نورٌ غريب في الكنيسة
قامت غالبية الكنائس في مصر، في الفترة الأخيرة، بتركيب كاميرات مراقبة لدواعي أمنية بعد حادثة البطرسية. يوم الأحد الماضي مررتُ صدفة أمام شاشة عرض الكاميرات المجاورة لغرفتي أثناء صلاة أحد أخوتي الرهبان القداس فلاحظت أمرٌ شديد الغرابة. توقفت على الفور أمام الشاشة وقربت كاميرا المراقبة لأرى عن قرب.
كانت أنظار جموع المصليين متجهة صوب الكاهن لسماع العظة، والصمت يعم الكنيسة. فجأة ظهر نورٌ غريب، وضمة قوية تأتي من أسفل لتُنير وجه الشاب الجالس على المقعد الأخير. ظهر الوجه مُشعًا بنور أزرق تقريبًا. حركت الكاميرا لأعرف مصدر الضوء، وسؤال يجول في خاطري: هل هي علامة ما؟ أبعدت الخاطر بسرعة فأنا حريص جدًا في أمر التراءيات العجائبية. كشفت حركة الكاميرا أخيرًا مصدر الضوء: كان هناك جهاز آي باد في يد الشاب يتصفح من خلاله الفيس بوك الخاص به!!
أصبحنا أسرى لوسائل التواصل الاجتماعي، نقضي وقتًا طويلاً أمام شاشات الموبايل واللاب توب. سأل البابا فرنسيس منذ أيام: هل نعامل الكتاب المقدس كمعاملة الموبايل؟! ماذا لو قرأنا رسائل الرب التي يخاطبنا بها يوميًا من خلال كلمته المكتوبة في الكتاب المقدس كما نقرأ الرسائل التي تصلنا على الموبايل؟
عندما جُرب يسوع في البرية كانت إجابته دائمًا على روح الشر “مكتوبٌ”، بعبارة مأخوذة من الكتاب المقدس. حياتنا ستتغير إذا كانت إجاباتنا عن صعوبات وتجارب الحياة بكلام الله. إذا حافظنا على كلمة الله فلا توجد تجربة تستطيع أن تقهرنا أو تؤثر علينا، فكلمة الرب هي مصباحٌ يرشد أقدامنا في الحياة.
يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: “وكلِمَةُ الله حيَّةِ فاعِلَةِ، أمضى مِنْ كُلِّ سَيفٍ لَه حَدّانِ، تَنفُذُ في الأعماقِ إلى ما بَينَ النَّفسِ والرُّوحِ” (4: 12). وصف كلمة الله بسيف نافذ وفعال لأن كلمة الله تحمل الحياة في ذاتها: “بِكلِمَتِهِ صُنِعَتِ السَّماواتُ، وبِنَسْمةٍ مِنْ فمِهِ كُلُّ أفلاكِها”. قال الله كلمة “كنْ” فكان الخلق. لا يوجد فاصل بين كلمة الله والفعل، لأن اله يقول ويعمل في ذات اللحظة، يقول ويعمل ما يقول، يّعد ويفي، ويفي ما يّعِد به.
كلمة الله خّلاقة وفعالة في حياة كل إنسان متى سمعها وفهم رسالة الله له وعاشها في حياته. هكذا يقول إشعيا النبي: “وكما ينزِلُ المَطَرُ والثَّلج ولا يَرجعانِ ثانيةً إلى السَّماءِ، بل يرويانِ الأرضَ ويَجعَلانِها تجودُ فتُنبِتُ نَبْتًا وتُعطي زَرْعًا للزَّارِعِ وخبزًا للآكِلِ، كذلِكَ تكونُ كَلِمَتي، تِلكَ التي تخرُج مِنْ فمي، لا تَرجعُ فارغةً إليَّ بل تعمَلُ ما شِئتُ أنْ تَعمَلَهُ وتنجحُ في ما أرسَلتُها لهُ (55: 10- 11). لكن إذا توقف المطر فكيف تنبت الأرض؟