إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

أكرم أباك وأمك (2): كيف تفكر في والديك؟

1٬357

مقدمة:

في المحاضرة السابقة تعرفنا عن ماذا نعني بـ “أكرِمْ أبَاكَ وأُمَّكَ وأُمَّكَ لِيَطولَ عُمرُكَ في الأرضِ”، الوصية الرابعة الوصية الوحيدة التي تكون مرتبطة بوعد: ” أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ، تِلكَ أوَّلُ وَصيَّةٍ يَرتَبِطُ بِها وَعدٌ وهوَ: لِتنالَ خَيرًا وتَطولَ أيَّامُكَ في الأرضِ” (أفسس 6: 2- 3). متى تُكرم أباك وأمكَ ستكون سعيدًا في حياتك، تنال خيرًا وتطول حياتك على الأرض.

الإكرام هو اعطاء الوزن الحقيقي لوالديك، دون مبالغة أو تقليل، تعطى حكمًا متوازنًا. فأحيانا نسقط في خطأ المبالغة الشديدة في اكرام الوالدين، إلى الدرجة إن الشاب أو الفتاة من الممكن أن يصنع شيء، أو يختار جامعة مثلا لا يميل إليها، فقط لارضاء والديه.

الإكرام يعنى اعطاء الوزن الحقيقي، رؤيتهم كما هم دون زيادة أو نقصان. هذا يتطلب أيضًا، عدم تحقير الوالدين. فشكل العلاقة مع الوالدين ستنعكس تمامًا على حياتك المستقبلية، سيعطى ثماره مستقبلاً. حتى إذا كنت بعيدًا عنهم بمئات الكيلومترات. فإذا ذهبت بعيدًا ستحمل معك أيضًا خبرات الماضي، فإذا عانيت من مشكلة ما مع أبيك فإنك ستعاني مشكلة مع كل نماذج السلطة مستقبلاً. هذا لا يعنى عقاب مباشر تعانيه متى كانت علاقتك بوالدك سيئة، بل يلقي الضوء على ما ستعانيه من تبعات المشكلة. تُشير الوصية إلى ضرورة إكرام أبيك وأمك، وليس العكس. فحياتك، سعيدة أو تعيسة، هي وليدة قراراتك وعاداتك، وليس فقط الأحداث التي تتعرض لها أو التي تقع في مراحل حياتك الأولى، هناك امكانية أن تعيش سعيدًا مهما كانت الظروف التي تعرضت لها متى تعلمت أن تعيش هذه الوصية في حياتك.

مشكلتي أنا الشخصية كان في رغبة والداي في إن أكون متفوق في دراستي، وهذا ما يرغبه كل الآباء، عشت فترات طويلة في حياتي وأنا أري إن رغبتهم تلك هي إنهم يستخدموني لكي يكونوا هم سعداء، ففكرة كانت خاطئة. تأتي هذه الوصية لأجل تصحيح فكرتي عن والداي، غير “محصور” في تلك الفكرة التي كونتها في فترة مراهقتي.

هذه قصتي، وللجميع قصص متشابهة، أنت غير “مقيد” بتعامل والدك القاسي، أو القليل الحيلة أو الضعيف، في حين أن والدتك هي المسيطرة تمامًا على المنزل وعلى أبيك. أنت وحدك ثمرة “طباع” وتصرفات والديك وأسلوبهم في التربية، فإذا تحررت من تلك الأفكار، وتسامحت مع أخطاء والديك المتعمدة والغير متعمدة، التي تمت بعلم أو جهل، فأنت تستطيع أن تعيش سعيدًا في حياتك، متى أكرمت أبيك وأمك. ستكون حياتك متوازنة، غير “مقيدة” بما ورثته من والديك، وأساليب تربيتهم. هذا ما سنراه هذا المساء من خلال هذا النص البيبلي: تكوين 9: 18- 27

18وكانَ بَنو نوحٍ الَّذينَ خَرَجوا مِنَ السَّفينةِ سامًا وحامًا ويافَث. وحامٌ هو أَبو كَنْعان.19 هؤُلاءِ الثَّلاثُة هم بَنو نُوح، ومِنْهمُ آنتَشَرَ النَّاسُ في الأَرضِ كُلِّها. 20 وَاَبتَدَأَ نُوحٌ حارِثُ الأَرضِ يَغرِسُ الكَرْم. 21 وشَرِبَ من الخَمرِ فسَكِرَ وتَكشَّفَ في داخِلِ خَيمَتِه.22 فرأَى حامٌ أَبو كَنْعانَ عَورَةَ أَبيه فأَخبَرَ أَخَوَيه وهُما في خارِجِ الخَيمَة. 23 فأَخَذَ سامٌ ويافَثُ الرِّدَاءَ وجَعَلاه على كَتِفَيهِما ومَشيا إِلى الوَراء فغَطَّيا عَورَةَ أَبيهِما، وَوَجْهُهما إِلى الجِهَةِ الأُخْرى، فلَم يَريَا عَورَةَ أَبيهِما. 24 فلَمَّا أَفاقَ نُوحٌ مِن خَمرِه، عَلِمَ ما صَنَعَ بِه اَبْنُه الصَّغير. 25 فقال: «مَلْعونٌ كَنْعان! عَبْدًا يَكونُ لِعَبيدِ إِخوَتِه» 26 وقال: «مُبارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سامً ولْيَكُنْ كَنْعانُ عَبْدًا له! 27 لِيُوَسِّعِ اللهُ لِيافَث ولْيَسكُنْ في خِيامِ سام ولْيَكُنْ كَنْعانُ عبدًا لَه!»

النص هو بداية مرحلة جديدة في الحياة، تأتي مباشرة بعد قصة الطوفان، يخرج نوح من السفينة مع ابناءه الثالثة: سام- حام – ويافث.

يقوم نوح بزراعة العنب، ويحصد ما زرع فيصنع النبيذ (الخمر)، يعجبه الشراب اللذيذ، فيشرب بكثرة حتى الثمالة. ماذا يحدث؟ يقول الكتاب: “وشربَ نُوحٌ مِنَ الخمرِ، فسَكِرَ وتَكشَّفَ في خيمَتِه”. نام في خيمته وهو عريان. لنوح أولاد ثلاث حام، سام، ويافث. حام هو الأصغر. في النهاية هناك بركة ولعنة. لماذا؟ ماذا حدث؟ رأينا إن حام قد رأى والده وهو بهذه الحالة فأخبر أخويه، اللذان كانا خارج الخيمة، بحالة أبيه ووضعه.

ماذا تعنى هذه الرواية؟ حام يدخل خيمة والده، فيراه عُريانًا. ماذا صنع بعدها؟ ذهب ليخبر أخويه بما رأه، خرج ليتكلم عن أبيه، يتكلم بسخرية، باحتقار، وضع والده في موضع إدانة، فذهب يتكلم بصورة سيئة عن والده أمام أخوته.

ماذا يعني الكتاب المقدس بكلمة: “عريان – مكشوف”؟ حام يري أباه مضجعًا على الفراش عريانا، نفس الكملة نجدها في قصة أدم حواء. بعد السقوط تنفتح أعينهما ويكتشفان إنهم عُريانان فيخجلان من وضعيهما، فيختبأن. ماذا يعنى هذا؟ يرى نفسهما عريانان، يرى نفسهما ضعفاء، فيخجلان. عندما ترى شخص ما عريان، فأنت تراه كما هو، على حقيقته، بدون غطاء، بدون ضمانة شيء خارجي، دون خداع ورغبة في اخفاء خلل ما. عُريان تراه في ضعفه وهشاشته الأصلية دون تزييف.

لماذا الخجل؟ لأن جميع البشر عندما يكونوا عرايا فإنهم يشعرون بأنهم في حالة تقييم وفحص من قِبل الآخرين. أنت جسدك. فعندما تؤلمك ذراعك، فأنت الذي يتألم. لكن للجسد مناطق خاصة جدًا، لها كرامة خاصة: “وما نَحسبهُ أقَلَّها كَرامَةً هوَ الذي نَخُصُّهُ بِمَزيدٍ مِنَ التَّكريمِ، وما نَستَحي بِه هوَ الذي نَخُصُّهُ بِمَزيدٍ مِنَ الوَقارِ” (ا كورنثوس 12: 32). السخرية من تلك الأعضاء التي لها كرامة خاصة، يترك أثره مدى الحياة. فالإنسان يكون هوية الجنسية داخل العائلة من ارتباطه بأبيه وأمه.

العرى ليس فقط جسدي، ظاهري، بل هناك عري داخلي. ضعفاتك، خوفه، قلقك، كل شيء تحمله داخلك. فالشخص الذي يتكلم عن حياته أمام الآخرين فهو يتعرى أمامهم، يكشف عن نقاط ضعفه وخوفه وقلقه. هذا أمرٌ صعب لا ينجح فيه الكثيرون.

ما هو العري؟

هو أنت بحقيقتك، دون أن تخبئ شيء. من الممكن أن تظهر للجميع أنك قوي وصلد، في حين أن خلاف ذلك حقيقةً، تحاول أن تخفي هذا الخوف فلا يظهر للآخرين.

ما يقصده الكتاب المقدس بكلمة عريان: هو أنت على حقيقتك بدون غش، ضعيف حتى إن كنت تُظهر نفسك للجميع على إنك قوي وصلد، إنسان يخاف لانه ضعيف، إنسان ضعيف لأنه خاطئ، إنسان ضعيف اي إنه إنسان تظهر خطيئته، أي يَظهر بكامل ضعفه أمام الآخريين. بكلمات أخرى الخطيئة تجعل الإنسان ضعيف أي عريان، تجعل الإنسان بدون سترة. فالإنسان عند ارتكابه للخطيئة يشعر إنه عريان، أي ضعيف. هذه هي أول نتائج الخطيئة حيث تجعل الإنسان فعليا عريانا ضعيف. العري هو إذن خطاياك، ضعفاتك، الأشياء التي لا ترغب في أن تظهر أبدًا، هي خصوصيتك التي لا يعرفها أحد.

كيف ترى ضعف أبيك، نوح السكران، ترى خطيئته، ترى ضعفه وهشاشته. يسكر نوح فينكشف دون أن يعلم بذلك. حام يري أباه بعد سُكره عريانًا مضجعًا في خيمته. بكلمات أخرى يري حام خطيئة أباه وضعفه بالرغم من إن نوح هذا كان بطل قصة الطوفان بفضله استمرت الحياة على سطح الأرض، ولكنه أيضًا إنسان ضعيف. يسكر نوح فيضجع على الفراش وهو عريان، حام يري أباه عريان، أي يري ضعف أباه. ما هي المشكلة الحقيقية في كل ذلك؟

المشكلة ليس في أن يرى حام هشاشة والده وضعفه، ولكن في سخريته والحديث بصورة سلبية عن والده أمام أخوته الأكبر، وعدم مساعدته وهو في هذه الحالة المزرية، في حين يتكفي أخويه بتغطية والدهما دون أن ينظر إلى ضعفه. يرى حام والده في ضعفه فيشعر إنه أفضل منه فيسخر منه ويتحدث عنه بصورة سلبية. فما هي سخرية سام؟ أين يكمن الخطأ؟

حام يري ابيه في حالة السكر فيتبعه عند دخوله إلى الخيمة ينتظر حتي يضّجع أباه وينام فيدخل خلفه ليراه ويتامل في ضعف أباه ثم يخرج يتحدث عنه سبليا ساخرا منه؟ وأنت ماذا فعلت بوالديك؟ هل تقبلتهم كما هم؟ هل تنتقم منهم لأنك أصبحت أقوي منهم اليوم وهم ضعفاء؟ هل تنظر إلى نفسك على أنك أفضل وأذكي منهم؟ في اللحظات التي رأينا ضعف والدينا وهشاشتهم، في هذا الوقت يكونا في أمس الحاجة إلى التعضيد والمساندة يأخذ بعض الأبناء في السخرية من والديهم ولا يقدما لهم يد المساعدة. ما فعله حام تفعله أنت في اللحظة التي ترى ضعفه والدك وتسخر منه وتعتقد في نفسك إنك أفضل منهم. أنت تفعل ما فعله حام في كل لحظة تنقد والديك وتحطمهم بسخريتك منهم، أنت تفعل كما فعل حام في كل لحظة تتمنى فيها أن يكون والديك مختلفين.

من الممكن أن يكون والدك “متسلط” معك، وحكمت عليه في مثل هذه الحالات، ومن الممكن أن يكون مستواه الثقافي متدنٍ، غير متعلم، لم يفطن لقواعد التربية السليمة، لم يعتاد الحوار في منزل والده، لكن أنت في مستوى ثقافي أعلى لتظهر جهله وعدم ثقافته. في مواقف كثير يُدين بعض الأبناء أبائهم لأنهم لم يعملوا على اسعادهم، لم يعطيك ما كنت ترغب فيه، شيء تعتقد إن سعادتك فيه. كنت ترغب في عائلة أحد أصدقائك، يمتاز أبيه بالقوة. شيء تفتقره في عائلتك، لهذا تجد صعوبة في الاهتمام ورعاية أبيك في شيخوخته، فأنت تحتقره.

لماذا يجلب هذا التعاسة لحياتك؟

كل مرة تحتقر فيها والديك تحتقر فيها نفسك، لأنك أنت ثمرة والديك، أنت وُجدت على الأرض بفضل مشاركتهم الله في عمل الخلق. أنت ثمرة الحب بين والديك، تربيت على أيديهما. لهذا إذا احتفرت والديك فأنت تحتقر نفسك، عندما تسخر منهما فأنت تسخر من نفسك. أحيانا كثيرة عندما يقول لنا صديق أنت تشبه أباك وأمك، فإذا كنت تفزع، ويتحرك بداخلك ميكانيزم دفاعي يعلن الرفض لهذا القول، فأنت تحتقر والديك! لأنك بداخلك إصرار وعزيمة على أن تكون مختلف عنهم، أفضل منهم، أقوي منهم. أنت لا تقبل أن تكون شبيها لهما، لأنك تسخر منهم وترفضهما وتتمنى لو كانت لك عائلة أخرى غيرهما.

هناك بركة ولعنة في نهاية النص الإنجيلي. لعنة لحام الذي احتقر والده وتكلم سلبيًا عليه في وقت ضعفه ولم يسعى لمساعدته وقت شدته. في حين هناك بركة لكل من سام ويافث لأجل مساعدتهم والديهم، دون أن يهتما بالنظر إلى نقطة ضعفه. هذا ما تقوله الوصية الرابعة: “اكرم أباك وأمك، فتطول حياتك على الأرض وتكون سعيدًا، أي أن تكون مباركًا. فإذا احتقرت والدك، إذا أسرعت في إدانته، وفكرت إنك أفضل منه وأقوى منه وليس لديك نقطة الضعف هذه، فإنت ستكون تعيش في حياتك على الأرض. ستكون تعيسا في حياتك.

نوح في خيمته، يدخل حام بإرادته في منطقة أبيه، يدخل في شئونه الخاصة جدًا ويسخر منه ويحتقره ويتكلم بالسوء عنه. أنت ماذا فعلت أمام نقطة ضعف والديك، ماذا فعلت أما عري والديك؟ ماذا فعلت أمام ضعف والديك؟ هذا هو معيار الحب. هل تحب والدك؟ ساعدته في ضعفه؟ أم احتقرته، أدنته لأنه ضعيف؟ أنت ماذا فعلت؟

أسالك كيف تفكر بوالديك؟

ماذا سيكون مستقبل حام؟ اذ تباعنا قراءة الكتاب المقدس نتعرف على مستقبل حام، يُصبح أبو الكنعانيين، أهل كنعان الذين بعد بضعة سنوات تنقطع عنهم كل الأخبار والقلة الموجوة يصبحون سكان سدوم وعمورة تكوين (19, 1- 20). الشعب الفاسد الذي يترك االله الحقيقي المحرر ويعبد الأصنام، يقال عنهم في سفر التكوين “هؤلا الذين يصنعون شرًا أما أعين السيد الرب”. يصبحون أيضًا أعداء بني إسرائيل عند قدومهم إلى أرض الموعد، أرض كنعان. اذا من هو حام هو أب لشعب كبير ولكنه سريعًا ما يضمحل ويتناقص، مستقبلهم على الأرض تعيس حيث تمطر السماء عليم نارً وكبريتًا. اذكركم بشئ هام قصص العهد القديم لم تذكر لتضعنا أمام أحداث تاريخية بعينها حدثت في حقبة تاريخية معينة ثم إنتهت، هي قصة علاقة الله بالإنسان، قصة حياتك اليوم!! ومسيرتك على الأرض!!

هل تريد ان تكون مثل حام الذي يعيش على الأرض بدون مستقبل، مستقبل تعيس هو ونسله، ينتقل من مشكلة إلى أخرى، حتى يواجه الموت.

بغلظة قلبه يترك االله الحقيقي ويعبد هو ونسله الأصنام، حتى أصبح هو ونسله أعداء لشعب الله المختار بني اسرائيل نسل سام وايفات؛ نوح بطل الطوفان منقذ الأرض في شيخوخته رجل عجوز ضعيف مضجع على الفراش عريان، يراه حام فيحتقره!! دعني أولاً أسالك هل والديك هم مثل نوح أبطال انقذوا الحياة والجنس البشري من على الأرض أم إنهم أُناس عاديين. أنظر للرجل الذي يعد مخلص الحياة على الأرض أصبح ضعيف. فلماذا لا تحترم والديك في وقت الضعف، ماذا تريد أن تفعل أو ماذا تريد أن تكون مثل حام محتقر أباه فيُلعن، أم تكون مثل سام وايفات التي تحل عليهم البركه .

أدعوكم أن تضعوا قصة نوح قصة وأبناه الثالثة نصب أعينيكم، هي قصة البركة واللعنة. كثير من النبواءت في العهد القديم تحثنا بطرية مباشرة أو غير مباشرة على احترام وتقيمم والدينا حيث يكون الرب هو حصن لك في الحياة. هناك يوما ستقف فيه أما عري أبيك، أو أمك، سيأتي يوما يوم اكتشاف ضعفهما، في هذا اليوم تقرر سعادتك، ففي هذه اللحظة يحتاج أبيك إلى تعضيدك ومساندتك، عندها يصبح هذا اليوم هو يوم سعادتك، يوم البركة التي ستحصدها في حياتك. هذا ما حصل لسام وإيفاث، فقام بتغطية والدهما، كما كان يصنع هو في طفولتهما.

في سفر اللاويين، بعد اصحاحات كثيرة تتكلم عن قداسة شعب الله، يأتي إصحاح 18 ليتكلم عن ضوابط العرى: “لا تَكشِفْ عَورةَ أبيكَ بكَشْفِ عَورةِ أمِّكَ. فهِيَ أمُّكَ، وعَورةُ أُختِكَ، وعَورةُ أَخيكَ”. هذه تقاليد ومفاهيم قديمة عفا عليها الزمن؟ هذه الأمور لم تكن تسبب مشكلة في اليونان القديمة ولا في مصر القديمة، فقد كان الأخ يتزوج أخته، والأب يتزوج ابنته. في هذا الوقت كان العري عند اليونانيين لا يسبب الحرج. لماذا كان الأمر مختلفًا  في كلام الله؟

لأن الأمر، من الناحية النفسية، يترك أثرٌ رهيب لا يُنسى مع الأيام على الأطفال متى انكشفت عورة الكبار أمامهم. ما هي النقطة المحورية إذن؟ لا تدخل خيمة والدك! وتراه وهو عريان! فالأبناء لا يقبلون أبدًا أن يتكلم والديهم عن مشكلاتهم الجنسية معهم! الأمر صعبٌ للغاية متى تتكلم الأم مع أبنائها حول مشكلاتها مع زوجها في هذا الخصوص. أو عند رؤية الأبناء للقاء الزوجي، أو المعايرة الجنسية أمام الأبناء، فهي يهدم الأنا النفسي للأبناء. فالعاطفة بين الزوجين شيء محبذ أمام الأطفال، لكن كشف العورة شيء هادم تمامًا لنفسية الابن أو الابنة.

لا تَكشِفْ عَورةَ أبيكَ بكَشْفِ عَورةِ أمِّكَ. فهِيَ أمُّكَ، وعَورةُ أُختِكَ، وعَورةُ أَخيكَ لأجل سلامتك النفسية مستقبلاً. هناك شيء آخر وهو العفة، احترام الكرامة البشرية. المشكلة إن الكثيرين يتعرضون إلى مشكلات و “عقد”. تمنحنا كلمة الله اليوم، في الوصية الرابعة، نورًا لحياتنا: أكرم أباك وأمك فتطول حياتك على الأرض وتكون سعيدًا. كثيرًا من مشكلاتنا تكمن في هذه الوصية، هذا هو الوقت لفحص الذات، والتاريخ الشخصي، لأجل أن تسيطر على حياتك وتقودها بنفسك وترى نفسك على حقيقتها.

يمكن تلخيص ما سبق بالتأكيد على أن جميعًا يعاني من مشكلات في الطفولة والمراهقة، فلا نتسبب نحن أيضًا في مشكلات لأبناءنا وذلك بالاختلافات الحادة أمام الأبناء التي تصل إلى مرحلة الاهانات والكلام بالسوء والسخرية من الطرف الأخر أمام الأبناء. أنت لا تتجمل أو تكذب على الأبناء عندما تحصر خلافاتك مع زوجتك بينكما، إنما تحافظان على سلامة الطفل النفسية.

ما المشكلة؟ كم منكن أيتها النساء التي تسمعوني في هذه اللحظة علمتم بأن أباءكم كان يريد أو يرغب في ذكر ولم يكن يريد أنثى وتحملون هذا النزاع حتى اليوم. وكم منكم أيها الرجال تعانون من صراع إنكم لم تستطيعوا أن تكونوا على الصورة المثلي التي يرغب فيها أباءكم. قد نتصور إن هذه المشكلة لم أمر بها، فأنا حياتي مستقرة، لكن الحقيقة كل أباؤنا أخطئوا، تصرفوا بعدم حكمة، مبالغين في اهتمامهم، محبطين. فالمشكلة ليست في أبيك وأمك مثاليين أو غير مثاليين، المشكلة هي العلاقة التي أخذتها من ذلك الموقف.

هناك طريقة للتحرر من تلك الأزمات النفسية. فالوصية الرابعة لا تعلن إنه يجب أن تهتم باكرام والديك بصورة أخلاقية بل تعكس حقيقية في غاية الأهمية: خلف تعاسة حياتك تربض مشكلة كبيرة تأتي من طفولتك. لقد آتي المسيح يسوع لأجل أن يُكمل هذه الوصية!!

كل مشكلة تعاني منها، كل ظلم تعرضت له، كل أزمة تُكبل حياتك.. كل شيء قابل للحل في المسيح يسوع المحرر.

فإذا كنت قد أحتقرت أبيك، أو كرهت أمك، أو تخاف من أبيك، هناك محرر قادر على أن يساعدك في عيش هذه الوصية، قادر على أن يساعدك في أن تكون سعيد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.