إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

تأملات تحضيرية للميلاد

1٬541

2- زكريا

“سَتَظَلُّ صامِتاً، فلا تَستَطيعُ الكلامَ إلى يَومَ يَحدُثُ ذلك” (لوقا 1: 20)

الكلمات التي تخرج من الفم تعبر عما في القلب. فالقلب هو إناء قادر على احتواء كنوز ثمينة وخردة لا قيمة لها. تتحرك الشفتين للتعبير عن مكنون القلب عن الرغبات والأفكار والأحكام. وتنطق الشفتين أيضًا بكلام الله وإرادته واحكامه. وفي أحيان كثيرة لا يكون لكلمات الله وتعاليمه التي أنطق بها في عظة أو تأمل لا تأثير لها الناس، لا تمس قلوبهم، لا تنتج ثمار، تكون عقيمة.

أكون كالأخرس، بالرغم من تدافع الكلمات الرنانة من شفتي. كلمات فارغة كالهواء الذي يخرج من الرئتين دون معنى، دون أن يدفع المستمعين إلى الحب والفرح والقوة والتعزية والنعمة، دون أن يعطي حياة لهم.

لماذا تكون كلماتي عقيمة؟ لماذا يخرج مكنون القلب ميتًا دون حياة؟

لأني أخرس!

كان الأمر مؤلمًا لزكريا عندما وجد نفسه غير قادر على الكلام. لكن الصمت نعمة وعطية من الله. من قلبه المتشكك في وحي الله له كيف تخرج كلمات تحمل الحياة للآخرين. كان قادر على النطق فقط بكلمات جوفاء، فارغة، عقيمة لا تحمل حياة لمستمعيها. كلمات سطحية دون قوة روحية، دون نعمة إلهية، دون محبة قدوسة. لنتصور إن زكريا كان قادر على الكلام، فكيف تكون كلماته؟ بالطبع سينطق بما في القلب من شكوك، وإيمان بعجزه وعدم قدرته على فهم رسالة الله الغريبة له.

لكنه أخرس الآن! فقد حفظه الله من نفسه، من أن يعلن شكوكه للعالم، من أن ينطق بكلمات فارغة لا تحمل الحياة والنور للناس.

لم يعطني الله هذه النعمة، أن أكون أخرس كزكريا!

لكنه سمح لي أن أدرك أن كلماتي عقيمة، إن لم إذا لم تنقل الحكمة أو الفرح أو العزاء للآخرين. يسمح لي أن أرى إذا كانت عظاتي ككاهن لا تعطي القوة للقلوب التي يستمعون إليها، إذا لم تضيء محادثاتي مع الناس مسارات جديدة لرحلة إيمانهم، إذا كانت تحيتي لأولئك الذين أقابلهم في الشارع لا تنقل محبة الله.

سأظل أخرس وكلماتي عقيمة متى لم أقبل “كلمته” داخلي واتركها تنمو في صمت إلى أن تخرج يومًا وهي تحمل حياة تنادي يومًا وهي تشير إلى حمل الله قائلة: «هُوَذا حَمَلُ الله!»  

80%
Awesome
  • Design
قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.