إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

كلمات لا أفعال

0 1٬506

مِنْ أَيْنَ لِهَذَا هَذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟ أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ

 عاد المسيح يوما إلى بلدته في الناصرة ودخل المجمع وعلم الجموع فأصبت الناس حيرة فتسألوا: “من أين له هذه الحكمة والقوات؟ أليس هذا ابن النجار؟ ألست أمه تدعى مريم؟ جاءت الأسئلة باندهاش وتهكم لأنهم يعرفونه فقد نشأ بينهم. يعرفون أنه ابن مريم ويوسف النجار فمن أين له هذه الحكمة والقدرة على صنع المعجزات؟

فلنتأمل في هذه الأسئلة:

السؤال الأول: من أين تأتي هذه الحكمة والعجائب؟

في واقعنا المعاش نجد إن هناك انفصال بين هاتين الكلمتين: الحكمة والأفعال!

الحكمة تعني إن الإنسان متكلم لبق ولديه خبرات حياتية جيدة فتكون مجمل آرائه سديدة وحكيمة. أما الأفعال فقد لا تتفق كثيرًا مع ما يقوله، أو هناك صعوبات وظروف مختلفة تمنعه من تطبيق وعيش ما ينادى به من مبادئ وآراء. في حياة يسوع كان هناك تناغم وارتباط بين ما يقوله وما يفعله. لقد سمع الناس تعليم يسوع عن المحبة والعدالة والسلام والمغفرة وغيرها من المبادئ والحكم الرائعة والتي عاشها هو شخصيًا أولاً فكان يجلس مع العشارين والخطأة ويقبل الجميع وعاش مسالمًا وغفر حتى لقاتليه. كل كلمة حكمة نطق بها ارتبطت بفعل عملي في الحياة.

لكن في الواقع الذي نحياه اليوم نسمع الكثير من الآراء الرائعة والمبادئ السامية لكنها منفصلة تمامًا عن الواقع المرير.. كلام كلام دون أفعال.

على تلميذ المسيح أن يدرك إن كل ما ينطق به عليه أن يكون قادر على عيشه في الحياة. 

السؤال الثاني: أليس هذا ابن النجار؟

السؤال الثاني الذي طرحه أهل الناصرة يحمل نبرة إزدراء: أليس هذا ابن النجار فكيف تصدر منه هذه العجائب؟ ابن الحرفي الذي يسكن قريتنا. نظرة متدنية إلى العمل الحرفي الذي هو عمل فنان في الحقيقية. اليوم يُطلق لقب فنان اليوم على المغنيين والرسامين والنحاتين في حين إن في الماضي كان يطلق لقب “حرَفي” على أولئك الصُناع، العاملين بإيديهم. النجار يمتلك حرفة فنية ويكفي تأمل المنتجات الخشبية لتدرك روعة التصميم والفن الذي يتمتع به صانعها.  اليوم ينظر الكثيرين، بنوعٍ من الدونية، لأعمال الحرفيين ولأعمال الصناعات اليدوية الدقيقة.

قديمًا أيضًا كان العمل اليدوي هو السائد في الأديرة وفي أوساط المكرسين والمكرسات. عملوا بإيديهم في المزارع والمستوصفات وغرف الحياكة وغيرها. تبدل الحال اليوم وأصبحت الأديرة عامرة بالعاملين والعاملات وتحول المكرسين والمكرسات إلى “مدراء” ينظمون العمل لجيش من العاملين والعاملات. كان المسيح نجارً، تعلم أن يعمل بيده، وقاسى ثقل العمل اليدوي لسنوات طويلة.

لذا نحتاج إلى مراجعة أشياء كثيرة في وقتنا الحالي.

السؤال الثالث: ألست أمه تدعى مريم؟

تحت الصليب يسلم يسوع البشرية إلى أمه مريم، خاصة تلاميذه مُمثلين في التلميذ الذي كان يحبه. لم يذكر الكتاب اسم التلميذ ليدل على كونه كل تلميذ ليسوع أحبه حبًا خاصًا جدًا، فعهد لأمه مريم أن ترعاه: “فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفاً، قَالَ لِأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ» (يو 19: 26). المكرس الذي لا تكون مريم أمه هو ليس بتلميذ ليسوع. لذا فعلاقة المكرس والمكرسة بمريم يتوجب أن تكون خاصة جدًا، يحملها دائمًا لبيته، في مسكنه الخاص، في قلبه: ” ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ” (يو 19: 27). هي خاصة المكرس وأمه.

قد يعجبك ايضا
اترك رد