إنه عدَني ثقة فأقامني لخدمته

هدنة سلام وسط المعركة

987

“سلامًا أترك لكم، وسلامي أُعطيكُم” (يوحنا 14: 37)

نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية في عشية عيد الميلاد من العام 2014 مقالة تبعث على التساؤل: كيف يمكن أن نشعر بالسلام؟ فأفرجت الصحيفة، لأول مرة، عما حدث في ليلة الميلاد عام 1917 واعتبرته أكثر المشاهد غرابة في العالم.

كانت الحرب العالمية الأولى دائرة بين الألمان والإنجليز، وفي عشية عيد الميلاد حل سلام لفترة وجيزة بين الجنود المتقاتلين بضراوة، خرج أحد الجنود الألمان ملوحًا بذراعيه ومتوجهًا نحو المعسكر الإنجليزي، في الصباح الباكر، وقبل أن يطلق الجنود الإنجليز النار عليه، خرج ثلاثة جنود من خندقهم وساروا في اتجاه خندق الجيش الإنجليزي. لم يحمل هؤلاء الجنود أسلحة فقط طلبوا هدنة سلام لكي يحتفلوا معًا بعيد الميلاد المجيد. بسرع خرج جميع المقاتلين من الجانبين وراحوا يتصافحون ويتمنون لبعضهم عيدًا ميلادًا سعيد. تم تبادل بعض الرجال السجائر والتواقيع التذكارية والتقط البعض الآخر صورًا مشتركة، ولعبوا مبارة في كرة القدم صنعوها من القماش.

كانت هذه الهدنة غير العادية مرتجلة تماماً. لم تكن هناك أي ترتيبات مسبقة.

في كل مرةٍ ظهر يسوع لتلاميذه بعد القيامة قال لهم “السلامُ لكم”. صار السلام ممكنًا عبر اتحاد عميق بمشروع الله. فالسلام الحقيقي يرتبط بشخص يسوع، فهو رئيس السلام. السلام الذي يعطيه يسوع هو عطية مجانية، ويختلف كل الاختلاف عن السلام الذي يحمله العالم، لا مكان فيه للاضطراب والخوف.

لنتامل في حياة العذراء المضطربة للغاية منذ بشارة الملاك: تحولت إلى متهمة في نظر الناس وفي نظر يوسف فأراد تخليها سرًا. عند ولادة الطفل لم تجد مكانًا فولدت ابنها البكر ووضعته في مذود للبقر. وعند تقدمته في الهيكل في يومه الثامن، عوضًا عن الفرح به وبتقدمته للرب، قال لها سمعان: “وأمَّا أنتِ، فسَيفُ الأحزانِ سَينفُذُ في قلبِكِ” (لوقا 2: 35).

هل يمكن أن نتصور حياتها المضطربة وخوفها المستمر على ابنها وهي تختبئ وتهرب من قرية إلى أخرى أمام جنود يطلبون حياته. هل نتصور صدمتها الشديدة وهي متلهفة تبحث عنه لثلاث أيام كاملة وعندما تجده يقول لها الصغير: “ولِمَ بَحثتُما عَنِّي؟

وبالرغم من كل هذا كانت تملك السلام لأنها لم تنسى أبدًا كلام الملاك لها: “السّلامُ عليك أَيَّتُها الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ”. عرفت العذراء أن المولود منها هو : “الـمَولودُ قُدُّوساً وَابنَ اللهِ يُدعى”، حتى إذا تعرضت لمضايقات واضطهادات فهو رئيس السلام: “إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ” (مزمور 27: 3).

إذا كنت مضغوط، مرهق، تّعب تحتاج إلى سلام فابحث في علاقتك مع رئيس السلام الذي يمنح وحده السلام الحقيقي.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.