إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

صادفتُ إنسَانًا

1٬048

هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟”

نعلم أخوتي الأحباء بأن كلمة الله تحمل الحياة في ذاتها. فقال الله منذ بدء الخليقة كلمة «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ. هكذا كل كلام الكتاب المقدس يحمل قوة داخلية كامنة لا يستطيع الإنسان أن يدركها ولا أن يعرف قوتها وقدرتها. نقرأ الكتاب المقدس مرارًا ويعطي الروح دائمًا معنى جديد يتناسب مع موقف الإنسان في الحياة. ومنذ كتابة الوحي الإلهي إلى الآن يقراءه ملايين البشر ويخاطب الروح كل شخص وفقًا لحالته التي تختلف عن غيره من الملايين من البشر.

في إنجيل اليوم، الأحد الثالث من الفصح، تقرأ الكنيسة رواية المرأة السامرية التي سأتوقف فيها أمام كلمة واحدة قالتها السامرية: انْظُرُوا إِنْسَاناً. لماذا وصف السامرية الرب يسوع بصفة تبدو عادية، رأيت إنسانا، تكلمت معه وقال لي كل ما فعلتُ. عندما تقابل شخص ما، ولا تنساه حواره معك أبدًا، فهذا يعنى إن لمس العصب الحساس في حياتك، لمس أساس المشكلة التي تعاني منها.

فقدت السامرية شعورها بإنها إنسانة. قيمت حياتها، بعد صدامات كثيرة، بإنها أداة لمتعة الآخرين. هي مقبولة فقط إذا حققت للبعض ما يردونه منها. يرونها فقط جسد امرأة جميلة. أعاد إليها المسيح من خلال حواره الطويل معها كرامتها كإنسانة تستحق الحب لذاتها وليس فقط كجسد يلتهمه الآخرون. لذا لم تعود المرأة إلى بيتها بعد أن قابلت المسيح، بل إلى أهل القرية التي رفضوها، أختصروها في جسد فقط، لتخبرهم إنها قابلت إنسانًا مختلف، لم ينظر إليها كالآخرين، بل نظر إليها كونها إنسانة فقط.

هل نعيش إنسانيتنا اليوم؟ لاحظوا أخوتي الأحباء تفشي الشر والعنف والظلم والتفكك الأسري والتدهور الأخلاقي والإيباحية لا يمكن أن نقول إن إنسان اليوم يعيش وفقًا للنموذج الذي خلقته الله عليه عندما صاح الله: “لنعمل الإنسانَ على صورتنا ومثالنا”.

يعرض لنا بولس في بداية رسالته إلى رومية تلك الشرور ويُبيّن سببها الوحيد: “ولأنَّهُم رَفَضوا أنْ يَحتَفِظوا بِمَعرِفَةِ الله، أسلَمَهُمُ الله إلى فسادِ عُقولِهِم يَقودُهُم إلى كُلِّ عَمَلٍ شائِنٍ” (رومية 1: 28). عندما يرفض الإنسان الله وينفصل عنه يفقد إنسانيته ويتركه الله إلى نفسه التي تقوده إلى الشر. عندما ينفصل الفرد عن الله، مصدر الإنسانية، يسيطر عليه الشر والطمع والفساد والحسد والقتل والخصام والمكر والثرثرة والنميمة، كما أشار بولس في كلامه إلى أهل روما.

لقد خلق الله الإنسان ليعمل بكفاءة متى كان متصلا به، لكن إذا انفصل عنه ستظلم حياته تمامًا. بِه كانَ كُلُّ شيءٍ، وبِغَيرِهِ ما كانَ شيءٌ مِمّا كانَ. فيهِ كانَتِ الحياةُ وحياتُهُ كانَت نُورَ النـاسِ”. تجسد المسيح ليُعيد لنا الحياة التي فقدناها، وعلى قدر اتصالنا به تتدفق فينا الإنسانية.

انفصلت المرأة المسكينة عن الله، رفضت أن تحتفظ بمعرفة الله، ففقدت كرامتها الإنسانية، لذا عندما قابلت شخص يسوع شعرت بأن كرامتها الإنسانية قد عادت، جرت وصرخت لقد قابلت أخيرًا من عاملني كإنسانة، قبلت إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.