إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

بنت النور

0 95

نجتمع أخوتي هذا الصباح لنزف جميعًا الأخت فلومينا، كعروس لعريسها، في ارتباط أبدي لا ينحل أبدًا. أقدم تهنئتي في البداية للأخت الفاضلة فلومينا لأجل تكريسها الدائم للرب، وأحييها على قراراها الشجاعة والذي يبدو غريب بالنسبة للبعض أن تقرر أن تقرر تكرس ذاتها، جسدنا وروحًا ونفسًا للرب على مثال مريم العذاراء الطوباوية وتلميذتها القديسة كلارا.  لنفرح ولنبتهج مع العروس التي اختارتها في يوم فرحها أن تقول مع أشعيا النبي: “أُسَرُّ سُروراً في الرَّبّ وتَبتَهِجُ نَفْسي في إِلهي لِأَنَّه البَسَني ثِيابَ الخَلاص وشَمِلَني بِرِداءِ البِرّ”.

اسم فلومينا في اللغة اللاتينية يعني “بنت النور” أي شعاع من مصدر للنور. يكفي شعاع النور أن يُضيئ ويكشف لنا الأشياء. يعلن إنجيل يوحنا إن هناك رجل مرسل من الله اسمه يوحنا “جاءَ شاهِداً لِيَشهَدَ لِلنَّور فَيُؤمِنَ عن شَهادتِه جَميعُ النَّاس. لم يَكُنْ هو النُّور بل جاءَ لِيَشهَدَ لِلنُّور”. كان يوحنا المعمدان شاهدًا للنور، واليوم لدينا شاهدة آخرى وهو فلومينا التي أختارت أن تكون “بنت النور” والبنت تحمل صفات أبيها، تكرس فلومينا حياتها لتعيش معنى اسمها، أن تكون شاهدة للنور، بنت أبيها النور الحقيقي الآتي للعالم.

يقول يوحنا: الكلمة هو “النُّورُ الحَقّ الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان آتِياً إِلى العالَم”  هو نفسه أعلن إنه نور العالم من يتبعه لا يمشي في الظلام، بل يكون له نور الحياة. هو النور وأنت أختى الفاضلة مدعوة لتكوني “بنت هذا النور الأزلي”.

  1. احرصي أن تبقي دائمًا في النور

يقول يسوع في انجيل القديس يوحنا: جِئتُ أَنا إِلى العالَمِ نوراً فكُلُّ مَن آمَنَ بي لا يَبْقَى في الظَّلام (يو 12: 46). احرصي أن تبقي في النور كل يوم من أيام حياتك. والإيمان وحده هو الذي يجعل الإنسان في نور دائم. انشغال الإنسان عن الله يجعله يبعد عن النور ويدخل في ظلام. عندما ضرب الله فرعون بالظلام، يقول الكتاب، كان ظلام دامس على أرض مصر ثلاثة أيام، لم يبصر أحد أخاه ولا قام أحد من مكانه ثلاث أيام، ولكن جميع بنى إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم (خر 10/21- 23). احرصي على أن تكوني دائما في النور جالسة مثل مريم أخت لعازر عند قدميه. تكريس حياتك للصلاة في رهبنة القديسة كلارا، يعبر عن رغبتك في أن تكوني قريبة من النور الحقيقي الآتي لهذا العالم. تمسكي بهذه الرغبة كل يوم من أيام حياتك، تذكري إنك فلومينا، بنت النور، مدعوة لأن تكون شاهدة للنور، كما كانت القديسة كلارًا منيرة عكس نور المسيح للعالم أجمع.

  • لا تخافي الظلام أبدًا

لكي تكوني بنت النور فلا تخافي الظلام أبدًا. الأصل هو كما يعلمنا بولس الرسول إننا أبناء النور: “لأَنَّكم جَميعًا أَبناءُ النُّورِ وأَبناءُ النَّهار. لَسْنا نَحنُ مِنَ اللَّيلِ ولا مِنَ الظُّلُمات” (1تس 5: 5). لكن تأتي أوقات يكون يسود ظلام مؤقت حياة المكرس فالجميع بشر ضعفاء. علينا أن نتمسك بالنور ولا نخاف الظلام لأنه مؤقت وغير دائم وسيعبر سريعًا. لكي نكون في النور الدائم يجب أن لا نخشى الظلام حتى لو حل في حياتنا، سيسطع النور من جديد. لقد سمعنا في إنجيل اليوم قصة حبة الحنطة التي تعطي ثمر فقط عندما تقع في الأرض. عندما تسقط وتدفن البذرة تُحرم من الضوء وحتى الهواء. هي مرحلة فقط لكنها ستنمو وتظهر الساق فوق سطح الأرض وفي النهاية تأتي بثمر كثير. لا يجب أن نخشى الظلام، فهو مؤقت وليس دائم.

لا تخافي إذا كان يسوع الذي يدعوكي اليوم من الممكن أن يبقي صامتا غدّا، من الممكن أن يختفي من أمام عيونك فتقولي أين أنت يارب؟ لكن ثقي أن الله سيكون معي دائمًا، فانت ليس وحدك أبدًا.  خاف التلاميذ يوما عندما اشتدت الأمواج ولطمت السفينة التي يستقلونها، وكادت تغرق. كان الليل مظلم ورأوا رجل يمشي على المياه كانه شبح، قال لهم “ثقوا أنا هو، لا تخافوا”. ولكي يتأكد التلاميذ بأنه المسيح وليس خيالاً طلب منه بطرس أن يأمره ليأتي نحوه على الماء، ففعل ولكنه بعد أن مشى بعض الخطوات على البحر خاف من شدة الريح فأخذ يغرق فصرخ: “يا رب، نجنيّ”. لا تخافي أبدًا من الظلام، هو النور وأنت ابنته، هو معك كل أيام حياتك:الرَّبُّ يَحرُسُكَ في ذَهابِكَ وإِيابِكَ مِنَ الآنَ وللأبدِ (مز 121: 8).

  • لاتخافي أن تتخلي عما هو ضروري

تتخلى حبة الحنطة عما هو ضروري كالهواء والضوء لأجل أن تعطي ثمرًا كثيرًا. يقول يسوع: “مَن أَحَبَّ حياتَهُ فقَدَها ومَن رَغِبَ عنها في هذا العالَم حَفِظَها لِلحَياةِ الأَبَدِيَّة”. أحب حياته، أي الذي يفكر في نفسه فقط. ماذا يحدث لحبة القمح التي ترفض أن تسقط على الأرض؟ إما أن يأتي بعض الطيور وتنقرها، أو تذبل وتتعفن في زاوية رطبة، أو تتحول إلى دقيق للأكل وينتهي كل شيء. لكن البذرة التي تسقط، التي عندها الاستعداد لكي تُحرم من الهواء والضوء التي تحتاجها كل النباتات، هي فقط التي تنمو وتزدهر وتعطي ثمرًا كثيرًا.

اليوم تنذرين نذور ثلاث بإرادتك الشخصية، تعلنين أنك تتخلي طواعية عن مايسعى إليه جميع الناس: تنذرين العفة الدائمة وتتخلين عن الونس مع رفيق للحياة، عن رباطات الزواج وتعلني أن استعدادك لتكوني عروس المسيح. اليوم يقول لك إلهك ذات الكلام الذي قاله في سفر هوشع لكل نفس بشرية: “وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي إِلَى الأَبَدِ، أَخْطُبُكِ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ وَالإِحْسَانِ وَالْمَرَاحِمِ. أَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالأَمَانَةِ فَتَعْرِفِينَ الرَّبَّ” (هو 2: 19- 20). تطلبين الفقر عكس الجميع الذين يرغبون في تامين الحياة، أما أنت فتعدي كل شيء خسرانا لأجل المسيح. تتخلين عن إرادتك الشخصي وتعلين طاعتك للكنيسة ولرهبنة الكلاريس مدي الحياة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد