القنوات المسيحية
تمتلك الطوائف المختلفة العديد من القنوات التليفزيونية التي تبث ساعات وساعات لبرامج تهدف لأنّ تصل بشرى الخلاص إلى جمهور المشاهدين. تتعدد البرامج ما بين تفسير الكتاب المقدس وشرح العقائد المسيحية وتقديم المشورة الروحية والترانيم والتسابيح المتلفزة.
قديمًا كانت نسخ الكتاب المقدس تتوافر فقط في الكنائس والأديرة والآن أصبح كل شخص يملك نسخة ورقية وأخرى على تليفونه المحمول يقرائها وقتما يشاء. تمتلئ صفحات السوشيال ميديا بالتأملات الروحية والعظات المسموعة والمتلفزة التي يتناقلها الناس بواسطة الفيس بوك والواتس آب.
لكن عزيزي القارئ هل تلمس تغييرًا إيجابيًا في حياة الناس؟ هل ساعدت تلك الوسائل في أن تصل رسالة الخلاص إلى جمهور المشاهدين؟
يُجيب سفر أعمال الرسل على هذه التساؤلات. ففي حادثة القبض على بولس وسيلا وضربهما ضربًا شديدًا من قِبل قائد السجن، وتقيدهما بأغلال حديدية ثقيلة خوفًا من هروبهما. يقول الكتاب إن في تلك الليلة حدثت زلزلة شديدة واهتزت أركان السجن وانفتحت الأبواب كلها وانفكت قيود السجناء. أعتقد السَّجّانُ أن السجناء هربوا فاَستل سيفهُ ليقتل نفسه، لكن أوقفه بولس بقوله: “إيّاكَ أنْ تُؤذيَ نَفسَكَ. فنَحنُ كُلُّنا هُنا!” (أعمال 16: 28). ارتمى السَّجّان على أقدام بولس وسيلا وقال لهما: “ماذا يَجبُ علَيَ أنْ أعمَلَ لأخلُصَ؟“.
ما الذي دفع السَّجّان في أن يطلب الخلاص؟ هل الخوف من الزلزلة وانفتاح الأبواب وتحطيم قيود السجناء؟ من الواضح أن عمل المحبة الذي قام به التلميذان هو الذي جعله يتساءل عن هذا الإيمان الذي يجعل الإنسان مُحبًا، غَافرًا للآخرين شرور أعمالهم. لقد تم التنكيل والضرب ببولس وسيلا من السَّجّان نفسه في الليلة السابقة بصورة بشعة، ثم أتت فرصة مواتية للانتقام منه على ما صنعه بهما، كانا بإمكانهما تركه ليؤذيَ نفسه أو أقله الهروب والأبواب مفتوحة والقيود محطمة.
لا تفيد الكلمات الطنانة ولا محاولات الإقناع العقلية في حث الناس على البحث عن الخلاص، فقط عمل المحبة المجانية هو الذي يدفع الآخر إلى التساؤل عن ذلك الإيمان الذي يُولد طاقة الحب والغفران في الإنسان.
ملايين العظات والتأملات عن المحبة التي أشعلت المنابر لا تتساوى مع فعل المحبة الذي قام به البابا يوحنا بولس الثاني بزيارته إلى على أغا الذي حاول اغتياله في ساحة الفاتيكان. جميعًا يعرف تغير الرجل تمامًا بعد الزيارة وبحثه عن الخلاص.
تقدم لنا العذراء مريم نموذجًا لعمل المحبة المجانية القادر على حمل الخلاص للآخرين. عَلِمت مريم بحمل أليصابات، المرأة العجوز، فتحمل مشقة السفر لمدة أسبوع تقريبًا على أقدامها النحيلتين (المسافة ما بين عين كارم والناصرة 165 كيلو متر) لتخدمَ نسيبتها في شهور حملها الأخيرة حتى ميلاد الطفل. بدافع المحبة تحركت العذراء مُسرعة فحملت الروح القدس إلى نسيبتها العجوز ولطفلها: “فلمَّا سَمِعَت أليصاباتُ سلامَ مَريَمَ، تحرَّكَ الجَنينُ في بَطنِها، واَمتلأت أليصاباتُ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ” (لوقا 1: 41).
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.