل صورته ويحقق مشيئته، لذا يقول الكتاب: “فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِيناً نَظِيرَهُ”. الزواج من أجل اتمام الرسالة في الحياة لكنه لا يعطي معنى للحياة.
أعتذر الثالث بسبب انشغاله بأن يكون ناجحًا: “إِنِّي اشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ أَزْوَاجِ بَقَرٍ، وَأَنَا مَاضٍ لأَمْتَحِنَهَا”. يتضح من النص إنه رجل أعمال ناجح في عمله. نعتقد إن النجاح مرتبط بالعمل. هناك فرق كبير بين أن تكون ناجح في عملك وأن تكون إنسان ناجح. فالثروات الإنسانية لا تقاس بالنجاح، بولس الرسول قبل اهتدائه كان ناجحا في كل عمله: ” وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي” (غلاطية 1: 14). لكنه كان إنسان فاشل.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.