إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

عيد القديسة ريتا

0 63

ما سر هذه الشعبية الكبيرة للقديسة ريتا؟ لماذا يطلبها الجميع هل لأجل المعجزات الباهرة التي مازالت تتحقق حتى اليوم مع آلاف البشر؟ عندما سُل البابا يوحنا بولس الثاني عن سر شعبية القديسة ريتا، قال: ليس بسبب المعجزات، لكنها بسبب “الحياة الطبيعية” تماما التي عاشتها القديسة، كشابة وزوجة وأم، ثم كأرملة وأخيرًا كراهبة. يجد كل إنسان حياته فيها:

  • عندما كانت شابة تعرضت لضعوط عائلية كثيرة جدًا وأُجبرت على أن تتخلى عن حلمها بأن تصير راهبة وتم تزويجها رغمًا عنها. كل شاب وكل فتاة تجبرهم الظروف العائلية ووضع المجتمع في أن يُجبروا عن السعى وراء طموحاتهم يجد نفسه في حياة القديسة ريتا. بالرغم من تحطم الأحلام من الممكن أن تكون قديس
  • في زواجها عانت من قسوة الزوج ولكنها تحملت كل هذا بصبر وطول آناة. تكون الصعوبات الزوجية أحيانا عائق أمام سعينا إلى القداسة، كيف يسمح الله لنا بتحمل هذا الإنسان، أو العيش في هذه الأسرة. لكن ريتا لم تمنعها الصعوبات من أن تكون قديسة.
  • عندما توفي الزوج في حادث قتل ورغب الأبناء في الانتقام، تحملت الظروف الجديدة وسعت لأجل أن لا ينتقم الولدان لمقتل أبيهما. طلبت أن لا يسمح الله بارتكاب الخطيئة. مرض الولدان وتوفيا. ما أقسى آلام موت أحد الأبناء لكنها تحملت وأصبحت قديسة.
  • حتى في مرحلة حياتها الأخيرة رفضت من الرهبنة ثلاث مرات، ثم بمعجزة دخلت الدير وهناك استكملت آلامها حتى اصابتها بتلك الشوكة في رأسها. في النهاية أصبحت قديسة.

أنت كمان مدعو إن تكون قديس: “لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ».” (1 بط 1: 16). هل ممكن أن أكون قديس في ظل ظروف الصعبة؟ نعم تقدم القديسة ريتا روشتة من ثلاث خطوات:

الأولى: الاتحاد بالكرمة

يقدم لنا الإنجيل مثل الكرمة والتي فيها تتحد الأغصان بالكرمة. تعيش الأغصان وتمتلئ بالثمار متى كانت متحدة بالكرمة. حياة الغصن فسببها سريان العصارة الحية من جذع الكرمة إلى كافة الأغصان، وبدون تلك العصارة فلن توجد حياة للأغصان. أما العصارة الحية فهي جسد الرب ودمه الأقدسين، اللذان عليهما تقوم كل حياتنا، وبدونهما نصبح متغربين عن حياة الكرمة. يقول المخلص: “مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ (يوحنا 6: 56)، نلاحظ الكلمة يثبت فيّ، لم يقل سأكون معه، لكن يثبت، فكما أنه إذا تمَّ عجن قطعة من الشمع بقطعة أخرى وتمَّ تسخينهما معًا بالنار، ينتج منهما قطعة شمع واحدة، هكذا أيضاً بتناولنا من جسد المسيح ودمه الكريم، يكون هو فينا ونحن فيه، ونصير واحداً معه.

عندنا نثبت فيه وهو يثبت فينا، عندما تصل إلينا العصارة الحية وقتها يمكن أن نعطي ثمر. لا تَستَطيعونَ أَنتُم أَن تُثمِروا إِن لم تَثبُتوا فيَّ… إِذا ثَبَتُّم فيَّ وثَبَتَ كَلامي فيكُم فَاسأَلوا ما شِئتُم يَكُنْ لَكم (يو 15: 5؛ 7). متى ثبت في الكرمة فإن محبة المسيح ستتدفق كعصارة داخلك فيعمل من خلالك:  رأت يومًا رجلاً فقيرًا في الشتاء يرتجف من قلة الملابس. وعلى الفور خلعت رداء صوف يحميها من البرد وتعطيها للرجل.

الخطوة الثانية: لا تستعجل أن تكون مثمرًا

عند زراعة شجرة العنب فهي تنمو ببطء شديد، تمر السنة الأولى وتكون عودًا أخضر ضعيف، وتنمو في السنة الثانية وتعطي ثمرًا صغيرًا لا يؤكل، وتبدأ مع السنة الثالثة في إعطاء ثمر جيد. لكنها تبقي في الأرض حتى 100 عام تقريبًا تعطي ثمرًا بانتظام. ليس هذا فقط بل لابد للكرمة أن تتعرض للتقليم في فصل الربيع، تبدو مجروحة وضعيفة لكنها تمتلئ بالثمار في الخريف.

هكذا يعلم يسوع في انجيل اليوم: “لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَذهَبوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم فيُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي” (يو 15: 16). أن تكون الحياة مثمرة على الأرض شيء جيد، لكن أن يأتي الثمر متأخرًا ولكنه يبقي لسنوات وسنوات هي معجزة القديسة ريتا الكبرى. فلنتعلم الصبر فهو ثمرة من ثمار الروح. في مثل الزارع الأرض الطيبة تمثل: “الَّذينَ يَسمَعونَ الكَلِمَةَ بِقلبٍ طَيِّبٍ كَريم ويَحفَظونَها، فَيُثمِرونَ بِثَباتِهم” (لو 8: 15).

هل تعلم إن القديسة المحبوبة من كل الشعب والأكثر تبجيلا في العالم الكاثوليكي، لم تعلن قداستها إلا بعد 453 سنة من وفاتها. أغلب القديسين بعد سنوات قليلة، فالبابا يوحنا بولس الثاني والأم تريزا أعلنت قداستهم بعد 5 سنوات فقط، ويحمل لنا التاريخ الكنسي أن القديس أنطونيوس البدواني أعلنت قداسته بعد عام واحد فقط من وفاته. حتى ثمار القديسة ريتا لم يحظى بها العالم إلا بعد سنوات طويلة، كالكرمة التي تبقي في الأرض لسنوات حتى أن تعطي ثمرًا.

الخطوة الثالثة: كن فرحًا بالرغم من كل شيء

يقول الرب”قُلتُ لَكم هذهِ الأشياءَ لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامّاً” (يو 15: 11). وعلى الرغم من المعاناة المريرة الناجمة عن جرح الشوكة في الرأس، إلا أنها كانت دائما ممتلئة بالفرح. أنا لا أتحدث فقط عن المعاناة الجسدية فقط، بل أيضًا عن الإهانات الأخرى المرتبطة بهذا الجرح. نقرأ في شهادات الناس«أن الجرح أصبح قرحة مقززة حتى أن القدس أصبحت محتقرة من الراهبات الأخريات، اللاتي أطلقن عليها بلغة الفلاحين اسم Rita lercia والتي تعني ريتا القذرة.. لكن ريتا كانت مشتعلة بفرح الرب بالرغم من كل شيء وكانت ترغب فقط في الاقتداء به الذي سخر منه الجند عند صلبه.

وعلى الرغم من المأساة والآلام التي رافقت أحداث حياتها، «لقد كان الفرح في قلبها وتعمل على نشره لمن حولها… لقد نشرت، في الواقع، فرح الغفران السريع والسخي، السلام الذي أحبته وسعت إليه باعتباره الهدف الأسمى، للمحبة الأخوية الصادقة، والثقة البنوية الكاملة بالله، والصليب المحمول مع المسيح ومن أجل المسيح.

قد يعجبك ايضا
اترك رد