إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

تأملات تحضيرية للميلاد

1٬662

1- مريم العذراء

“فداخَلَها لِهذا الكَلامِ اضطرابٌ شَديد” (لوقا 1: 29)

عندما أحاول أن أعيش مع الله، في علاقة خاصة معه، أتصور أن تلك المحاولة هي واجبي الذي عليَّ القيام به، أو إن بحثي عنه سيرضيه! لمعرفة الله عن قرب يكفي الانتباه إلى حضوره “السري”، بصورة متواضعة للغاية، في القلب والذي يعطي السلام وسط ضجيج العالم. سلام يحتوي الروح، يهدئ النفس، ويخدر كل عضلة من عضلات الجسد. سلام يجعلني أرى الخير والجمال في كل شيء من حولي، وأقبل كل شيء.

بالتأكيد ليس عملي، بحثي، الذي ينتج مثل هذا الخير العظيم. إنه حضوره داخلي. بحثي عنه يفيد فقط في حث انتباهي لحضوره السري في قلبي. حضوره يحتويني ويغيرني من الداخل. فهو سلام الإنسان وراحته.

يهمس الله في وسط هذا السلام بكلمة، بمهمة، برسالة للإنسان. لقد لاحظ استعدادي وهو الآن يلمسه. لكن لا يزال قلب بشر، يهتز بالاضطراب من لمس الله له، فالبشري لا يحتمل الإلهي: “لأَنَّ «إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ».” (عب 12: 29)

اضطرب قلب مريم، بالرغم من أنه وصل إلى سلام الله، وامتلاء من نعمته. يُسرع الله لتهدئه اضطراب قلب مريم البشري فيتكلم ليشرح لها أن حضوره لن يعد “سريًا”!

في اللحظة التي تصورت فيها مريم أن بحثها عن الله بلغ كماله وشعرت بسلامه يحتويها، جاءت كلمته مفاجئة هزتها بعنف. عندما تكلم تغير كل شيء: واقعها ومستقبلها وعلاقاتها العائلية والاجتماعية. أصبحت أم وسيف سيجتاز قلبها ونفسها.

لكن وبالرغم من الاضطراب الظاهر والمتوقع شعرت بسلام أعمق، أوسع وأغني عند سماع الكلمة فصاحت مريم: “تَبتَهِجُ روحي بِاللهِ مُخَلِّصي” (لوقا 1: 47).

إذا أردت علاقة خاصة مع الله عليك بالاستعداد لقبول كلمة ستغير كل شيء في الحياة. سيحفر داخلك مكانًا لابنه الوحيد. أعلم أن قلبك الصغير والمحدود سيضطرب لحضوره، لكن عندما تترك مكان “لكلمته” ستولد حياة جديدة تملء كل شيء من حولك، أما داخلك فسيتحول إلى الملكوت إلى الأبد لأنه سيسع يسوع ذاته.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.